أحداث ترسم بداية لنهاية الانفاق/شيرين السيقلي

قد يخالفني الرأي، فئة من الناس، لمصالح هنا وهناك، أنفاق حفرت في فترة زمنية، لحاجة ماسة لسكان قطاع غزة، ولحصار مفروض عليه منذ عام 2006، ذاك الحصار الذي ازداد شده منذ سيطرت حماس على قطاع غزة، حيث أزمة الغذاء والدواء والوقود التي استشرت في جميع القطاعات.

وامتازت الانفاق بترخيص من الحكومة في غزة، حيث أصبحت الانفاق أمر واقع لا بديل له في حياة سكان القطاع، كونها المنفذ الوحيد لإدخال البضائع والحاجيات الاساسية منذ فرض الحصار، فشكلت الحكومة في غزة، بما يعرف بدائرة "لجنة الانفاق"، والتي أشرفت على الانفاق وأصبحت الآمر الناهي بكل ما يتعلق بتلك الانفاق وفرض الضرائب وجبايتها على كل ما يدخل أو يخرج، سواء كانت البضائع مواد غذائية، سيارات حديثة أو غيرها.
وبدأت الاوضاع تتلحلح قليلاً، خاصةً بعد أحداث سفينة مرمرة التركية، حيث فتح معبري رفح وكرم أبو سالم البري بشكل جزئي، وأصبحت البضائع تدخل القطاع سواء مواد غذائية، سيارات أو غيرها، وحظر دخول بعض البضائع كمواد البناء (حصمه– حديد -اسمنت)، حيث مازالت اسرائيل تمنع دخولها حتى الان، ولكنها تدخل عبر الانفاق وإن كانت بكميات محدودة.

ولكن !!!!
للأسف أصبحت الانفاق ملاذا لتهريب الاشياء الممنوعة " مخدرات، سجائر وسيارات مسروقة"، فبعد أن كانت الانفاق هي السبيل الوحيد لإدخال البضائع والحاجيات الضرورية لقطاع غزة، أصبحت مكان لتهريب المخدرات بأنواعها والترمال وهو صنف متداول بشكل تدمع له القلوب في القطاع، وعلى الرغم من الجهود المبذولة من دائرة مكافحة المخدرات والحملات التي تقوم بها الحكومة، إلا ان هذا لا يكفي مقابل المحاولات الحثيثة لذوي النفوس الضعيفة، التي تحاول دون كلل عن تدمير شعبنا وأبناءه، بترويج المخدرات والترمال وبأسعار سهلة المنال فلا يخلو حفل للشباب بدونه.

لقد سمعت كثيرا عن تهريب المخدرات في وسائل الاعلام ولكن فاجعتي كانت أكبر، عندما شاهدت بعيني طفل صغير لا يتعدى عمره "13عاما"، أمام محكمة البداية بتهمة تعاطي وتجارة المخدرات، وأخرى، سيدة يناهز عمرها "45عاما"، متهمة بتجارة المخدرات، وحالات أخرى، فالمحاكم تعج بمثل هذه القضايا، وكنا نرى هذه المشاهد في المسلسلات المصرية ولكنها الان بغزة.
من المستفيد من تدمير أبناء شعبنا؟
ومن المسؤول عن حمايتهم؟

ها هي الانفاق وما تجلبه لنا الان، لم تقف أضرار الانفاق عند هذا الحد بل وأكثر، وتهريب السجائر (الدخان)، الذي أصبح بأسعار زهيدة وفي متناول الجميع، فنهاك صنف يباع بسعر (4 علب بـ 10 شيقل)، وآخر يباع بسعر(3 علب بـ 10شيقل)، فمنذ فترة وجيزة، رأيت طفل في العاشرة من عمره أي بالصف الرابع الابتدائي تقريبا، وإذا به يختبئ خلسه هو وثلاثة من رفاقه أمثاله بالعمر، خلف سور المدرسة، ومعهم علبة سجائر يدخنون منها، فرخصها الفاحش ساعد على رواجها بين الاطفال.
واه مصيبتاه !!!!

أصبحت السجائر في متناول الاطفال بسهولة وبأسعار هينة على مصروفهم البسيط !!!!!
هذه السجائر التي تعم القطاع وتدمر أبناءه وتهدد بصحة شبابه،
من المسؤول عنها؟ وعن إدخالها؟
وفي خبر أذيع عبر قناة فضائية مصرية كان عنوان الحلقة مصدم!!!!
" ما مصير 1400 سيارة مسروقة في قطاع غزة"
هذا القطاع الذي أصبح يعج بالسيارات الحديثة المجلوبة عبر الانفاق، من أين تلك السيارات؟
ومن أصحابها؟
وهل تعلم الحكومة بأنها مسروقة؟
أم أنها مستفيدة من فرض الضرائب عليها سواء لدائرة لجنة الانفاق أو لدائرة الترخيص؟
فإن كانت الحكومة لا تعلم بأنها مسروقة فتلك مصيبة، وإن كانت تعلم فالمصيبة أكبر، أليس لهذه السيارات أصحاب، تعبوا واجتهدوا ودفعوا الغالي والنفيث لشرائها، أليس هم مسلمون !! حتى السرقة من غير المسلمين حرام، فما بالك بسرقة المسلم للمسلم...

بعد أن كان قطاع غزة ذو السمعة الطيبة بأبنائه الشرفاء ومقاوميه البواسل، أصبحنا بنظر المصريين لصوص لسياراتهم، كل ذلك بسبب الانفاق والتي أصبحت أضرارها أكثر من منافعها، وأصحاب النفوس الضعيفة التي تستغل مناصبها لتحقيق أرباح لها.

فإن كان لنا حاجة من هذه الانفاق لضرورتها كإدخال الوقود المصري، ومواد البناء (حصمه-حديد-اسمنت) وغيرها، التي تمنع اسرائيل دخولها عبر معبر كرم أبو سالم، فليس هناك ما يمنع من تخصيص بعض الانفاق لإدخالها والاستغناء عن البقية المتبقية منها، التي لا تجلب إلا الضرر لأبنائنا ولشبابنا، شباب المستقبل الذي نأمل به ليحقق النصر القريب، وتحرير الأقصى الشريف، هذا الجيل الذي نتطلع له بعين من الامل لقيادة المسيرة النضالية ومواصلة النضال ضد العدو الصهيوني، الذي لا يكل جاهدا عن السعي لتدميره، وبمساعدة أصحاب النفوس الضعيفة سواء بتهريب المخدرات بأنواعها أو السجائر.

ولماذا لا يتم السعي قدما مع الجانب المصري لفتح معبر تجاري رسمي، تدخل الحكومة من خلاله كل ما ينقص القطاع، سواء مواد البناء، الوقود، أو المواد الاخرى المحظور دخولها، والاستغناء عن تلك الانفاق.
فعلى الحكومة تحمل جميع مسؤولياتها إزاء هذا الشعب، فهو أمانة بعنقها، فلابد من زيادة الرقابة والتشديد على أصحاب النفوس الضعيفة والطابور الخامس، والتصرف معهم بكل حزم وقوة، والضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه للعبث بعقول أبناءه، ومكافحة المخدرات بكل الوسائل المتاحة، وزيادة الحملات الرقابية والتوعوية، والتفتيش عليها ومنعها من التداول، وفرض القانون وتطبيق أقصي العقوبات لمروجيها، ومنع وإعادة السيارات المسروقة للمحافظة على السمعة والكرامة لسكان قطاع غزة.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت