الهدوء مقابل الكرامة / مصطفى ابراهيم


اسرائيل تنفي بشدة انها تعهدت بوقف سياسة الاغتيالات وأن ما جرى حتى الان هو عبارة عن تفاهمات وهي هدوء مقابل هدوء، وليس اتفاق وقف اطلاق نار او تهدئة تم التوقيع عليها، التفاهمات تمت بين اسرائيل والجهاد الاسلامي ولجان المقاومة برعاية مصرية، وانها حققت عدة اهداف من العدوان الاخير على القطاع منها اخراج حماس من دائرة القتال، وانها ستقوم بالرد بقوة على كل من سيستهدف مواطنيها، وبين قوة العلاقة بين مصر وإسرائيل وانها لم تتأثر بعد الثورة.

في إسرائيل لم يتوقعوا رد فعل حركة الجهاد الإسلامي على اغتيال الامين العام للجان المقاومة زهير القيسي الذي كان قوياً، وحركة الجهاد الاسلامي وعلى لسان أكثر من مسؤول فيها لم ترضى ان تكون المقاومة حصرياً لحركة حماس، وان لا تكون تهدئة مجانية، وفي المرات السابقة شددت على ان تكون التهدئة “الهدوء مقابل الهدوء”، وهذه المرة شددت على ان يكون “الهدوء مقابل الكرامة”.

وعلى الرغم من الخلاف في الساحة الفلسطينية وسقوط 26 شهيدا، واستهداف منازل المواطنين وقسوة العدوان الاسرائيلي واختلال ميزان القوى، إلا ان الفلسطينيين أثبتوا مدى قدرتهم على الصمود والصبر وقدرة التحمل، واجمعوا على الرد على العدوان للثأر من كرامتهم التي امعنت اسرائيل في النيل منها بالعدوان والاغتيالات المستمرة.

فللمرة الثالثة خلال عام استطاعت حركة الجهاد الإسلامي كسر قواعد اللعبة القائمة بين فصائل المقاومة وإسرائيل، وللمرة الثالثة أتثبت لاطراف عدة انها قوة ولاعب اساسي في الساحة الفلسطينية في التصدي للعدوان الاسرائيلي والقدرة على التصدي للعدوان والصمود، وللمرة الثالثة تضع حركة الجهاد الإسلامي حركة حماس في موقف محرج، وبينت مدى الخلاف القائم بين الحركتين على التهدئة الهشة، وغير المعلنة رسمياً، وكذلك حدة الاستقطاب والاختلاف والتشرذم الفلسطيني.

في المرة الاولى لم تصمت حركة الجهاد الاسلامي على استهداف مجموعة من مقاتلي الحركة في شهر فبراير (شباط) من العام 2011، والمرة الثانية كانت في نهاية أكتوبر (تشرين الاول) من العام 2011، ولم تنتظر طويلا على اغتيال خمسة من قادتها سقطوا في مدينة رفح، ادعت إسرائيل أنها جاءت رداً على القصف الصاروخي من قبل حركة الجهاد الإسلامي على منطقة “دير طوبيا” بالقرب من مدينة أسدود.

إسرائيل ليست بحاجة إلى ذريعة لتنفيذ سياستها العدوانية المستمرة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، فاستهداف شخصية بحجم الشهيد زهير القيسي يزعج اطراف عدة في مقدمتها اسرائيل يكفي ان يتم تحققه اسرائيل، وهذا هدف كاف ومهم للتخلص منه ليضعف قوة اللجان بعد اغتيال اثنين من الامناء العامين والمؤسسين لها.

بالإضافة لأهداف اخرى ارادت اسرائيل تحقيقها من خلال لجان الفحص التي اقامتها ومنها اختبار قوة الردع للجيش الاسرائيلي التي تآكلت بعد عملية الرصاص المصبوب في العام 2009،2008، وكذلك اختبار مدى قدرة القبة الحديدية للتصدي للقذائف التي تطلقها فصائل المقاومة، وفي اسرائيل يتحدثون بفخر انها قامت بمهمتها بقدرة عالية للتصدي للقذائف الفلسطينية، وكذلك اختبار قدرة وقوة حركة الجهاد الإسلامي التي اصبحت قوة عسكرية كبيرة وتمتلك صواريخ بعيدة المدى وتستطيع تهديد إسرائيل.

وبغض النظر ان كان هناك اتفاق بالتزام اسرائيل بوقف الاغتيالات ام لا فان اطلاق النار توقف، فالعدوان الاسرائيلي لن يتوقف ويجب استخلاص العبر والدروس من جولة القتال غير المتكافئ بشكل معمق يضع حد للخلاف القائم في الساحة الفلسطينية للتصدي للعدوان القادم الذي ربما سيكون اعنف واشد قسوة من الجولة التي انتهت.

ومع ذلك وفي ظل الانقسام وغياب التوافق الوطني بين الفصائل الفلسطينية على مقاومة الاحتلال، ومواجهة التصعيد الإسرائيلي المستمر والرد على جرائمه، ستستمر إسرائيل في ضرب الفلسطينيين وقت ما تشاء خدمة لأهدافها، وإظهار قوة الردع للجيش الإسرائيلي المتآكلة على حساب الدم الفلسطيني.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت