كثر الحديث عن دور الشباب في المجتمع الفلسطيني , خاصة بعد الربيع العربي الذي اظهر قدرة الشباب على صناعة التغيير والتصدي لكل انواع البطش والدكتاتورية التي استفحلت بالعالم العربي .
الشباب الفلسطيني لم يكن بعيدا عن ما يحدث حولهم من تغيير , ولكن بشكل اخر وعنوان مختلف , خرج الكل الفلسطيني بقيادة الشباب في 15 اذار من العام الماضي 2011 , تحت عنوان " الشعب يريد انهاء الانقسام " , ودعما لجهود المصالحة الفلسطينية , هذا وقد سبق هذه المحاوله , محاولات عديدة للشباب لاظهار صوتهم وابراز نقمتهم على هذا الوضع المسيئ للقضية ولنضالات شعبنا بالتحرر من الاحتلال الاسرائيلي , وقد بائت هذه المحاولات بالفشل ولم تنجح بانهاء الانقسام حتى الان , وكل ما يجري هو مجرد مهاترات ومسكنات للشعب , خوفا من خروج الوضع عن السيطره ,
توالات الفعاليات المناهضة للانقسام من كثير من المجموعات الشبابية التي ظهرت بعد الربيع العربي , وتوالى ايضا الاعلان عن توقيع اتفاقيات المصالحة التي لم تدع عاصمة عربية الا وقد زارتها , فتاره بالقاهرة واخرى باليمن واخرها بالدوحة , وكلهم حبرا على ورق , لم ترى النور حتى الان , ولم يرى الشعب الفلسطيني اي تغيرات تذكر على حياته اليومية وفصول معاناته سواء من الاحتلال بالضفه والقدس او بغزة التي تعاني الامرين من الاحتلال والانقسام , الذي اتى على الاخضر واليابس بعد توقف الحياة وشل معظم مقوماتها واسبابها في ظل انعدام توريد السولار الصناعي من مصر وانقطاع الكهربا الدائم وازمة المواصلات والمخابز والضرائب .... الخ من الازمات التي هزت عرش القضية , واخرها موت ثلاث اطفال حرقا, بعد ان اشعلت شمعه غرفتهما واتت على كل احلامهم واحلام اهلهم بأن يروهم عمادا لهم وللوطن , تلك القصة التي اشعلت الضمائر الحية , ولم تشعل الرحمة في قلوب ساسة الانقسام من فتح وحماس وباقي الفصائل الشريكة بهذا العار ,
مر 15 اذار هذا العام ولم يكن هناك شيئ قد تغير , سوى تطور وتدحرج المعاناة , واتساع الفجوة بين فتح وحماس وانعكاسها على مجمل الحياة والقضية , وتاكيد وتكريس الانقسام , ومزيدا من خطابات الوحدة المشتعلة تارة من السيد الرئيس محمود عباس واخرى من رئيس المكتب السياسي لحماس الاستاذ خالد مشعل وايضا في حكومة غزة التي اعتبرت المصالحة خيارا استراتيجيا , هذا كله انعكس على الحالة الشبابية الضعيفة التي تشهدها غزة والضفة والتي تمر بمخاض عسير بسبب غياب الوعي والادراك لطبيعة المرحلة وكيفية التعامل معها وعدم وجود منظومة واستراتيجية فعالة تضغط على طرفي الانقسام ليس للتوقيع على اتفاق المصالحه بل الزامهم بتطبيق الاتفاقيات الموقعه بالعواصم العربية المختلفة ,وسببا اخر لا يخفى على احد وهو عدم اعطاء امكانية للشباب لاخذ دورهم وموقعهم الريادي في التحرك والضغط باتجاة التغيير والوحدة , فكانت بانتظارهم المكأد والعراقيل والتهميش والتقليل من اهميتهم واهمية دورهم من قبل بعض قيادة الفصائل, ومن جانب اخر استطاعت بعض هذه الفصائل احتواء بعض المجموعات الشبابية وتجيرها لمصالحها واخرى شكلت مجموعات خاصة بها لتناهض اي مجموعة تسعى للعمل الوطني وللقضية , ولم يستبعد خيار الاستدعاءات الامنية من خيارات ساسة الانقسام , فكان هناك العديد من الاستدعاءات الامنية لمعظم الناشطين الشباب وتهديدهم وحجزهم لساعات وايام ومصادرة جوازات سفرهم , كل ذلك بسبب الانتماء للقضية والوطن وليس لحزب شريك بالانقسام ولا بالمصالح الخاصة ,
بعيدا عن هذا كله لم يوفق الشباب بصناعة وصياغة مرجعية شبابية موحدة او مجلس يضم التكتلات او المجموعات الشبابية الفاعلة لتضمن زخم العمل ولتعطيه قوة تفاعلية تناهض قوة الانقسام وناره , وتنهض من عزيمتهم وتقوي من ارادتهم , لان هناك بعض من يرتبط بحزبه وفصيله وهناك من يريد ان يصبح قائدا شبابيا وعنوانا لهم على شاشات التلفزة ؟, واخرون يبحثون عن مصالح ونفوذ شخصية بالسفر والتمتع بسجل اللاجئ السياسي الملاحق من قبل الاجهزة الامنية الفلسطينية المختلفة ,
هذه كله وعوامل اخرى كثيرة ادت الى عدم ثقة الشارع الفلسطيني بالحالة الشبابية وبقدرتها على احداث تغيير وصناعة ما يحتاجه الشارع الفلسطيني من انهاء للانقسام وتخفيف المعاناه عنهم , وايضا ادت الى عدم ثقة بين المجموعات نفسها وبين الشباب داخل المجموعة الواحدة , وتفرق العمل الشبابي وانسحاب الكثير من الشباب من العمل الشبابي وعزوف بعضهم عن المشاركة باي فعالية شبابية او سياسية للتقليل من اهميتها وعدم جدواها في تحريك الماء العفن في مستنقع الانقسام الذي يتسع كل يوم لياخذ الكثير منا ومن احلامنا في وطن حر كريم تصان فيه احلامه واماله وحقوقه , خاصا اننا نعاني الامرين من الاحتلال , واليوم اصبح الانقسام اصعب وامر علينا من الاحتلال نفسه .
بقلم احمد كمال حرب - غزة
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت