وهم القصائد/أميمه العبادلة


إهداء للمرأة بمناسبة 8 آذار/مارس

أتخونُ القصائدُ الشعراءَ، أم أنهم باغتوا الأمنياتِ،
فصادوها بِشِبَاكِ الهوى..؟!!
نسجوها من ضفائر الساذجات،
وعلقوها في الريح طائرة ذاب منها الورق..!

ما أظنني يوما سأنسى لقاءً لمروان خوري الشاعر والمغنى عبر قناة الحرة الأمريكية منذ سنوات.. مروان خوري الذي سحر الجميلات برومانسيته، ورقته، وأغنياته الحالمة التي صورته عاشقا متيما، وصورت حبيبته ملكة الدنيا.. لقاؤهُ أيضا كان مذهلاً، لكن بشكل مختلف تماما..

لا أظنه في لقاءهِ أذهلني وحدي، بل بالطبع قد أذهل كل من سمعه حينها.. سبب الذهول اعتراف مفاجئ منه أن كل ما يُكتب من قصائد عن الحب غير حقيقي، وأنه كشاعر يُحسن القول لتعويض نقص حاد في المشاعر العذرية، الأفلاطونية، وليرضي أمنيات زائفة لفتيات سُذَج.. بينما هو كرجل لا يفكر بهذا ولا يمارسه في الحقيقة..
"ما من رجل حسي، جميعهم مادِّيْوُن، جسديون".. هذا ما اعترف به نيابة عن كل الرجال..

في الواقع، ومن ناحية سيكولوجية وفسيولوجية هو أمر حقيقي، غير أن أيا من النساء لا تصدقه، وكل واحدة تظن نفسها القديسة المخَلِّصَة التي ستغير التاريخ، وخارطة العالم بترويض رجلٍ كما تتمناه..

لا يمكن ترويض الرجال يا عزيزتي.. هم هكذا، لا عُلوا ولا غرورا ولا حتى غباءاً.. ببساطة هكذا خلقهم الله.. وعليكِ أن تدركي ذلكَ قبل كل شيء..

النساء في غالب الأحيان ساذجات، ويعتقدن أنهن عباقرة.. بينما الرجال دواهي، ويزداد دهائهم مع كل عام يمر، خصوصا مع ازدياد التقدم والرقي ومساحات البوح الواسعة وحرية التعبير التي تشبثت كل النساء بها حصادا لأفكار مزروعة بالكبت داخلهن، مما وفر على الرجل المفطور على الصيد جهد ومشقة فهم ثغرات المرأة الفريسة..

كثير من الرجال، إن لم يكن الأغلب، أدركَ الحاجة الحسية والمعنوية للمرأة، فنسج البحر من أجلها قصائد عشق.. ورغم ملوحة البحر الشديدة لم تدرك إحداهن زيف القصيدة.. بل أقسمت أنها أحلى وأشهى ما تذوقت من معسول الكلام..

لا عجب، ولا استغراب.. فليس للحلو وجود، وما من سبيل للمقارنة والتبيان..
غبيات..! ظنوا الملح عسلا، وظنوا السم ترياق.. وحلمت كل واحدة منهن أنها تخطوا نحو بلاط المُلك، سوى أنهن أوراق لعب يُلقى بها في نهاية اللعبة..

وبعد كل هذا العناء تبكي تلك الساذجة وتظن نفسها أخطئت أو أذنبت أو أسرفت أو أو أو.. وتقسم بالقصائد التي كانت أنه قد كان أحبها.. غير أن الجُرم الوحيد الذي ارتكبته يا عزيزتي أنك لم تفهمي خصائص الكائن الحي الرجل، ولم تحاولي أن تفهمي..

ترسم المرأة عادة صورةً ظلية كاذبة في خيالها عنهُ والأدهى أنها تصدقها.. تماما كمن يبني بيت قش فوق السحاب.. لا القش ثابت، ولا السحاب..

قلتُ ذات مرةٍ:
الرجل والمرأة رسامان محترفان بامتياز،
هو: تجريدي يرسمها عارية تماما من كل الملابس التي ترتديها..
بينما هي سرياليه ترسمه بكامل الملابس التي لا يملكها أصلاَ..!

وهي صورة حقيقة لأبعد الحدود.. فكل ما شاهدتهُ من حالاتٍ أسمع فيها الرجل يكثر الشكوى من الأنثى في حياته حبيبةً كانت أو زوجة.. بينما المرأة ترى رجلها قديسا أنيقا رغم أنه لا يساوى وزنا ولا ثمناً.. إنه الحب يسيطر على عقلها، والمادية تسيطر على عقلة..

فلا يُثار الرجل كثيرا من الحب بقدر ما يهتم ببيت نظيف وطعام ممتع كي يتوازن عقله وتنتظم أفكاره في ابتكار مشاريع مربحة ينفق على البيت منها ويؤمن مستقبل الأسرة.. الحب عند الرجل وسيلة لغاية التكاثر ليس إلا..
طريقة الإحساس بالحب والتعبير عنه مختلفة ولا تسمى حبا أصلا.. يسميها الرجال ارتياحا وألفه وعليه يتم الاختيار والقرار في من ستشاركه المستقبل.. ويعبرون عنها بتلبية الحاجات الأساسية من مسكن ومأكل وملبس..
إن أدركت المرأة قليلا من طبائع الرجال المفطورين عليها أصلا ستعيش سعيدة خالية البال.. وإن ركضت خلف زيف القول ستبقى حبيبة مزيفة للأبد..

في النهاية لك حرية الاقتناع والاختيار.. لكن لا تبكي ولا تندبي، فأنتِ من اختار أن تكوني طائرة معلقةً ذاب منها الورق..


أميمه العبادلة - كاتبة صحافية – قطاع غزة، فلسطين

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت