غزة – وكالة قدس نت للأنباء
لم تقتصر معاناة اللاجئين الفلسطينيين فقط على تشريدهم من بيوتهم قصراً تحت تهديد السلاح من قبل العصابات الصهيونية، قبل 63 عاماً من نكبتهم التي تحل ذكراها الـ 64 في مايو/آيار القادم، فسرعان ما تحولوا إلى لاجئين جدد داخل الدول التي هجروا إليها، ليكتب التاريخ صفحات جديدة تحمل فصولاً من الألم والتشرد والخوف الدائم على مصيرهم الذي لا يعلمه إلا " الله عز وجل".
حكاياتهم الأولى في النكبة متشابهة فكلهم تركوا بيوتهم وأحلامهم ومن خلفهم مدفعية لا تعرف الطفل من الحجر والشجر، ليجدوا أنفسهم يعشون داخل مخيمات اللجوء في دول عربية مجاورة، يحكون فيها قصة الأرض لأطفالهم، الذين اصطحبوهم بحثاً عن الأمان في دولاً اشتعلت فيها الحروب، فهذا ما يحصل مع فوزي عبد الرحمن الذي ولد في بغداد بعد لجوء عائلته إليها ويعيش في الأردن بعد أن تشرد هو وأسرته من العراق إثر الغزو الأمريكي عام 2003م .
ويقول عبد الرحمن لمراسلة وكالة قدس نت للأنباء مياس أبو الجبين" المشهد متشابه ولكن العدو يختلف فالجنود الأمريكيون لا يميزون بين عراقي أو فلسطيني وأياً كانت الجنسية فكل شيء بالنسبة لهم هدافاً يمكن استهدافه"، مبيناً أن المشهد يعود بذاكرته للحظات تشرد عائلته من أرضها عام1948عندما هجرت على يد العصابات الصهيونية، كما رويت له الحكاية.
أبنائي الأبرياء ..
ويوضح بأن الجنود الأمريكيون هاجموا منزلاً لعائلة فلسطينية تسكن بجوارهم وقتلوا رب الأسرة أمام زوجته وأطفاله بدون سبب، قائلاً " المشهد أفزعنا وخفت كثيراً على أبنائي الأبرياء من هذه الصور الشنيعة ،التي ترتكبها القوات الأمريكية بحقنا نحن الفلسطينيين خاصة، فأجبرت على أن اترك العراق والتخلي عن لقمة رزقي فيها تفادياً للمخاطر".
ويشير عبد الرحمن الذي يعمل مهندس إلى أنه في أول فرصة تمكن فيها من الخروج من العراق توجه هو وأسرته إلى الأردن، كلاجئ جديد، منوهاً أن العائلات الفلسطينية وبالتحديد كانت تتعرض للاستهداف بشكل مباشر، من قبل الجنود الأمريكيون، الذين قتلوا منهم المئات.
وفى وجه آخر لمعاناة اللاجئ الفلسطيني طرد أحمد النجار من عمله في إحدى مطاعم "تايلاند" في "أرض ترفض منح أبسط الحقوق للفلسطينيين"، بل تدحرجت كل الأماني والأحلام في سبيل الحصول على أساسيات الحياة.كما يقول
ويضيف النجار "بعد أن درست خمس سنوات في كلية الهندسة المعمارية لم أحصل على عمل بسب الجنسية الفلسطينية، لذا عملت في مطعم براتب لا يتعدى 200 دولار شهرياً في ظل أوضاع اقتصادية صعبة تعيشها أسرتي"، موضحاً بأنه ولد في "تايلاند" بعد فترة من تنقل عائلته كلاجئين بين الدول العربية .
مدير المطعم...
ويقول النجار "تعرضت لمشكلة أثناء عملي في المطعم مع سائح كويتي إلى أن تفاقمت المشكلة معه، فتوجه الكويتي مسرعاً إلى سفارته التي تسانده دائماً، ومن ثم قدم شكوى ضدي، خاصة بعد أن علم أنني فلسطيني الجنسية وبعدها انفصلت من عملي كي لا أسيء لسمعة المطعم حسب ما قاله مدير المطعم".
وقدم النجار اعترضاً إلى السفارة الفلسطينية التي تتجاهل معاناة كل اللاجئين الفلسطينيين في الخارج،متناسية كل أنواع الذل الذي يتعرضون له من أصحاب البلاد.حسب قوله
ويرى عبد الناصر سرور الأستاذ المشارك في العلاقات الدولية بكلية الآداب بجامعة الأقصى بأن دوائر السلطة الفلسطينية هي صاحبة القرار والموكلة في مهمة الحفاظ على كرامة اللاجئين الفلسطينيين، قائلاً " الإشكالية تكمن في العجز العام في كثير من دوائر السلطة فمسألة التموين والموازنات هي أكثر العوائق عجزاً ،غير مسألة الشح في المعلومات عن اللاجئين " .
وينوه عبد الناصر إلى أن اللاجئين في الخارج خاصة في لبنان هم الأكثر معاناة من غيرهم ، وقد ألقى بالمسئولية على الحكومة اللبنانية وما تفرضه على الفلسطينيين من تقليص الأعمال والوظائف خشية من تحسين أوضاع الفلسطينيين في بلادهم ،وذلك من خلال حرمانهم من التملك ،وهذا ما يخيف اللبنانيين وتحديداً المسيحيين منهم حتى لا تزيد نسبة المسلمين. كما يقول.
ويوضح بأن أبسط الأمور التي يجب أن تقدم للاجئين في الخارج هو تتبع شكاويهم ،وهذا الأمر من مهام الدبلوماسيين الفلسطينيين في مختلف السفارات ،لمتابعة ملف الشكاوى ،مناشداً المسئولين بتخفيف المعاناة عن الفلسطينيين بتقديم وتأمين قسط من الأموال .
ويؤكد كريم أبو زيد عضو في المكتب التنفيذي للمجلس الاستشاري لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ) الأونروا ) بأنهم يتواصلون مع اللاجئين الفلسطينيين سواء كانوا في الداخل أو في الخارج، لإحياء الذكرى والتمسك بحق العودة الذي سلب منهم .
ويقول أبو زيد "إننا نقدم خدماتنا لخمس مناطق مختلفة وهي الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن بالإضافة إلى وسوريا ولبنان"، مركزاً على اللاجئ الفلسطيني في لبنان وقال إن "السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير تعمل جاهدة وباستمرار للتعديل على موضوع العمل وللتخفيف من منع الفلسطينيين من مزاولة ما يقارب 80 وظيفة ".
وطالب أبو زيد في ختام حديثه بمساواة اللاجئ الفلسطيني مع كل شعوب العالم واحترام قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة رقم 194، الذي يقضي بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم التي أخرجوا منها.