نجح رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو منذ تشكيله الحكومة قبل ثلاث سنوات من جعل الملف الايراني الاول على الاجندة العالمية وجعله معركة دولية وليست اسرائيلية فقط، وتخويف العالم وأمريكا من ايران، واستطاع تهميش وإزاحة الملف الفلسطيني امريكيا وأوروبياً وحتى عربياً.
مرت ثلاث سنوات على حكم نتانياهو وحزبه “ليكود”، وائتلافه الحكومي لا تهدده قضية داخلية أو خارجية، وقد تكون الحكومة الحالية الأولى منذ سنوات طويلة القادرة على إتمام ولايتها القانونية الي نهاية العام القادم.
ومع مرور ثلاث سنوات على حكومة نتانياهو واستمرار الجمود السياسي المتواصل منذ ثلاث سنوات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، إلا أن هذه المسألة لا تشغل بال الإسرائيليين الذين يولون مسألتي الهدوء الأمني في مدنهم والوضع الاقتصادي الأهمية القصوى، ومع توافرهما، فإن رضاهم عن أداء رئيس حكومتهم يسجل نسبة عالية.
اسرائيل تعمل على فرض حل من طرفها يقوم على حكم ذاتي مسخ وهي ماضية في سياسة فرض الامر الواقع، الاستيطان مستمر في مدينة القدس ومحيطها، وتهويدها جار بخطوات متسارعة، والضفة الغربية مستباحة، وقوات الجيش الاسرائيلي تواصل الانتهاكات والاجتياحات العسكرية اليومية والاعتقالات، وتقطيع اواصل المدن والقرى في الضفة، والانتهاكات الخطيرة تظهر مدى فشل وقصور السلطة الفلسطينية وأجهزتها في حماية الناس.
في ظل ذلك يبقى الحال الفلسطيني مأساوياً، الانقسام مستمر والصراع بين “فتح” و”حماس” يتم تغذيته يومياً، ويبحث الفلسطينيين في قضاياهم وهمومهم اليومية الداخلية المتمثلة بالكهرباء والضرائب والخدمات، واختزلت القضية الفلسطينية في أراضي السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وكأن منظمة التحرير أصبحت الممثل الشرعي والوحيد للفلسطينيين في الاراضي المحتلة.
والرئيس محمود عباس وفريقه في تيه وتخبط وفوضى وإحباط، وعدم وضوح في الرؤية والمشروع الوطني في تراجع، ولم يحسموا امرهم في اتخاذ خطوات جدية وحقيقية لمقاومة الاحتلال وتغيير الواقع الفلسطيني المأساوي، والتخلص من الاحتلال، حتى تلك الخطوات التي تحدثت عنها السلطة بتفعيل المقاومة الشعبية تتسم بالتخبط والتردد والخوف وغياب تعزيز صمود الناس، وعدم القناعة بأي خطوة سواء المقاومة الشعبية والسلمية او التهديد بوقف التنسيق الامني مع الاحتلال.
اما الخطوات السياسية والدبلوماسية والتي تدعي قيادة السلطة مواصلتها التوجه الى الأمم المتحدة ومؤسساتها، فتراوح مكانها ولم يتم متابعتها بشكل جدي وحقيقي، وقيادة السلطة ليس لديها قناعة عميقة في الاستمرار بالتوجه للأمم المتحدة ومؤسساتها والتمسك بقرارات الشرعية الدولية وتدويل القضية، مع ان هناك اغلبية في الجمعية العامة مؤيدة للفلسطينيين خاصة ان لدينا الرأي الاستشاري الخاص بجدار الفصل العنصري الصادر في العام 2004، وغيره من القرارات المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
السلطة ما زالت متمسكة برؤيتها ومشروعها وخيارها الوحيد هو المفاوضات، ولم تحسم امرها بالتخلي عنه، ولم تقرر السير باتجاه الشرعية الدولية وتخاف على مستقبلها وهي تسير بنصف خطوة ولم تحدد مسارها، وعليها الاختيار بين السير في اتجاه المفاوضات او مسار المقاومة الشعبية والتوجه للأمم المتحدة والاستمرار برفع الشرعية عن اسرائيل لاستمرارها في احتلال الاراضي الفلسطينية، وترفض الاقرار بحق الفلسطينيين بتحقيق مصيرهم بأنفسهم.
وقبل كل ذلك انهاء الانقسام واتمام المصالحة وإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير كممثل لجميع الفلسطينيين، والاعتراف من “حماس” و”فتح” بأنهما فشلا خلال الفترة الماضية من عمر الانقسام بتوحيد الفلسطينيين ووضع القضية الفلسطينية على مسارها الطبيعي فالتحديات أمام الفلسطينيين كبيرة.
الفلسطينيون لم يكونوا على مستوى المسؤولية وإفشال المشاريع الإسرائيلية والالتفاف على الحقوق الفلسطينية وقرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، من عودة اللاجئين، وانسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية، وقضية القدس، والأسرى والمياه، والبدء من جديد وبناء إستراتيجية وطنية مقاومة تعزز من وحدتهم وصمودهم.
فعلى الفلسطينيين أن يدركوا أن نجاح نتانياهو في ازاحة الملف الفلسطيني عن اجندة المجتمع الدولي، هو فشل قيادتهم جراء استمرار الانقسام، وتفرد كل طرف في قيادة الشعب الفلسطيني، فالحل الحقيقي لديهم يأتي من خلال وحدتهم، والعودة للثوابت الوطنية وبناء جسور الثقة بين أبناء الشعب الواحد بدلاً من الاستمرار في اتخاذ قرارات وخطوات احادية تعمق الانقسام بينهم.
8/4/2012
/ مصطفى ابراهيم
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت