ان تكون اب

بقلم: مصطفى إبراهيم


أن تكون أب ليس امرا سهلاً، في حالتنا تشعر بالضعف والقلق في كل لحظة على أبنائك، احساس انساني لا يمكن وصفه ان مس أحدهم مكروه او سوء، يشعر الانسان ان قطعة من قلبه انتزعت منه، كيف لو جرى أمر ما كان تجبر على التنازل عنه بالقوة وغصبا عنك لإفراد الشرطة تعسفا وظلماً اعتقاداً منهم ان من حقهم توقيف اي انسان.

هذا جرى معي عندما قام افراد من الشرطة باعتقال ابني احمد 16 عاماً، لأنهم اشتبهوا به أنه شارك في تجمع سلمي امام مقر المجلس التشريعي، ولم يقتنعوا انه كان برفقتي، شعور بالهزيمة والعجز والإحباط يخترق القلب من الحزن والألم.

تغلبت على كل ذلك ولم اصدق كيف تصرفت بسرعة ومن دون تفكير بان وضعت نفسي في سيارة الشرطة مع ابني، بالرغم من تهديدهم ومحاولتهم استخدام القوة وسحبي وتمزيق قميصي لإجباري على مغادرة السيارة بالقوة، ومحاولة احدهم مصادرة هاتفي النقال، لم اشعر بالعجز والهزيمة والإحباط، هم من عجزوا على اجباري للنزول من السيارة، واضطروا تحت اصراري لأخذي مع ابني الى مركز الشرطة، شعور بالقهر والظلم والألم والحزن والإحباط تسلل الى داخلي عندما وصلت السيارة الى مركز الشرطة ومنعوني من الدخول وحالوا بيني وبينه.

شعور بالقلق والانتظار والخوف من ان يتم الاعتداء عليه بالضرب، خبرتي طويلة في حالات من هذا النوع وفي ظل حال التوتر والعصبية من بعض افراد الشرطة لا يتوانى هؤلاء عن عدم التصرف بحكمة واستخدام القوة، ويقوموا بالاعتداء بالضرب بقسوة على المحتجزين وتوجيه الشتائم والألفاظ النابية لهم.

لكني لم افقد الامل قمت بالاتصال هاتفياً بمدير المركز وشرحت له الوضع الذي لم يتأخر عن التصرف بسرعة للإفراج عنه.

ما جرى خلال الايام الماضية وعلى إثر خطاب المؤامرة يعبر عن ازمة حقيقية تعيشها حركة حماس وحكومتها، وهو نتاج للانقسام المستمر، وبعيدا عن الجدل والنقاش في قوة حماس وجماهيرتها، فالأزمة طالت الكل الغزي ويدفع ثمنها الناس جميعا من دون تمييز.

ويجب ان لا نستخف بعقول الناس والتخفيف من وطأت الازمة وتداعياتها، وتمسك الحركة والحكومة بموقفهما في علاج الازمة بالتهديد والوعيد وتسويق عقلية المؤامرة وتوجيه الاتهامات للناس ببث الشائعات والفتنة وتحريض الرأي العام، والقول اننا نعيش في رخاء ونعيم وامن وأمان وهداة البال.

ما كان للازمة أن تتفاقم، لو كانت حركة حماس وحكومتها قادرة على التفكير بصوت مرتفع منذ البداية، ومشاركة الناس في همها وهمومها ومشكلاتهم، الازمة خطيرة وهي ليست ازمة حماس وحدها، وهي من وضعنا جميعا فيها، وأي كانت الاسباب المسؤولية تتحملها الحكومة، قيادة حماس قوية ومجربة وامتحنت اكثر من مرة وهي طوال ستة سنوات تدير ازمة.

هي تحكم القطاع منفردة وهي صاحبة القرار، لكنها ليست اللاعب الوحيد في غزة، ولم تشرك احد معها، وما تزال تحكم بعقلية القبيلة والتنظيم وغياب المؤسسات، وأوكلت المسؤولية الى قوى وشخصيات غير مجربة. ومع ذلك تدعي ان لديها اجابات على كل اسئلة الناس، ولديها الترياق الشافي لكل الامراض.

أن تكون أب يتطلب منك أن تكون قلق وحريص على مصلحة أبنائك، وفي ظل الازمة التي نمر بها وما يرافقها من تداعيات خطيرة، الازمة ليست شأننا داخليا للحركة وحكومتها، القضية الفلسطينية تعيش وضعا صعبا والبوصلة تائهة والانهيارات مستمرة، والكل الفلسطيني يتحمل المسؤولية في ذلك، ولا يستطع اي منا ان يتنبأ بالمستقبل وما قد يحدث.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت