تحدىَ عباس شعب فلسطين للتظاهر ضده ولو بعدد قليل ليترك سدة الحكم، وتحدت حماس شعب فلسطين للخروج عليها وعلى حكمها في غزة الرهينة، وواصل الطرفان غيهم المتحدي لإرادة الشعب، واستمرار مصادرتهم لاستحقاق الانتخابات المستحق للشعب منذ عامين والتي نُصبَ عباس وحماس حكاما بموجبها عبر صندوق الانتخابات، الذي يهرب الطرفان منه.
تحدى عباس شعب فلسطين، وهناك مليون فلسطيني يعبرون ليل نهار عن رفضهم لبقائه في الحكم لعدم تمكنه من أي انجاز في مفاوضات هو يؤكد برسالته لنتنياهو فشلها المفضوح ومحاولاته العقيمة والمتعددة الأشكال والألوان والمسميات في سبيل العودة لمطاحن هوائها، والعالم كله أجمع على فشلها، حتى، جاء أحد مهندسي أوسلو الإسرائيليين، يوسي بيلين، ليقول، إن عملية أوسلو انتهت، فعلام يعتمد الرئيس في تحديه لشعبه، نعم هو يتحدى الشعب بتمكنه من فرض السيطرة بالقوة والإرعاب البوليسي في الضفة الغربية لمن يريد التحرك في الشارع ضده.
وبنفس الطريقة التي استخدمتها وتستخدمها حماس في تحديها للشعب في غزة إذا ما أراد التعبير عن إرادته الرافضة لاستمرار حكمها ومواصلتها الانفصال، ليطالب بحقه المستحق في الانتخابات كسائر الشعوب،
إذن الطرفان يضحكان على شعبنا بفزلكات الاجتماعات الموسمية للبحث عن إبرة المصالحة في كومة القش في رحلة استعلاء واستغباء رخيصة ومكشوفة وقد ملها شعبنا، ووككل الأنظمة القمعية هما مطمئنان لأن لديهما الخيار الآخر، المستعدان لإطلاقه عند الحاجة، وهو استخدام القمع والعنف ضد الشعب عندما يخرج للشارع ليتظاهر للتعبير عن رفضه لهما، وبهذا تقلصت فرص شعبنا لاستعادة الوحدة واستحقاق الانتخابات إلى خيارين لا ثالث لهما، إما الرضوخ للأمر الواقع وإما الانفجار ودفع الثمن، وحرق كومة القش للبحث عن إبرة الوحدة، وللشعب أن يختار !!!
الأخطر الذي فرضه عباس وحماس على شعبنا في سهو الأحداث وكبر المعاناة الحياتية للفلسطينيين، ومسرحية المناكفات بين حكام غزة وحكام رام الله لتلهية الجمهور، هو الخطر الاستراتيجي الذي بالقطع لم تنتبه له تلك القيادات الفاشلة، وهو تغير المعادلة كليا في إدارة الصراع مع إسرائيل، دون أن يدروا وبحكم عدم الإخلاص الحقيقي للقضية وعدم قدرتهم للتصدي لإدارة هذا الصراع الكبير وانشغالهم بالسلطة ومفاتنها وأحقادها.
هذا الخطر الاستراتيجي هو تغير المعادلة منذ بدء عملية السلام حيث بدأنا بالسلام مقابل الأرض، ثم السلام مقابل الأمن، ثم جاءت الغندورة حماس لتحول المعادلة إلى الأمن مقابل الأمن ... لاحظوا أن كلمتي السلام والأرض قد غابت عن المعادلة .. وأصبحت الإستراتيجية الفلسطينية الأمن مقابل الأمن !!!
ولهذا على حماس وعباس الرحيل لإفساح المجال لإعادة الأمانة لشعبنا ليختار قيادة جديدة تصحح ما خربته حماس وعباس في إستراتيجية الصراع.
هذا ما وصلتم إليه وما أوصلتم شعبنا إليه، وليس من حقكم التجريب والمحاولة مرة أخرى، شعبنا قادر على تصحيح المسار ولكن ليس بكم .. انتهى برنامجكم فلن تتقنوا البدائل، ولا يجوز لكم، فنحن وقضيتنا لسنا فئران تجارب .. ولا داعي لاستمرار غيكم وغطرستكم لأن الشعب أصبح مجبرا للصدام معكم على بؤس إدارتكم لحياته ولقضيته، فلا تتحدوه ولا تواصلوا اختباره إن كنتم أذكياء!!!
6،4،2012م
د.طلال الشريف
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت