هناء الشلبي .. وموقفنا من إضرابها / عبد الناصر فروانة

  هناء يحيى الشلبي .. أسيرة فلسطينية تبلغ من العمر حوالي تسع وعشرين عاماً من بلدة  برقين قضاء جنين شمال الضفة الغربية ، سبق وأن أمضت أكثر من عامين في الاعتقال الإداري ، قبل أن تتحرر ضمن الدفعة الأولى من صفقة تبادل الأسرى " وفاء الأحرار " في الثامن عشر من تشرين أول / أكتوبر من العام الماضي .


هناء .. أعيد اعتقالها في السادس عشر من شباط / فبراير الجاري بعد مداهمة منزلها والعبث بمحتوياته ، ومن ثم التنكيل بها والإعتداء عليها وإذلالها ومعاملتها بقسوة ، والمساس بكرامتها وإجبارها على التفتيش العاري والزج بها في زنازين سجن " هشارون " الإسرائيلي ..


 ومنذ اللحظات الأولى لإعتقالها أبلغت من قبل السجانين بأن سلطات الإحتلال أصدرت بحقها قراراً إدارياً بالاعتقال لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد ، وبدون تهمة أو محاكمة  .


 


هناء .. لم تستسلم للواقع المرير وما تعرضت له من إهانات وإذلال ومعاملة وحشية خلال استجوابها في معتقل سالم يوم اعتقالها ، واستقبلت قرار الاعتقال الإداري بالإعلان عن إضراب مفتوح عن الطعام ، لتفتح بصمودها  وجوعها وأمعائها الخاوية ثلاثة ملفات رئيسية :


 


الملف الأول: ما يصاحب الاعتقال من إجراءات تعسفية واستفزازية ، وما يتعرضن له الأسيرات من تعذيب جسدي ونفسي ومعاملة قاسية ولا إنسانية واذلالية تمس كرامتهن أثناء الاعتقال وخلال الاحتجاز في زنازين العزل الانفرادي ، مما يسلط الضوء على معاناة الأسيرات بشكل خاص .


 


 


الملف الثاني : ولأن " هناء " هي واحدة من الأسيرات اللواتي تحررن في إطار صفقة التبادل الأخيرة ، فهي تفتح بإضرابها ملف استهداف محرري صفقة " وفاء الأحرار " وإعادة اعتقال بعضهم من جديد من قبل سلطات الاحتلال ، في انتهاك فاضح لبنود الصفقة وما تم الاتفاق عليه من قبل كافة الأطراف المعنية ، مما يتطلب من الشقيقة مصر التدخل لضمان إطلاق سراح الأسيرة " هناء " ووضع حد لاعتقال محرري صفقة التبادل وضمان عدم إعادة اعتقالهم إدارياً ، كما ويجب على محررى صفقة التبادل ممن لم يُطلهم الاعتقال بعد ، الوقوف بجانبها ، لأنها تدافع عن قضيتهم ، وأن الصمت سيدفع قوات الاحتلال بالاستمرار في استهدافهم وإعادة اعتقالهم إدارياً استناداً لما يسمى " الملف السري "  .


 


الملف الثالث وهو الأبرز : بإضرابها عن الطعام احتجاجاً على اعتقالها إدارياً إنما هي بذلك تسير على خطى الأسير " خضر عدنان " الذي فتح ملف الاعتقال الإداري بقوة وخاض إضراباً عن الطعام لمدة ستة وستين يوماً متواصلة ، وهي تُصر كذلك على أن تُبقي ملف الاعتقال الإداري مفتوحاً أمام الجميع وعلى كافة المستويات ، لا سيما أمام  المؤسسات والشخصيات التي تُعنى بحقوق الإنسان في العالم أجمع .


 وتسلط الضوء مجدداً على معاناة ( 309 ) معتقلاً إدارياً في السجون والمعتقلات الإسرائيلية بينهم ( 24 ) نائباً يتقدمهم د.عزيز دويك رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني وعدد من القيادات السياسية والمجتمعية ونخبة من الكتاب والمثقفين والإعلاميين ، على أمل أن تحقق المزيد من الانتصارات والإنجازات لتضيف إلى ما حققه الأسير خضر عدنان وتراكم على ما تحقق .


 


ويضيف فروانة في مقالته : هناء .,. مجاهدة تتلمذت في مدارس حركة " الجهاد الإسلامي " وتفولذت بين أزقة برقين وشوارع جنين القسام ومعارك البطولة ، وتخرجت من جامعات السجون ، متسلحة بإرادة قوية ، وعزيمة لا تلين ، مسترشدة بتجربة الأسيرة " عطاف عليان " التي سبق وأن أضربت عن الطعام في أيلول / سبتمبر عام 1997 لمدة أربعين يوماً متواصلة إحتجاجاً على سياسة الاعتقال الإداري .


 وماضية على نهج الأسير " خضر عدنان " ، لتُقدم لنا نموذجاً فردياً جديداً ورائعاً في الصمود والإصرار .


" هناء الشلبي " .. الآنسة المجاهدة التي تخوض إضراباً عن الطعام منذ أربعة عشر يوماً ، تًصر على المضي قدماً في إضرابها صوب تحقيق هدفها الرئيسي المتمثل بإنهاء سياسة الاعتقال الإداري ، أو على الأقل جزءاً منه ، لتضيف انتصاراً جديداً لما حققه الأسير خضر عدنان من انتصارات ، وهي بذلك تحرجنا وتثير فينا مشاعر الخجل لقصورنا ، ممزوجة بمشاعر الفخر والاعتزاز بصمودها وإصرارها ، الأمر الذي يدفعنا دائما للتضامن معها والالتصاق بها والدفاع عنها ومساندتها ونصرتها بكل الوسائل المشروعة .


هناء .. الأسيرة والمجاهدة ( لا ) يمكن أن تحقق هدفها ، أو أن تسجل انتصارا على إدارة السجون الإسرائيلية إلا إذا وقفنا معها وبجانبها ، وخلعنا ثوب الحزبية والفئوية وتوحدنا خلف قضيتها ، وارتقينا بمستوى فعالياتنا وخطواتنا النضالية داخل السجون وخارجها .


هناء ..  خير من جسد مقولة الشهيد غسان كنفاني " الإنسان قضية " ، وهي تمثل قضيتنا وتعكس معاناتنا وجرحنا، لذا وجب دعمها ومساندتها ، بغض النظر لأي تنظيم أو حركة تنتمي ، فهي ( لا ) تمثل قضية فئوية أو حزبية أو شخصية ، وإنما قضية إنسانية ووطنية ذات بُعد عربي وإسلامي .


وآمل من الشعوب والحكومات العربية والإسلامية ووسائل الإعلام المختلفة ، ونشطاء شبكة التواصل الاجتماعي " الفيسبوك "  المساهمة في مساندة الأسيرة " هناء " وفي دعم الأسرى وقضاياهم العادلة .


 


خضر عدنان .. لم يكن بالإمكان وحده أن ينهي سياسة " الاعتقال الإداري " ومخطئ من كان يعتقد غير ذلك ، لكنه حقق انتصارات عدة وأسس بتقديري لمرحلة جديدة وأنجز ما كنا نبحث عنه ونسعى لانجازه في إثارة ملف الاعتقال الإداري على المستوى الدولي ، ليضع المجتمع الدولي أمام امتحان أخلاقي وإنساني .


 وأعاد لقضية الأسرى جزء من بريقها على المستويين الرسمي والشعبي ، العربي والإسلامي ، وجاءت " هناء " لتكمل المشوار وتراكم الإنجازات والانتصارات ، على أمل أن نصل إلى وضع يسمح لنا ويمكِّننا من تحقيق الانتصار الكبير والمأمول .


 


لذا علينا أن نبدأ من حيث انتهى الشيخ " عدنان " على كافة المستويات والصعد ، وأن نراكم على ما تحقق ، وعلى الجميع أن يتحمل مسؤولياته الوطنية والإنسانية ، خاصة وأنها تتعرض لإجراءات تعسفية وقمعية لإجبارها على فك إضرابها ، ومؤخراً تم نقلها إلى قسم الجنائيات في سجن هشارون مما سيعرضها للكثير من المضايقات والاعتداءات اللفظية ولربما الجسدية ، في ظل تدهور وضعها الصحي  .


 


لذا نعبر عن بالغ قلقنا على حياة الأسيرة " هناء الشلبي " ونحمل سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياتها ، ونطالب المجتمع الدولي بالتدخل لإنقاذ حياتها وضمان الإفراج عنها .


 


وفي الختام رسالتنا إلى ذويها نقول لهم " هناء " بنتنا وشقيقتنا وهي واحدة من الأسيرات اللواتي نحترم نضالاتهن  و نفخر بهن ، ولن نتركها لوحدها تقارع السجان ، فإننا أعلنا وفي أكثر من مناسبة عن تضامنا معها ووقوفنا بجانبها ، كما لن نترككم وحدكم في الميدان ، فسنكون دوماً بجانبكم ومعكم ، إلى أن يتحقق النصر ، واصبروا وصابروا إن الله مع الصابرين ، و" هناء " ستنتصر وسننتصر بها ومعها بإذن الله  .


 


عبد الناصر فروانة


أسير سابق ، وباحث مختص في شؤون الأسرى


مدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين في السلطة الوطنية الفلسطينية


عضو اللجنة المكلفة بمتابعة مكتب الوزارة بقطاع غزة

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت