يستوقفونك للحظة , " أين البطاقة الجامعية ؟"
بعض المستنيرين قال أن القواعد خلقت لتكسر, سبحان الله فأينما ولو وجوههم حقت كلمة ربي. للأسف من فكّر .
أتعبتنا ديباجات الزمان وأخذتنا خيالات أي مكان , أين الأفنان والنخل والرمان ؟ وجرت العادة بأن البنيان عمادة , وأصبحنا نتوق لضوء الشمس ورائحة الليمون الحادة . صدقا أن ربيع المكان أصله وما يستحدث به فرعه , لكن سرقتنا الخيالات المستحدثة حتى فقد المكان مَلَكَتَه, وجرت بنا الألوان لنجعل الأطياف في زوايا أي مكان. بالحديث عن الأطياف , إن كان باطنك أجدب فظاهر طيفك أعمى ولوحتك واهية التعبير وان اجتزت الهوامش. وان كان الباطن أخا صنعة فلك مثل ما صنعت وظاهرك حسن , أما إن كان باطنك ذا رجاحة فقد عدلت وكما دخلت المكان خرجت . قس على ذلك الأفعال ولا تنجم النوايا فما صدر قد تحقق وما نُويَ علمه عند ربي. واستحداث الأمور له جوانب, فما اجتلبت من سوء فمكتسب وما صدر منك فمنك . ربّاك أباك فأحسن , ورضعت الخُلُق وكان ربي أحسن . إن كنت ممن يرضى المكان فالطبع أولى وكما تربيت تصرفت , وان العكس يا ابن الكرام فلا تدخل مكانا فتفشل .
قارئي ! لعلي استدركت أمرا أو اثنين , فعذري هو الطبع , فهذا ما صدر بعد علم مسبب الأسباب , لي أنا الكلمة ولك الحكم والنظر, واترك المظاهر فنحن الآن في نفس المكان فاستهدِ بالرحمن واستنشق زهر الأقحوان وابتعد عن زخرف ما ظهر من الأبدان . إليك :
لنرجع قليلا لما استدركت , اعلم أن أي مكان له حرمه وشأن وأيّنا به ضارب له حق وواجب , هذا ما يفرضه المكان .
دعني أفك حجاب ما ستر بين الكلمات واخص بالذكر مخرجه الأجيال ومهد الثقافة و " النضال " – جامعة الأزهر بغزة-
ما يحيرني كثرة ما قيل من زركشات الكلام عن هذا المكان , وأعجب ان امتلأت الصفحات المختصة بالعبارات التي تدخل في نفس اخو جهل عظمة هذا المكان . لكن حين تنظر الواقع ترى ما تقشعر له الأبدان , أي عظمة هذه ؟ أهكذا يحاك النظام ؟ ما تجد يا قارئي حين ترى " الأزهر " من بعيد وما يخيل لك حين تصدم لرؤية المفارقة بين النظرية والتطبيق , لن أتطرق لموضوع فراغ النخبة التي تدير المكان فهي شيئا آخر , إنما أعربت عما سأشعر به كإنسان يعقل ما يرى .
لنفترض أننا نقدم لطلب العلم ممن يفترض بهم تقديمه , هذا بعد أن أصابتنا الدهشة لمخالفه ما يوصف به المكان عما هو كائن . تقف عند " نقطة العبور " ويسألك " ابن النظام " : " أين البطاقة ؟ " تخرجها آسفا منصاعا وذلك لان " النظام" لا يرى فيك طالب علم , وان كان علم دنيا . ربطا بالأحداث الأخيرة المؤسفة التي تستجذب ذاكرتي وتعود بي لما ذكرت في سطوري الأولى عن مَلَكَة الخُلُق , لكن الحذر , المكان يفرض سعته وان جهلته فعقلك أوسع . إن طارت بك الخيالات لما بعد المكان لان نفسك لم تحتمل الجدران والألوان والعمار والبنيان فأنت تخرج من واقع ذو جدران هروبا من قرف الأفنان في هذا المكان . وحيث أن الخُلُق مَلَكَة فانه من المفترض أن يعي كل طالب علم مكانته وقدره آخذا بالاعتبار حرمه المكان بغض النظر عن ساسته وسدنته .
آسفا اقول أن هذا المكان لا يفرض حقوقه ويعود ذلك لتقصير النظام في إرساء القواعد ورسم حدود اللوحة ليتأطر بها اخو علم واخو جهل على حدِ سواء . ويحدثك البعض عن ِان النخبة , فتعجب أنت لهذه النخبة ذائعة الصيت وتعجب لقراراتها المتأخرة والإجراءات المبنية على إصلاحات واهية كالذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء . كل ذلك يبقي " الزبون " في حاله ارتباك , لجهله أن كان التعليم مجاني ام مدفوع , وارتباكه نتيجة عدم إدراكه لما يدور حوله من قرارات وإجراءات عشوائية تنقصها المهنية والتقنية وكله في غياب نخبة قياديه استراتيجيه . لا يسعني حصر مشكلات المكان في الشكل والسياسة فكل طالب بالأزهر يعي ويرى هذه المعضلة . كما أن عدم دراية الطالب بالنظام الجامعي المختلق سببه تقصير توجيهات النظام وانعدام الأداة التنفيذية لتوعيته في أيامه الأولى – مرحله التسجيل الجامعي- بضرورة احترام النظام دون زركشات أو خزعبلات . ونؤول ذلك العجز إلى النفس الأمّارة بالسوء , لكن تقام الحجة على الأفعال لا الأقوال والنوايا .
إن قدرة الإنسان تقاس بفعالية أعماله وانجازاته . وان كنت صغيرا لا يعني انك قد تصغر فالقدر , والجماعة تشد أزر الفرد , لا داعي لذكر النمل والنحل كمثال للنظام والاستقرار لاخذ العبرة منها فكلنا اعلم بالحق والخيار لمن أراد إقامته .
اعلم يا قارئي أننا كنا خير أمّه لأننا نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر . فلنعجل بذلك ويد الله مع الجماعة.
كتب الطالب نائل خضر / من غزة
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت