عندما يخرج الرئيس الفلسطيني ويقول إن السلطة لا تمتلك الحد الأدنى من السلطة تحت الاحتلال، يتعرض للوم أحيانا وللسخرية في أحايين أخرى، ومثل هذه التصريحات يعتبرها قادة الكيان الصهيوني وفي المقدمة كبيرهم، تحريضية ولا تساعد على ترسيخ مفهوم أو مفاهيم الأمن والسلام التي تم التعاقد عليها في أوسلو وغير أوسلو. وكأن ما ترتكبه العصابات الصهيونية في فلسطين، ممثلة بقطعان المستوطنين وعناصر جيش الاحتلال، ليست سوى ممارسات إنسانية ملتزمة تماما وملتحمة مع كل ما تم التوقيع عليه من تفاهمات لإشاعة مفاهيم الأمن والسلام في المنطقة،لا بل تهدف إلى الوصول لحل "عادل" للصراع الفلسطيني الإسرائيلي ينتهي بإعطاء الفلسطيني حقوقه كاملة دونما أي انتقاص.
ما قامت به قوات الاحتلال ضد محطتي وطن والتربوي، لا يمكن أن يصنف إلا تحت بند الإرهاب، وهو في هذه الحالة إرهاب دولة ممنهج تمارسه دولة مارقة خارجة عن القانون محمية من قوة عظمى شبيهة لها في النشأة والأهداف، تقوم على توفير ما تحتاجه قرينتها المارقة في المحافل الدولية، تتمثل في الولايات المتحدة الأمريكية التي قامت أيضا بنفس الطريقة على أشلاء شعب تم القضاء عليه واستئصاله من جذوره.
دولة الاغتصاب،وبعد ما يزيد على عقود ستة من إنشائها على ارض الشعب الفلسطيني من خلال مؤامرات تورطت بها جهات دولية وإقليمية وعربية بشكل خاص، لا زالت تعتقد أنها ومن خلال ما تمتلكه من عناصر وبطش وقوة، يمكنها أن تقوم بما تشاء، وانها سوف تتمكن من تركيع الشعب الفلسطيني، علما بان هذا الشعب اثبت انه غير قابل للتركيع بغض النظر عن بعض الهنات أو السقطات في هذه المرحلة أو تلك، إلا انه وفي كل مرة يخرج اصلب عودا واشد إصرارا وأكثر تصميما على نيل حقوقه التي أقرتها كل الأعراف والشرائع الأممية.
إذا كانت كلمات الرئيس الفلسطيني في بعض المحافل هي مخالفات صريحة وخطابات تحريضية، فماذا يمكن ان تسمى اعتداءات عصابات الكيان الصهيوني المتكررة وغير المحدودة والتي لا يوقفها رادع سوى انها جرائم مبرمجة وممنهجة، تقف ورائها دولة بكل مؤسساتها العنصرية وقادتها الغارقين بالفكر العنصري الإرهابي "السلفي اليهودي".
جرائم عصابة الدولة "الديمقراطية" في الأراضي المحتلة، ليس فقط مخالفة لكل القوانين والشرائع، لكنها مخالفة لكل ما يتشدق به رئيس العصابة الاحتلالية عن الاتفاقات والتفاهمات، فهو وجيشه يقوم بكل ما يمكن من اجل الضغط على الطرف الفلسطيني قيادة وشعبا من اجل التخلي عن الحقوق المشروعة لهذا الشعب، وهو من يوفر الغطاء لعصابات المستوطنين واستباحة الأراضي وسرقتها، لا بل يقوم بتوفير كل ما يلزم لهؤلاء من حماية وتغطية لأعمالهم الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني.
اقتحام محطتي التلفزة في رام الله، لن يكون الأخير ضمن مسلسل الجرائم التي ارتكبتها عصابات الإجرام منذ قيام الكيان على الأرض الفلسطينية، وجريمة اقتحام المحطتين تعتبر "هينة وبسيطة" إذا ما تمت مقارنتها بجرائم العصابات الصهيونية التي لا تعد ولا تحصى، ابتداء مما ارتكبته في مرحلة ما قبل مجزرة دير ياسين، مرورا بقبية وذبح الأسرى المصريين، ومدرسة بحر البقر ومجزرة قانا والحروب المدمرة على لبنان في أكثر من مناسبة، وعلى العراق وسوريا وحتى في السودان وغيرها، وانتهاء بحربها الإجرامية على قطاع غزة وما بعدها من جرائم يومية ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.
التصريحات التي حاولت عصابات الدولة المارقة سوقها من اجل تبرير جريمتها ضد المحطتين لم تكن مقنعة وهي مدانة ومستنكرة، خاصة وان دولة الاغتصاب ظلت تمارس إجرامها طيلة عقود بدون أدنى سبب أو مبرر،لا بل ان أصل قيامها ونشأتها ضمن مجمل التبريرات التي سيقت لإنشائها كانت وستبقى محل تساؤل.
لا يمكن بحال من الأحوال فصل هذه الجريمة عن مجمل الجرائم الصهيونية التي تمارس على الأرض الفلسطينية يوميا، والتي تشمل القدس وتهويدها وإقامة المستوطنات وسرقة الأراضي، هذا عدا عن جرائم الاحتلال الأخرى اليومية والتي تتمثل في الاغتيالات في غزة والإبقاء على حصارها للقطاع وسياسة الاعتقالات والاقتحامات في الضفة الغربية.
جريمة دولة الاحتلال تعتبر جريمة أخرى تضاف إلى سجلها الإجرامي المستهتر بحقوق الآخرين، وهي ليست ببعيدة عن العقلية العنصرية البغيضة التي تحكم القائمين على قيادة النظام العنصري في تل أبيب، وهي تكشف زيف الادعاءات الصهيونية عن ديمقراطية دولة الاحتلال التي طالما تشدقت بها العصابات الصهيونية وهي محاولة بائسة ويائسة تهدف إلى إسكات أصوات الحقيقة التي تنادي بالحرية لفلسطين وشعب فلسطين.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت