( الشاطئُ والصبحْ )/عبد الرحيم محمود جاموس

الشاطئُ والصُبحِ توأمان
الشاطئُ والصُبحِ يهتفان
يا راكب الموْجِ، تمهلْ ...
وأنتَ تصعدُ الصعبَ ...
يا لاعبَ النردِ
لا تبالي ...
شُؤْمَ القومِ ...
يا ساريَّ الليلِ تقدمْ ...
اطوِ المسافاتِ ...
لا تَهبْ وَحْشَةَ الليلِ ...
دَعِّ الهواجِسَّ خَلفَكَ
الصُبحُ آتٍ ... يَهتِفُ ...
عانِقْ الشاطِئَ بحنانٍ ...
تجدُ حَيفاَ تَغسِلُ أقدامها في البحرِ ...
وتَسندُ رأسَها إلى الكَرمِل ...
غيرُ آبهةٍ بمنْ مَروا وعَبَروا ...
تُرسِلُ جَدائِلَها إلى الجَليلِ ...
ويافا عروسُ البحرِ
تنثرُ زهرَ البرتقالِ ...
في طريقِ العائدينَ من الغيابِ ...
نَقِلْ فُؤادكَ ...
بين الساحلِ، السهلِ، الرَّطِبِ ...
والجَبَلِ، النَدِي، الصَعْبِ ...
والنقبِ الأشمِ الشَهمِ ...
هُنا بُرتقالةٌ أو ليمونةٌ ...
هُنا زيتونةٌ أو بَلوطَةٌ ...
قِفْ أمامَ زيتونةٍ مُعَمرةٍ ...
وأقرأْ على جَذْرِهاَ ...
تجاعيدَ وجهِ أبيكَ ...
ولمساتِ جَدِكَ القَديمِ ...
تابعْ طقوسَها كما في كلِ عامِ ...
تحفظُ التربةَ من السيلِ المارقِ
تسيلُ الدمَّ والدَّمعَ ...
على الغائبين ...
زيتا يُضِيءُ ...
قَبِلْ ابتسامةَ أُمِكَ
على زهرةِ برتقالٍ ...
أو على زهرةِ ليمون ...
وتنفسْ أنفاسَها ...
في عبيرِ الشيِحِ والأُقحوانِ ...
وأقرأْ على جَذرِ بلوطةٍ
وشمَ جَدَتِكَ ...
وتعاويذها الثلاثةِ ...
هِيَ لم تَبرَحْ المكانَ ...
رغمَ تغيرِ الزمانِ ...
هِيَ صخرةٌ ...
أو بركةُ ماءٍ ...
في أسفلِ الواديِ
تمارسُ حقها في البقاءِ
هي شجرةُ زيتونٍ
في قمةِ الجبلْ ...
تُداعِبُ أغصَانَها الريحَ
وتَغْتَسِلُ بأشِعةِ الشْمسِ
تَلْمعُ على أوراقِهاَ
حباتُ الندى في كلِ صباحٍ ...
مِثلُ حباتِ الُلؤْلؤِ المنثورِ
على صدرِ الحِسَانِ ...
لم تكشف سِرَّها لِلغُرَباءِ ...
بَقِيَتْ تَحرُسُ الوادِيِ ...
والمَاضِيِ ...
وتَعْشَقُ الحُلُمَ الآتيِ ...
بَعدَ غيابٍ من بعيدِ ...
تهوىَ صُعودَ الجَبلِ ...
مِثلُ غَزالةٍ ضَلَتْ وليِدَهاَ ...
يا راكبَ الموجِ تمهلْ ...
لا تَهبْ الصَعْبَ ...
يا ساريَ الليلِ ...
اطوِ المسافاتِ الطويلةِ والبعيدة ...
يهتفُ الشاطِئُ لراكبِ الموجِ ...
يهتفُ الصبحُ لساريَ الليلِ ...
الشاطئُ والصُبحِ توأمان !!!...
الشاطئُ والصُبحِ يهتفان !!!...
..........................................
عبد الرحيم محمود جاموس
عضو المجلس الوطني الفلسطيني

الرياض 17/03/2012م الموافق 24/04/1433هـ

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت