أثناء وقوع العمليات الاستشهادية التي كانت تمارس من قبل المقاومين الفلسطينيين كان لا يمكن القيام بأي حسابات لمعادلة التوازن بين المحتل والمقاوم فلا سلاح رادع لمن تكون حياته سلاحًا لضرب المحتل ومصالحه, ففشلت معها أجهزة المحتل الإسرائيلي أن تقف أمامها سوى عاجزة تنتظر الضربة تلو الضربة معتمدة فقط على استخباراتها التي كانت تفلح أحيانًا بصد الهجمة قبل حدوثها وغالبا ما تفشل.
ولأسباب سياسية وأخرى لوجستية وتبدل الحالة الأمنية بالضفة الغربية ومحاربة المقاومة بشتى أشكالها, وتوقيع العديد من الاتفاقات الأمنية بين السلطة الفلسطينية من جهة, وأجهزتها بالضفة الغربية وبين الاحتلال الإسرائيلي من جهة أخرى ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما يعرف "بالتنسيق الأمني"؛ أدت كل هذه العوامل إلى شل المقاومة الفلسطينية بتوجيه ضربات وعمليات استشهادية داخل الأراضي المحتلة لعام 1948 أو على الأقل توقفها وصعوبة تنفيذها.
أصبحت الآن الصواريخ الفلسطينية سواء تلك المصنعة محليًا أو التي يتم تهريبها عبر الأنفاق هي سلاح الردع الفلسطيني الذي يسعى المقاوم لتطويره وامتلاك أكبر عدد منه ليكون رادعًا للمحتل في أي توغل أو عمليات عسكرية يقدم عليها الاحتلال بالقطاع, حتى عملياته في اغتيال القادة والمقاومين يتم الرد عليها بهذه الصواريخ.
لا شك أن هذه الصواريخ تأتي أكلها بين الحين والآخر, ولها من الأهمية التي لا يمكن معها أن نهملها ونقلل من شأنها, كما يسعى البعض لذلك ووصفها بالعبثية أحيانًا وبالألعاب النارية أحيانًا أخرى, حيث استخدمت بحرب غزة في العام 2008-2009 والتي كانت من الأسباب الرئيسية والأهداف التي يسعى الاحتلال لإنهائها, والقضاء عليها.
حينما تبدلت المعادلة وتم إضعاف المقاومة الفلسطينية بالضفة الغربية المحتلة لحد التلاشي؛ ترتبت على المقاومة الفلسطينية اليوم أعباء جديدة تعيد لها هيبتها وقوتها وقدرتها على ردع الاحتلال بشكل يخيفه بل يرعبه ويربك حساباته العسكرية بشكل كامل.
الضفة المحتلة بحسب طبيعتها الجغرافية واقترابها من مناطق الأراضي المحتلة لعام 1948 وكذلك تشابكها مع العديد من المستوطنات التي تقام أصلًا على أراضيها, يؤدي ذلك إلى وضع المؤسسة العسكرية للمحتل أمام حالة جديدة لا يستطيع معها أن يستمر بجرائمه ومجازره بالضفة الغربية وقطاع غزة على حد سواء, كما يجعل المحتل أمام حالة جديدة من توازن الردع والرعب وعليه أن يبدأ بإعادة حساباته من جديد لدرجة قد توقف كافة عملياته العسكرية ضد الفلسطينيين ولو إلى حين.
إن الصاروخ الفلسطيني البدائي الصنع والذي يمكن نقل تكنولوجيا صناعته إلى الضفة الغربية بطرق شتى سيكون له من التأثير على الكيان الإسرائيلي وأمنه بما يمكن المقاومة الفلسطينية من فرض نفسها من جديد على واقع القضية الفلسطينية بقوة وقدرة على فرض أجندات فلسطينية جديدة سواء كانت عسكرية أو سياسية .
لقد جرب الفلسطيني عبر الحقبة الماضية كافة وسائل الالتزام بتقديم ضمانات لأمن المحتل عبر ما يسمى أوسلو؛ حيث أفرغ القضية الفلسطينية برمتها من حقوق وثوابت كان الشعب الفلسطيني وما زال يعتبرها خط أحمر لا يسمح بالاقتراب منه تحت أي مسمى, وهذا ما أوصلنا لحالة من الانقسام السياسي حينما مس البعض لهذه الحقوق والثوابت وشطب العديد منها في محاولة يائسة لنيل رضا الاحتلال عسى أن يمنحه أي دولة فلسطينية على أي بقعة من أرض فلسطين وإن كانت شبه دولة!!
إن المقاومة لن تبقى محصورة فقط على قطاع غزة وتكون الضفة المحتلة خارج هذه المعادلة, ففلسطين كل فلسطين هي أرض واحدة وتحمل أهداف واحدة بشعبها المناضل في كافة أنحاء تواجده عبر هذه الأرض المباركة, على الفلسطينيين التوحد في هذه المقاومة وتطويرها ليكون هناك حسابات جديدة لدى المحتل تبدل المعادلة وتقلبها رأسا على عقب.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت