ثلاثون يوماً من الاصرار والعنفوان..ومن الصيام عن الطعام المغمس بالذل والهوان في سجون الاحتلال، ولازالت هناء شلبي تسير على خطى زميلاتها الرائدات عطاف عليان ونورا الهشلمون وهي مصممة على انتزاع النصر من السجان تأسياً بالشيخ خضر عدنان، الذي اضطرت محاكم الظلم الصهيونية إلى التسليم بحقه في عدم استمرار اعتقاله ادارياً من دون توجيه أي تهم واضحة له.
وتكمن خطورة الاعتقال الاداري، باطلاق يد المحتل في احتجاز من يريد، وقتما يريد، وإلى ما شاء، من دون توجيه لائحة اتهام محددة، أو محاكمة عادلة، وهو شكل من أشكال المس الفاضح بحقوق الانسان الفلسطيني، الذي دأبت دولة الكيان على ممارسته بحق معتقلينا البواسل منذ بدء احتلالها لفلسطين، ومن قبلها سلطات الانتداب البريطاني، السبب المباشر في بلاءنا منذ وعد بلفور المشؤوم.
الاعتقال الاداري سقفه القانوني ستة أشهر، يستمر قضاء الاحتلال في تمديده لدواعي أمنية غير معلومة (ملف سري/ أو أحمر).
هناء التي اعتقلت لأكثر من 25 شهراً بعد اعتقالها في 15/9/2009، هي مجموع تمديد اعتقالها خمس مرات متتالية- وجدت خلاصها في إطار صفقة تبادل الأسرى التي أنجزتها المقاومة الفلسطينية مقابل الجندي المأسور جلعاد شاليت في 18/10/2011.
الا أن سلطات الاحتلال لم تجد حرجاً في إعادة هناء إلى السجن، رهن الاعتقال الاداري مرة أخرى من دون أن تكلف نفسها عبء البحث عن تهمة لها، ضاربة عرض الحائط كعادتها كل الاتفاقات والعهود التي توقعها.
هناء شلبي، التي عرفت المصير الذي ينتظرها، شرعت في الاضراب عن الطعام منذ اليوم الأول لاعتقالها، وتهكمت بكل شجاعة على ذريعة الاحتلال لاعتقالها باكتشاف نوايا لديها لمقاومته، وقالت في رسالة لها: "على دولة الاحتلال اعتقال كل الشعب الفلسطيني، لان هذا الشعب يحمل نوايا الحرية والتحرر من الاحتلال، وان دولة الاحتلال هي الدولة الوحيدة في العالم التي تعتقل المواطنين على النوايا".
هذه البطلة، التي رفضت المساومة على حريتها، وقررت الانتصار لكرامتها، هي احدى نساء فلسطين، من قرية برقين قضاء جنين بالضفة الفلسطينية، اللواتي سطرن عبر تاريخ نضالنا الطويل ملاحم من البطولة المتجددة.
لم تنتظر هناء نهاية المعركة التي خاضها شقيقها الرجل، الشيخ المؤمن العنيد خضر عدنان، لتبدأ في تسطير ملحمة مشابهة رفضاً لسياسة الاعتقال الإداري التي ذاق مرارته آلاف الأسرى وعائلاتهم، وفي مخيلتها إخوتها المعتقلون، وأخواتها المعتقلات الذين سبقوها في معارك التحدي والكرامة جماعة وفرادى.
هناء، تكشف لذاتها، ولكل الفلسطينيين عظيم قدراتنا، حتى ولو لم نملك من الدنيا الا ارادتنا، وتجدد الأمل في قلوبنا بأن الفلسطينية والفلسطيني معاً وعلى حد السواء يستطيعون ان يكافحوا المحتل وينتصروا عليه.
ولئن كانت المرأة الفلسطينية تمتلك كل هذه القوة والعزيمة، فانها لقادرة على التحرير والتدبير لكل شؤون العباد.
ولا شك أن ليس كل النساء هناء، كما أن ليس كل الرجال الشيخ خضر عدنان.
لكن شعبنا بهناء، وعدنان، وسعدات، والبرغوثي، ودويك، وأبو الهيجا، وسلامة، ودقة، ويونس، ولينا جربوني، وورود قاسم...وبمئات الآلاف من الفلسطينيين الأحرار في شتى الأماكن، لقادر على نصره نفسه، وأبناءه، وإعادة بوصلته، ووحدته، من أجل فلسطين، وحريتها.
في الانتظار، هناء..تعطينا الأمل.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت