شقيقة الرئيس/ د. أسامه الفرا

حواديت ...
شقيقة الرئيس
الانتخابات تم التلاعب بنتائجها، لطالما سمعنا ذلك من أحزاب أخفقت في الانتخابات، أو لأفراد جاءت النتائج على عكس توقعات أصحابها، خاصة إذا ما أحاطت جوقة المنافقين بالمرشح وصورت له أن نجاحه في الجيب الصغير، اعتدنا أن نسمع مثل ذلك في عالمنا العربي ودول العالم الثالث، فيما الأحزاب الخاسرة في الدول صاحبة الباع الطويل في العمل الديمقراطي تسارع فور خسارتها إلى تهنئة الفائز، وتبدأ من اليوم ذاته في عمليه تقييم جدية للوقوف عن كثب حول أسباب ذلك، لكن الغريب أن مصطلح التلاعب بنتائج الانتخابات جاء هذه المرة على لسان شقيقة الرئيس الإيراني "بروين أحمدي نجاد"، كان ذلك بعد خسارتها في الانتخابات البرلمانية في مسقط رأسها ومسقط رأس شقيقها الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، جاءت خسارة بروين في مدينة "كرمسار" أمام المرشح الأصولي.

خسارة بروين في الانتخابات لها أكثر من دلالة، لعل أبرزها أن التيار الأصولي المناوئ للرئيس الإيراني أراد أن يجعل من صناديق الاقتراع أداة لتحجيم الرئيس الإيراني، بذات الطريقة التي أبعد فيها أحمدي نجاد خصومه من الإصلاحيين في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وإن كانت معركة نجاد السابقة كانت مع الإصلاحيين، فالمؤكد أن معركته الحالية ستكون مع أصدقاء الأمس، وأعتقد أننا لسنا بحاجة لأن ننتظر كي نعرف إلى أين يتجه مجلس الشورى الجديد، المشهد الذي خلفته نتائج الانتخابات البرلمانية الإيرانية تشير بوضوح إلى جملة من الحقائق ليس من الصعوبة بمكان استنباطها، فالمؤكد أن الصراع في الانتخابات كان داخل المعسكر المحافظ، وما يمكن قوله أن نتائج الانتخابات جاءت بفوز ساحق لمحافظي المرشد العام للثورة الإسلامية "على خامنئي" على محافظي نجاد، وبالتالي نحن أمام مجلس شورى جديد يتسم بالتشدد وبخاصة فيما يتعلق بالملف النووي والعلاقات مع الولايات المتحدة، ولعل هذا يقف خلف النبرة التصاعدية في التهديدات الأمريكية والإسرائيلية التي رافقت الإعلان عن نتائج الانتخابات.

ولكن في الوقت ذاته فإن البرلمان الجديد سيكون له مهمة جديدة، هذه المهمة داخلية تتعلق بتحجيم الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، وسيكون الملف الاقتصادي هو المدخل لتنفيذ ذلك، فلن يستطع نجاد الإفلات من المساءلة أمام البرلمان الجديد كما فعل في السابق، وإن كان تيار خامنئي قد أحكم طوقه على البرلمان، فالمؤكد أن نجاد مني بخسارة كبيرة ليس فقط بدلالة عدم نجاح مرشحيه، وإنما أيضاً بعدم قدرته على تطويع النتائج كما فعل في الانتخابات الرئاسية السابقة، ولعل ما يدلل على ذلك سقوط شقيقته في مسقط رأسه، دون أن يتمكن من فعل القليل لها في صناديق الاقتراع، وفي ذلك دلالة على فقدانه للقوة القادرة على تعديل ما بداخل الصناديق.

إن كانت الانتخابات الإيرانية قد أبقت التيار الإصلاحي خارج الحلبة السياسية في إيران، إلا أنها أيضا فتحت الباب لخروج نجاد ومؤيديه خالي الوفاق، وهي في الوقت ذاته تفسح المجال أمام علي لاريجاني المقرب من خامنئي لاعتلاء كرسي الرئاسة سواء كان ذلك بشكل طبيعي أو عبر انتخابات رئاسية مبكرة، من الواضح أن السياسة الخارجية الإيرانية ستبقى على حالها، خاصة وأن مجلس الأمن القومي الذي يتزعمه المرشد هو صاحب الصلاحية في تحديد ملامحها، ولكن في الوقت ذاته لا يمكن لنا التقليل من انعكاسات نتائج الانتخابات على الداخل الإيراني، فلم يعد المحافظون في جبهة واحدة في مواجهة الإصلاحيين، وبالتالي قد يدفع ذلك التيار الإصلاحي لأن يأخذ مقعد المتفرج، في انتظار ما ستئول له نتائج المواجهة بين تيار المرشد وتيار الرئيس الإيراني، وأيضاً لا يمكن أن نغفل الطريقة التي ستتعامل بها إيران مع الملف النووي ونتائجها.

لعل ما يمكن تسجيله بشكل لا لبس فيه من نتائج الانتخابات الإيرانية، أن مقاليد الأمور باتت اليوم بشكل شبه كلي بيد الولي الفقيه، ولعل الرسالة التي وصلت سابقاً للرئيس الإيراني "نجاد" بأن الولي الفقيه بإمكانه تحريم العلاقة بين نجاد وزوجته، والتي على أثرها هرول نجاد يومها ليؤكد على ولاية الفقيه، فمن الواضح أن الولي الفقيه إن لم يذهب باتجاه تحريم العلاقة الزوجية، فهو بالمؤكد ذاهب تجاه حسم العلاقة الرئاسية.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت