ان هذا العالم الفاضل له مواقف خالدة وجريئة سجلها له التاريخ يجب ان يتعلم منها علماؤنا اليوم. اضافة الى تراثه الفقهي و ما تركه للأمة من مؤلفات كثيرة عظيمة القيمة ومن مواقفه العظيمة :
حينما تولى (الصالح إسماعيل الأيوبي) حاكم دمشق - وهو أخو نجم الدين أيوب الذي كان حاكما لمصر - وكان من شروط تحالفه مع الصليبيين أن يُعطي لهم مدينتي صيدا والشقيف، وأن يسمح لهم بشراء السلاح من دمشق، وأن يخرج معهم في جيش واحد لغزو مصر. فتحالف مع الصليبيين لحرب أخيه الصالح ايوب وبالطبع ثار العالم الجليل العز بن عبد السلام، ووقف يخطب على المنابر ينكر ذلك بشدة على الصالح إسماعيل، ويعلن في صراحة ووضوح أن الصالح إسماعيل لا يملك المدن الإسلامية ملكًا شخصيًّا حتى يتنازل عنها للصليبيين، كما أنه لا يجوز بيع السلاح للصليبيين، وخاصةً أن المسلمين على يقين أن الصليبيين ما يشترون السلاح إلا لضرب إخوانهم المسلمين. وهكذا قال سلطان العلماء كلمة الحق عند السلطان الجائر الصالح إسماعيل، فما كان من الصالح إسماعيل إلا أن عزله عن منصبه في القضاء، ومنعه من الخطابة، ثم أمر باعتقاله وحبسه
ومن مواقفه الشهيرة أيضًا والتي اصطدم فيها مع الصالح أيوب نفسه، أنه لما عاش في مصر اكتشف أن الولايات العامة والإمارة والمناصب الكبرى كلها للمماليك الذين اشتراهم نجم الدين أيوب قبل ذلك؛ ولذلك أصبحوا في حكم الرقيق والعبيد، ولا يجوز لهم الولاية على الأحرار؛ فأصدر مباشرة فتواه بعدم جواز ولايتهم لأنهم من العبيد. واشتعلت مصر بغضب الأمراء الذين يتحكمون في كل المناصب الرفيعة، حتى كان نائب السلطان مباشرة من المماليك، وجاءوا إلى الشيخ العز بن عبد السلام، وحاولوا إقناعه بالتخلي عن هذه الفتوى، ثم حاولوا تهديده، ولكنه رفض كل هذا - مع أنه قد جاء مصر بعد اضطهادٍ شديد في دمشق وأصرَّ
على كلمة الحق فرُفع الأمر إلى الصالح أيوب، فاستغرب من كلام الشيخ ورفضه. فهنا وجد الشيخ العز بن عبد السلام أن كلامه لا يُسمع، فخلع نفسه من منصبه في القضاء، فهو لا يرضى أن يكون في صورة مفتي، . و الله عزوجل سائله وركب الشيخ العز بن عبد السلام حماره ليرحل من مصر، وخرج خلف الشيخ العالم الآلافُ من علماء مصر ومن صالحيها وتجارها ورجالها، بل خرج النساء والصبيان خلف الشيخ تأييدًا له، وإنكارًا على مخالفيه. ووصلت الأخبار إلى الملك الصالح أيوب، فأسرع بنفسه خلف الشيخ العز بن عبد السلام واسترضاه، فقال له العزُّ: إن أردت أن يتولى هؤلاء الأمراء مناصبهم فلا بد أن يباعوا أولاً، ثم يعتقهم الذي يشتريهم، ولما كان ثمن هؤلاء الأمراء قد دفع قبل ذلك من بيت مال المسلمين، فلا بد أن يرد الثمن إلى بيت مال المسلمين. ووافق الملك الصالح أيوب، ومن يومها والشيخ العز بن عبد السلام يُعرف ببائع الامراء
وقدعرف عن الشيخ (رحمه الله) أيضًا بالزهد والورع الشديدين، كما عرف عنه بالبذل والسخاء والكرم والعطاء، والعطف على المحتاجين فأين علماء الامة الاسلامية اليوم ورؤساء اتحادتها وهيئاتها من ذلك
اين نحن اليوم من هؤلاء العلماء الأقوياء المؤثرين فكلماتهم توحيدية وأراءهم تصب في مصلحة الراعي والرعية وفتاواهم لاتثير جدلا ولاتقسيمية بل متطابقه مع أحكام الشريعة الاسلامية وصادرة من قلب جرئء لايخشى الا الله لامن دولة تساعده او ينافقها او حاكم يحاصره أو يمنع عنه الراتب والعطية
هذا هو الشيخ العز بن عبد السلام سلطان العلماء العارف بالله الفقيه فلايذكر اسمه الا وتذكر الهيبة التي يهبها الله للعاملين المخلصين من عباده ولايذكر هذا العالم الا وتذكر معه الجرأة والقوة وعدم الخوف من أي كان على كل مخالف لشرع الله مهما علا مكانه وارتفع شأنه سواء كان رئيسا او مرؤسا
اننا اليوم احوج مانكون الى عقلية ورعة وجرأة عالم دين وفقية محدث ومستشار حرب ومدافع عن قضايا الامة الاسلامية ومفتى يخاف الله وموحد لقضايا المسلمين مثل الشيخ والعالم العز بن عبد السلام رضي الله عنه وبحاجة ايضا لحكمة وذكاء وقائد كالامير سيف الدين قطز والصالح نجم الدين ايوب فبهم تساوى الراعي والرعية في البذل والعطاء ولم تفرض ضرائب على الناس قبل افراغ بيت المال ثم التساوي بين الناس بالغرم والغنم نحن اليوم بحاجة الى اناس امثال هؤلاء يحسنون التصرف والاخلاص لقضايا الامة الاسلامية وخاصة القضية المركزية قضية فلسطين والقدس والمسجد الاقصى علماء لايتخذون من الحكام والرؤساء حماية ووقاية علماء تقاة يخافون من الجليل ويعملون بالتنزيل ويرضون بالقليل ويستعدون ليوم الرحيل فاللهم احفظ بلادنا وبلاد المسلمين وقيد لنا علماء عاملين وجريئين وقلوبهم عامرة بحب القدس وفلسطين
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت