رئيس دولة الاحتلال والإرهاب في إسرائيل شمعون بيرس، في زيارة خاطفة متلعثمة لإحدى المدارس العربية في مدينة الناصرة، العريقة الجذور والتاريخ والنضال والتي شكلت قلعة التحدي والصمود في مواجهة التطهير العرقي والتمييز العنصري، والترنسفير، مدينة صحيفة الاتحاد الحيفاوية، ومجلة الغد، والجديد والدرب، توفيق زياد وديروا بالكم على بعض "نصراوي في الساحة الحمراء، واشد على أياديكم "، إميل توما و "جذور القضية الفلسطينية، ومسيرة الشعوب العربية الحديث، والصهيونية المعاصرة، ومنظمة التحرير الفلسطينية " إميل حبيبي و "لكع بن لكع، والمتشائل، وسداسية الأيام الستة،وسرايا بنت الغول "، توفيق طوبي أبو الياس وكشاف مجزرة كفر قاسم عام 1956 "كفر قاسم المجزرة والعبرة " مدينة الصقل الفكري، والممارسة الحقيقية، شعراء المقاومة والأدب الثوري محمود درويش ،سميح القاسم، حنا أبو حنا، سالم جبران، عبد الكريم ألكرمي، عبد الرحيم محمود، إبراهيم طوقان، راشد حسين، جبرا إبراهيم جبرا، خليل بيدس، نجاتي صدقي، معين بسيسو، غسان كنفاني، سلمان ناطور، محمد على طه، حنا إبراهيم، والمئات من المبدعين والمفكرين، والرعيل الأول من رفاق الدرب الذين نحتوا انتمائهم وفكرهم الثوري على الأرض الفلسطينية، وقادوا صراعهم الوطني والطبقي، ومزجوا قصائدهم بالدم والسجن بالفلسطينية والعربية والإنسانية، وتحولت إلى أهازيج وتراث في الأعراس والمناسبات، كالدلعونا والميجانا والعتابا والمواويل، والأغاني الشعبية التي تعبر عن هموم الوطن، وتعزز الانتماء الوطني والعروبي، والتمسك بالأرض، وتدعو إلى الوحدة الوطنية، ومقاومة المحتلين.
سأله شبل من طلاب المدرسة بشجاعة مسلمي ودروز ومسيحيي مدينة الناصرة، ومدن وقرى وبلدات الجليل والمثلث والنقب لماذا تغيبون عن مناهجنا العربية دراسة التراث الفلسطيني مثل تراث الشاعر محمود درويش وغيره من الفلسطينيين العرب ؟؟ الذين شكلوا سنديانة الوطن الفلسطيني والعروبي والإنساني، وتخلوا مناهجنا التعليمية والتربوية من هؤلاء الشعراء والكتاب وما أكثرهم في تراثنا وحضارتنا، وكأن شعبنا الفلسطيني مقطوع من شجرة، ليس له حضارة وتاريخ وقضية، وشعبنا الفلسطيني العربي مزروع في تراب الوطن قبلكم وبعدكم، فتراثنا الفلسطيني زاخر بهؤلاء!!!! أجابه الشيطان الأكبر رئيس دولة الاحتلال، والحائز على جائزة نوبل، بعنصرية مقدما نصائحه للطلاب ، واقترح عليهم أن يكفوا عن دراسة التاريخ، وان يحصروا عنايتهم في المستقبل!!!!.
عن أي مستقبل يتحدث بيرس وينصح، ويديه وأيادي كل قادة المنظمات الصهيونية منذ نشأتها، وكذلك القيادات السياسية والعسكرية والأمنية للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة ملوثة أياديهم بدماء شعبنا، وهم شركاء في الجرائم والمذابح والمصائب التي حلت بشعبنا الفلسطيني وبالشعوب العربية؟؟؟.
ألم يقرأ أو يسمع شمعون بيرس عن كتاب " التطهير العرقي في فلسطين " لمؤلفه المؤرخ الإسرائيلي أيلان بابية ليتذكر حملات التطهير العرقي والإبادة الجماعية وخطة داليت (د) التي نفذها القادة العسكريون، ضد شعبنا الفلسطيني، تهجيرا وذبحا وقتلا وتدميرا ونهبا وحرقا للقرى والمدن والبلدات، وحتى دور العبادة الإسلامية والمسيحية عام 1948 ولتشكل سلسلة طويلة من الاعتداءات على شعبنا، منذ وطئت أقدام المستوطنين اليهود أرض فلسطين، وحتى الآن على مرأى ومسمع من العالم المتحضر، بريطانيا وفرنسا وألمانيا، والولايات المتحدة الأمريكية زعماء النظام الرأسمالي الامبريالي العالمي حماة المشروع الصهيوني والأمن الإسرائيلي ؟؟ فهل يمكن نسيان التاريخ يا بيرس والهروب منه إلى مستقبل بلا تاريخ ؟؟؟. التاريخ لا يمكن فصله عن الواقع والمستقبل، وإذا كنا ننظر إلى المستقبل بمائة عين لتغيير الواقع إلى الأفضل، فعلينا أن ننظر إلى الماضي والتاريخ ووقائعه وأحداثه بعشرين عين حتى لا تقع مأساة جديدة أخرى في غفلة من الزمن. من الماضي إلى الحاضر إلى المستقبل حلقات متتابعة لا يمكن فصلها عن بعضها. ما هو المستقبل الذي يبشرنا به بيرس، هل هو الترانسفير، أم في أحسن الأحوال تحويلنا إلى حطابين وسقايين وأجراء، وشغيلة في الأعمال السوداء، تابعين وملحقين وخدما غير منتجين في وطننا الفلسطيني؟؟؟. فلسطين يا بيرس موطننا التاريخي والحضاري والإنساني ننتمي إليها وتنتمي ألينا، والأرض الفلسطينية التي تحاول أنت وحكوماتك ومستوطنيك انتزاعها منا، نتجذر فيها وتتجذر فينا، فالعودة للماضي هي الوسيلة للتقدم إلى الأمام، وهل يمكن أن نفصل الماضي عن الحاضر عن المستقبل؟؟ لن ننسى، ولن نغفر مسؤوليتكم عن ما حل بشعبنا الفلسطيني منذ بداية القرن العشرين وحتى هذه اللحظة، ولن تمحى من ذاكرتنا ووعينا وتاريخنا، ما ارتكبتموه من فعل مشين، يتطلب من المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان، ومحكمة العدل الدولية والجنايات، ملاحقة كل المسئولين السياسيين والعسكريين الصهيونيين والإسرائيليين، الموتى منهم والأحياء، وتقديمهم للمحاكمة على جرائمهم ضد الإنسانية، ولن يغفر شعبنا الفلسطيني تساهل المجتمع الدولي أو غض الطرف عن هذه الجرائم. إن جدية المجتمع الدولي ومؤسساته المختلفة لرفع الظلم عن شعبنا، يبدأ بإصدار قرار إعادة وصم الحركة الصهيونية كحركة عنصرية إرهابية، معادية للسلام والتقدم، واعتبار دولة إسرائيل المارقة دولة فوق القانون لا بد من إدانتها على جرائمها ضد الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، وهي تشكل مصدرا حقيقيا للتوتر وعدم الاستقرار في المنطقة، تعيق تطورها، وتعطل مسيرتها الحضارية، لا بد من محاسبتها ومحاصرتها، ومقاطعتها في كل المؤسسات الدولية والقانونية والإنسانية، وثانيا بالاعتراف بالظلم والقهر والمأساة التي تعرض لها شعبنا الفلسطيني، منذ أكثر من ستين عاما، وتكاتف كل الجهود الدولية، وإعادة حقوقه المغتصبة، والاعتراف بالعضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة.
طلعت الصفدي
غزة – فلسطين
2/4/2012
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت