في يومك أمي/اياد العجلة


في طفولتي كم كنت أكره حصة التعبير، وخاصة عندما يأتي لنا المدرس ليقول لنا اكتب عن مناسبة معينة، فلم نكن يومها نعي من المناسبات شيئاً فأنتظر حتى تنتهي الحصة وكالعادة " اكتب في البيت واجب مدرسي"، فكنت حينها أسارع إلى أمي تكتب لي ولكن كنت أملي عليها اراداتي بأن تنزل إلى حدث سني في الكتابة.
ولكن اليوم ، لم أعد ذلك الفتي الذي يعمل مشكلة كلما واجهته مناسبة ليكتب فيها ، اليوم ابادلك الدور أمي بأن أكتب لك في يومك وأخط بها بضعا من الكلمات إلى أمي الفلسطينية والعربية وإلى كافة الأمهات الصابرات والمشقيات في أنحاء المعمورة، لن أقول لك بأنك نبع الحنان كما تعلمنا في الابتدايئة بل أخبرك بأنك لك من الحب في قلبي ما تعجز عنها الكمات ولو كانت مداد البحر ، ولك جنان العشق في عيني كلما نظرت إلى تجاعيد وجهك ويديك.

يصادف اليوم الحادي والعشرين من مارس ، الذي يحتفل فيه العالم بيوم الأم تقديراً لذاتها وعرفاناً بجميلها على مر السنين ويعدونه يوما مميزاً ولكنه عابرا في السنة، ولكن بالنسبة لي فها التاريخ رأس السنة لآن يوم أمي لا يحتمل الا أن يكون دائماً في المقدمة وكما انه امتدادا لسنوات سابقة وقادمة بالاحتفاء بأمي كل يوم.
يتحدث الجميع عن معاناة الأم في حياتها بتذكرها في هذا اليوم من تربية الأولاد منذ الطفولة حتى المشيب، وها أنا أفعل ذات الشىء ، لأن أمي لم تكن يوماً أما عادية بل جبروتها جعل من أن نكون نحن الحادية عشر نفراً من ابنائها أن نكمل تعلمينا وأن نشق طريقنا بحس انفاسها ودعمها المتواصل لنا من صحتها التي انقرضت مع مرور الأيام ...فهذه هي أمي حالها كسائر بقية أمهاتي الفلسطينيات، لأنهن حملن هم الشعوب والابناء والحياة ، فقدوا ناظرهن وصحتهن في تربيتا حتى أصبحنا رمزاً للكرامة في كل العالم.

في الحادي والعشرين من مارس ..كان حقاً على وزارة المرأة وعلى كل المؤسسات العاملة في الحقل النسوي أن تدق بيت كل أم فلسطينية وتلبسها وسام المثالية الذي لا ينقضي على مر السنين، وأن تستذكر أن هناك أمهات مازالت جروحهن غائرة لفقد الأحباب الذين غيبتهم القذائف الاسرائيلية أو السجون أو المرض....الخ، وأن تستذكر أن هناك أمهات مغيبة في دور العجزة والمسنين ينتظرون اطلالة أحدهم ليذكرهم بأنهم مازالوا حاضرات وليس منسيات..

دعونا نرسم بسمة ونهدي زهرة إلى أمهاتنا في يومهن ولا نقدس هذا اليوم وأن نجعل أمهاتنا رحماتنا على الآرض وأن يكن نصب أعيننا ونجازيهن في حياتهن وفي مماتهن بالدعاء لهن بالرحمات وبرهن والتصدق بأنفسن عليهن.
وفي يومك أمي دعيني أقبل تلك التجاعيد في يديك وارسم قبلة البنوة على جبينك ، كما اسمحي أن اقبل قدميك لأن جنتي تحتهما ، اللهم احفظ امهاتنا والبسهن لباس العفاف والعتق من النيران واغفر لوالدينا ما تقدم وما تأخر من ذنوبهم.
بقلم الصحفي:اياد العجلة

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت