فضائيات ومليونيرات/د. فايز أبو شمالة


أكثر من مرة اتصل بي معدو برامج اللقاءات السياسية في فضائية الأقصى، وأكثر من مرة حددوا معي موعداً للقاء مباشر حول مستجدات الأحداث السياسية، وأكثر من مرة لم يتحقق اللقاء، والسبب يرجع إلى تعطل سيارة فضائية الأقصى، أو عدم توفرها، ويصير الاكتفاء بالتعليق عبر الهاتف من مكان سكني في خان يونس إلى مقر الفضائية في غزة.

تذكرت أسباب عدم تحقق لقائي المباشر عبر فضائية الأقصى، وأنا أقرأ خبراً عن 600 مليونير يعيشون في قطاع غزة، وانتعشوا تحت ظلال حكم حركة حماس، كما تحاول الترويج لذلك بعض المواقع، إنه خبر غير بريء، جاء في فترة انقطاع الكهرباء، ونقص الوقود في قطاع غزة، ويغمز متعمداً من قناة التشهير، والاتهام بالتسلط والفساد والسطو الذي يحكم سيطرته على قطاع غزة، حتى يخال القارئ البسيط للخبر أن جيوب مؤسسات حكومة غزة تطفح بالمال المتهرب من الأنفاق.

استغرب أن يكون في غزة 600 مليونير، جلهم من رجال حماس، ولا ينفقون بعض الشواقل على فضائية الأقصى التي ملأت الدنيا ثورة، وشغلت الناس بتغطيتها الميدانية للأحداث، وقصمت ظهر الإعلام الإسرائيلي غيظاً وضعفاً، حتى ظن المشاهد البعيد عن تفاصيل الواقع أن ميزانية فضائية الأقصى تعادل ميزانية أشهر الفضائيات العربية؟.

وقد يستغرب القارئ العربي، الذي لا يعرف تفاصيل الحياة في قطاع غزة، قد يستغرب لو عرف أن رواتب معدي برامج فضائية الأقصى، ورواتب مذيعيها الذين يخرجون إلى الناس، وهم يلبسون ربطات عنق، رواتب بعضهم لا تعادل إلا رواتب أصغر الموظفين، وفي بعض الأحيان تعادل رواتب عمال البطالة، رغم ساعات العمل الدءوبة، ورغم حرصهم على إنجاح الفضائية، وقد يستغرب القارئ العربي لو عرف أن راتب الموظف الفلسطيني الذي حصل على رتبة عقيد أو عميد من سلطة رام الله، ولم يشارك في إلقاء حجر على العدو الإسرائيلي، ولما يزل يقعد في بيته، قد يستغرب أن راتبه الذي يتقاضاه من سلطة رام الله، يعادل راتب خمسة موظفين من مقدمي البرامج في فضائية الأقصى.

في غزة أكثر من 600 مليونير، بعضهم نجح في جمع الثورة من خلال عمله في أنفاق تهريب البضائع من مصر إلى غزة، وهذه حقيقة، ولكن هؤلاء الناس الذين صاروا أثرياء هم من عامة البشر، وفرت لهم الحكومة في غزة حرية العمل دون ضرائب لعدد من السنوات؛ بهدف كسر الحصار الاقتصادي الذي فرضه العدو الصهيوني وأصدقاؤه.

وفي غزة أكثر من 600 مليونير بكثير، فيكفي أن تكون صاحب قطعة أرض على إحدى الشوارع الرئيسية في غزة، أو أن تكون صاحب عمارة لتكون أكثر من مليونير، فقيمة الأرض في غزة التي تنضح بالرجال والنساء لا تعادلها قيمة أرض فوق البسيطة.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت