غزة – وكالة قدس نت للأنباء
الإرادة هي كلمة السر التي استخدمها الفتاة الفلسطينية فاطمة الحلولي لتتغلب على إعاقتها, واستطاعت أن تحقق ما لم يحققه الكثير من الآخرين، وكانت دافعاً لها على مواصلة حياتها، مجسدة لمقولة "بالإرادة نصنع الحياة".
بهذه النظرة استقبلتنا فاطمة ذات "30 عاماً" من حي الشجاعية بمدينة غزة، والتي كانت ترتدى "جلباب" بني اللون وبدا عليها التصميم رغم الإعاقة التي لم توقفها عن تحقيق أحلامها .
هذه الفتاة كتب لها أن تعيش الحياة بعد الأسبوع الأول من ولادتها بدون القدم اليسرى، عندما أصابتها "غرغرينة" وهي رضيعة، مما دفع الأطباء لبتر ساقها، فكانت ضحية الإهمال الطبي والصحي.
درست فاطمة المرحلة الابتدائية بمدرسة الشجاعية الأساسية للبنات، بين طلبة أصحاء وكانت تستخدم " عكاكيز"، وشعرت في بداية حياتها بالحرج الكبير نتيجة الإعاقة ولكن مع مرور الوقت أخذت فاطمة تنخرط في الحياة بتحدى إعاقتها لتقول شىء واحد "بالإرادة يمكن أن يكون للإنسان جناحين بدل الساقين".
لم توقفها الإعاقة من مواصلة دراستها بعدما قامت بتركيب طرف صناعي عندما بلغت سن الخامسة عشر من عمرها بمركز الأطراف الصناعية في غزة، ففي عام 2008 أكملت دراستها الجامعية وتخرجت من كلية مجتمع غزة للعلوم التطبيقه " قسم الخدمة الاجتماعية، وفى نفس العام إلتحقت فاطمة بجمعية "البارالمبية للمعاقين حركياُ" وتقول فاطمة لمراسل وكالة قدس نت للأنباء طارق الزعنون" قمت بإجتياز أختبار في الجمعية وأثبتت أنني استطيع ممارسة الرياضة وتم قبولي من قبل إدارة الجمعية ".
وتضيف فاطمة صاحبة العيون العسليتين " لقد تميزت في ألعاب القوى وخاصة الجلة والرمح وتمكنت من تمثيل فلسطين في دورة الألعاب الأولمبية العربية التي أقيمت مؤخراُ في قطر عام 2011م وخرجت من البطولة بعدما حصلت على المركز الخامس ".
لم تكتفي فاطمة عند هذا الحد بل واصلت نجاحاتها فعملت بشكل تطوعي في عدة مشاريع للدعم النفسي والإرشاد التربوى في عدة مؤسسات وجمعيات من بينها مؤسسة " المرسى كور" .
التحقت بعدها فاطمة بعالم التكنولوجيا عندما اجتازت دورة لصيانة الأجهزة الخلوية " الجولات " عن طريق الإغاثة الإسلامية البريطانية، وكانت هي الفتاه الوحيدة بين مجموعة من الشبان في الدورة، لتنتقل إلى دورة في نفس المكان لإدارة المشاريع الصغيرة .
وتقول فاطمة " بعد أن أتممت دورة المشاريع الصغير طلبت منا الإغاثة الإسلامية تقديم طلبات لتنفيذ مشروع خاص لكل شخص، فقمت بتقديم طلب لفتح محل صيانة أجهزه جولات ، بعد تشجيع من أهلي وبالفعل وافقت الإغاثة على تنفيذ المشروع ، وقررت أن يكون المكان في أسفل بيتنا ".
بيديها الناعمة تقوم فاطمة بإصلاح أجهزت الجولات المعطوبة لزبائنها ، وتعمل في المحل من الساعة 8 صباحا ً حتى 8 مساءً ، وتستقبل في محلها الذكور والإناث، ولا تواجه الحرج في ذلك، بعدما استطاعت أن تكسب تشجيع أهالي الحي الذي تعيش فيه باحترامهم لشجاعتها، كونها رمز للفتاة الملتزمة والمكافحة التي تغلبت على إعاقتها.
وتستذكر فاطمة بشوق عمها المتوفى محمد الحلولى وتقول "رحمك الله يا عمى، كان دائماً يساعدني وهو من الأشخاص الذين شجعوني بفكرة هذا المحل".
فاطمة والتي تقوم بتغيير الطرف الصناعي لقدمها اليسرى كل سنتين وجهت مناشدة عاجلة بضرورة مساعدتها لتتمكن من تركيب طرف صناعي في دول الخارج حتى تستطع أن تتحرك بشكل طبيعي، ولعدم توفر الإمكانيات العالية في قطاع غزه .
وشكرت فاطمة مدربتها هالة شقورة التي وقفت بجانبها ودعمتها ومازالت تدعمها وكل إنسان وقف إلى جانبها وختمت بنظرتها الواثقة التي تقول في "الإرادة سر النجاح" .