درج الحديث عن الوطن الفلسطيني بأنه وطن مقدس منذ أن وطئت قدم الدينين الإسلامي والمسيحي أرضه، وإستنشقت أجواءه نسائم الدين المحمدي الحنيف، وصار ذكره ملازما لذكر الأنبياء والصالحيين والأولياء المتقين.
فالوطن الفلسطيني يعني القدس المباركة " قبلة المسلمين ومسرى نبينا الأكرم، وكنيسة المهد مهد السيدة مريم العذراء "وكل تلك الرموز الدينية التي يأبى الدهر أن ينجب مثلها إلا من هذا الطين وهذا التراب، ورغم كل ما قيل عن الوطن الفلسطيني والتواطؤ عليه ومحاولة مسخ هويته أو التقليل من شأنه أو تشويه سمعته وتحريف تاريخه النضالي والوطني والديني، إلا انه يأبى إلا أن يكون فلسطيني الإنتماء، عربي الهوى والمزاج والتكوين، والذي جرى على الوطن الفلسطيني من محن وآلام، لا يبتعد عن هذا المعنى والولاء لرسولنا محمد صلى الله عليه وإله الأطهار.
حب فلسطين عند الفلسطينيون "عشق بجنون"، كما كان "الظلم لهم بجنون" وفاقت صنوفه الخيال والأساطير ضريبة توازي حبهم لفلسطين، وأفتح أيها القارئ وتصفح تاريخه من أين أردت وشئت، تجد مصداق هذا وبدون مبالغة ما نعنيه، إن أهل هذا الوطن جلهم وأغلبيتهم من هذا اللون من البشر، لكنهم حتى الأمس القريب مغيبين من أشقاءهم العرب، لا يراد لهم إلا أن يخالفوا فطرتهم وتركيبتهم، وإن تحدثوا جاءتهم التهمة الجاهزة والوسام الأسود وكأنهم يتحدثون عن محرمات، حتى بات أبناءه يخشون الحديث في هذا الموضوع اليوم ولقد ولى ذلك الزمن وعاد الحق المضيع إلى أهله لا يريد أبناءه الا الأنصاف00 والإنصاف00 من من؟ من زعماء الأمة العربية الذين إعتلوا قيادة الأوطان وشعوبهم التي إختاروهم وأوصلوهم إلى هذه المناصب بدمائهم بتضحياتهم قبل الحبر البنفسجي وصناديق الإنتخابات، وقد يغفرون كل تقصير في الأرزاق والخدمات ويصبرون حتى تتحقق، لكن لن يغفروا أي تهاون أو مزايدة على شخصيتهم وهويتهم التي حاربوا وظلموا من أجلها كل هذا الظلم ولحقهم كل هذا الحيف وكانوا يرزحون وما زالوا يرزحون تحت أعتى دكتاتورية إسرائيلية على وجه الأرض!!!
كيف لا وهم الآن يعيشون بوطن أسسوا أساساته، وقدموا له كل التضحيات الجسام، فأستبيحت كل مقدساتهم ومصانعهم ومتاجرهم ومزروعاتهم ومؤسساتهم من أجل حمايتها وبناء أركانها، ولا زالوا يرون من ظلمهم وألحق بها الأذى" من أشقاءهم وأصدقاءهم" بدول الجوار وغير الجوار، فيحاورنهم بالتي هي أحسن ويتعاملون معهم على قدم المساواة لا الإقصاء والتهميش التي إنتهجوها معهم سنوات وسنوات، فاتحين قلوبهم وأكفهم لهم لطوي صفحة الماضي البغيضة.
اليوم وطنهم المقدس هذا أصبح يحاكي بتجربته الديمقراطية دول تخطو خطواتها الأولى في طريق الألف ميل الذي تجاوز الوطن الفلسطيني ثلثيه، فهم يرون بوطنهم بهويته الناصعة البياض بشخصيته الشامخة المرفوعة الرأس لا بهوية هجينة ورأس كرأس النعامه، "وطن الياسر أبو عمار والشيخ أحمد ياسين وعز الدين القسام وفتحي الشقاقي وأبو على مصطفى وفيصل الحسيني " يجب أن يكون قدره وشأنه ودماءه التي أريقت من أجله فوق كل إعتبار. فالشعب الفلسطيني طيب وعلى (نياته) وأعتقد انه لا يوجد احد يخالف هذا الرأي مع الاخذ بعين الاعتبار ان هناك نفر قليل ربما يخالف هذا الرأي.
حتى وقت قريب جدا كنت أظن ان السياسيين في وطني لا يملكون صفة (طيب) وأنا بإعتقادي وظنوني هذه لم أقصد ذمهم بل على العكس فأنا أقصد مدحهم والإشادة بهم، ولكن ما الذي جعلني أقتنع بنسبة كبيرة أن السياسيين في وطني، أو على الأصح أغلبهم يملكون صفة (طيب)، فأتت قناعتي هذه بعدما "رأيت بأم عيني وسمعت بأم اذني" تصريحات الكثير من رجال ونساء السياسة في وطني وهم يتكلمون بنشوة وزهو وتفاخر وكبرياء عن (القمة العربية القادمة والتي ستعقد في الوطن العراقي أواخر هذا الشهر)
وحقيقة أنا متحير وأريد أن أعرف، ما الذي سوف يجنيه شعبنا ورجال ونساء السياسة في وطني من عقد مثل هذه القمم "قمة الإعراب والعربان"
كلنا يعرف أن جميع القمم العربية السابقة منها واللاحقة والتي عقدت والتي سوف تعقد، لا تسمن أو تغني من جوع، ولا تقدم ولا تأخر أو على الأصح تأخر كثيرا كثيرا في "مصيرنا وقضايانا وثوابتنا"، فلو عقدت هذه القمة "قمة الإعراب والعربان" فإننا سوف ندفع الثمن غاليا وأغلى، ونحن فعلا دفعنا فاتورة ثمن عقد مثل هذه القمم، حيث شهدت وما زالت تشهد مدننا ومحافظاتنا وقرانا وحوارينا وأزقتنا الحصار الإسرائيلي المستمر ليل نهار عليها، إضافة إلى الإنفجارات التي تلقيها صواريخ الأباتشي والأف 16 والماركافاه والطرادات البحرية، والتي راح ضحيتها أطفال وشيوخ وعجائز وشباب مث الورد عزل لا حول لهم ولا قوة، وراح ضحيتها أيضا أملاك عامة وخاصة، وراح ضحيتها خوف وقلق مستمر، وليس هذا فحسب فكلنا دفعنا وما زلنا ندفع الثمن يوميا عند ذهابنا الى أعمالنا حيث الطرق المغلقة ومئات وربما الاف نقاط التفتيش البربرية الإسرائيلية التي لا تغني عن جوع أو خوف، وأعتقد أن المستفيد الوحيد من عقد مثل هذه "القمة" هو بعض رجال السياسة العرب لينتهي الأمر برجل واحد أو أكثر بواحد حيث الهدف المنشود وهو "قطعة مذهبة" موضوعة على ميزانيق مكتوب عليها (رئيس المؤتمر) حيث يجلس هذا الرئيس ملكا على الاعراب والعربان والرعاة والعراة والحفاه، وهو يعلم في داخل نفسه وهم يعلمون كيف يكون رئيس الإعراب والعربان وهو ليس من الأعراب أصلا!!
أعتقد وأجزم أن القمة العربية الموعودة سوف لم تعقد، وحتى إذا تم عقدها فإن التمثيل فيها سوف يكون على مستوى راعي من الدرجة الثالثة أو الرابعة أو صياد وخمار وقواد أيضا من الدرجات المتدنية.
إن القمة العربية الموعودة للأسف إختصرت على ما يسمى بملوك وأمراء ورؤساء العرب وأنا من أرض الصمود بغزة، أتساءل مثل غيري كيف لأمة عظيمة وعلى قدر كبير من الأهمية والعطاء مثل أمتنا العربية الماجدة أن تختصر قمتها بهؤلاء؟؟؟ ومن أعطاهم الحق الشرعي والإعتباري والانساني والنفسي والمعنوي أن يكونو رمزا لقمة العرب؟؟؟ لأنه وبصريح العبارة هؤلاء لا يمثلون حتى أنفسهم!!! لأنهم لا يملكونها!!! فجميعهم دون إستثناء تم تنصيبهم من قبل أسيادهم ومن قبل أعداء البشرية، إن الذين يمثلون القمة العربية تآمروا مرارا وتكرارا على حرمة الدم الفلسطيني الطاهر، ودفعوا أهل غزة ومناضليها إلى حرب طاحنة إستخدمت فيها جميع الوسائل والترسانات العسكرية الإسرائيلية، خسرت غزة فيها شبابها وترملت على ترابها نسائها وحرقت بساتينها ومزروعاتها ودمرت مصانعها ونسفت مساجدها وكنائسها وكل ذلك تحت ذرائع مختلفة، وحصل هذه الحرب تحت مرأى ومسمع وبمعرفة من الأمراء والملوك والرؤساء العرب، وبمباركة زمرة وشرذمة تحكمت بمقدرات البلاد العربية وكانت النتيجة" دمار وخراب طال غزة ومرافقها
إن الكثير من هذه الزمرات والشرذمات العربية أطيح بها مؤخرا وأصبحت "نسيا منسيا" وما تبقى من هذه الشرذمات سوف تلاقي نفس المصير التعيس دون أدنى شك.
لقد أريد أن يكون لقمة أصحاب بعض (الكروش) العربية والإسلامية والذي يخصنا هنا (الكرش) العربي المنتفخ النتن، وأنا هنا أقصد "بالكرش" ليس كروش شعوبنا العربية المسحوق على أمرها، وإنما اقصد "كرش" سارق شعبه ومحطم آمالها ومقنن قدراتها ومقيد حرياتها، إنه (الملك والأمير والرئيس )، أصحاب (الكروش) التي لا تشبع أبدا والتي وجدت طعم الدم الزكي لذيذ ومنعش لأحلامهم الوردية التي يأملون في تحقيقها وهي تدمير أكثر وأكثر وخراب وحرق ودمار لأن أصحاب (الكروش) العربية كما يبدو لم ولن يتعظوا ممن سبقوهم ولم يعرفوا بعد حقيقة شعوبهم الذي وللأسف قدر له في كل زمان ومكان أن يقوده من هو أدنى منه مستوى ثقافي وأخلاقي وإنساني مع التنبيه إلى وجود قيادات عربية تحمل صفات رائعة وتحمل ميزات قيادية خلابة ولكن لم تأخذ دورها بالشكل الكامل، ونحن نتوسم خيرا في هذه القيادات العربية والوصول بشعوبها ودعم ومساندة شعبنا ووضعه إلى شاطيء البر والأمان بإذن الله تعالى.
ناشط ومفوض سياسي
إعلامي وكاتب صحفي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت