17 أبريل ... ذكرى الإنتصار والكرامة

بقلم: رمزي صادق شاهين


تعددت أشكال المعاناة الفلسطينية منذ النكبة العربية الكُبرى عام 1948 ، عندما تم إحتلال فلسطين أمام نظر وأعين الزعامات العربية المتخاذلة منذ ذلك الحين إلى يومنا هذا ، وبرغم تعدد أشكال هذه المعاناة إلا أن أصعبها وأقساها تمثل في قضية الإعتقال في السجون الإسرائيلية ، هذه السجون التي لا يمكن أن يتم وصفها إلا بأبشع المعاني والكلمات ، حيث يتم إحتجاز الإنسان بصورة وحشية ومهينة ، في صورة تُعد الأكثر بشاعة في تاريخ الإنسانية .

دفع شعبنا مئات عشرات السنوات خلف القضبان ، في سجون هذا المُحتل الذي لم يكتفي بسرقة الأرض ، بل عمل على استخدام كُل الوسائل الغير مشروعة في إطار محاولاته تركيع شعبنا الذي يستمر في مشروعه الوطني لإنتزاع حقه في أرضه ووطنه ومقدساته ، فقامت إسرائيل بإعتقال أكثر من مليون فلسطيني منذ عام 1967م ، وهذه الأرقام قد تكون غير دقيقة ، لأن شعبنا كُله تعرض للإعتقال والإهانة والإحتجاز في سجون أعدتها إسرائيل خصيصاً للقضاء على الإرادة الفلسطينية العظيمة .

ولقد كان لقضية الأسر في السجون الإسرائيلية قصص كانت بمثابة أسطورة انكسرت خلالها محاولات الإحتلال أمام إرادة الأسير ، فقدم شعبنا خلال هذه المسيرة العديد من الشهداء أبناء الحركة الأسيرة الأبطال ، الذين فضلوا الموت في سبيل الدفاع عن كرامتهم وحريتهم ، كبديل عن الذل والإهانة في السجون الإسرائيلية البشعة .

قضية الأسرى الفلسطينيون تُعد من القضايا التي ساهمت في إبقاء حالة الصراع الفلسطيني إسرائيلي حاضرة ، فكلما زادت إجراءات إسرائيل بحق أبناءنا وأسرانا ، زاد إصرارنا على إكمال مسيرة الشهداء والأسرى ، من خلال الفعاليات المستمرة التي تُبقى هذه القضية العظيمة في وجدان وعقول كُل أبناء شعبنا ومناصري وأصدقاء الشعب الفلسطيني ، كما أنها تبقى على أجندة المؤسسات الحقوقية والإنسانية ، هذه المؤسسات التي يقع عليها واجب كبير في المزيد من الجهد لفضح جرائم الإحتلال ضد أسرانا الأبطال .

قبل أيام شكل الأسير البطل خضر عدنان صورة مشرفة لشعبنا في صموده الذي أجبر إسرائيل على الخنوع للإرادة الفلسطينية ، وبعدها البطلة هناء الشلبي ، التي أجبرت إسرائيل على التفكير مائه مرة في إجراءاتها التي سوف تكون بداية لإنتفاضة جديدة تحمل اسم انتفاضة الأسرى ، وقبل أيام أيضاً كانت الذكرى العاشرة لإعتقال القائد الكبير مروان البرغوثي ، هذا العملاق الذي سطر أشرف وأروع الصور في النضال الوطني ، لكونه تنازل عن كُل المميزات أمام إصراره على إكمال طريق النضال من أجل الحقوق الوطنية الفلسطينية وفي مقدمتها القدس واللاجئين والأرض والأسرى .

اليوم نحيي ذكرى يوم الأسير الفلسطيني ، هذه الذكرى التي لا يجب أن تكون مجرد تاريخ عابر ، بل من الواجب أن تكون بداية لعمل جديد يؤدي إلى إنهاء هذه القضية الأساسية ، من خلال الجهد السياسي والشعبي ، وكذلك جهود المقاومة في إجبار إسرائيل على إطلاق سراح الأسرى الأبطال ، فهناك أسرى مرضى ، وأسرى مضوا زهرة شبابهم في هذه السجون الظالمة .

عاش يوم السير الفلسطيني ، وعاش شعبنا وتضحياته ، والمجد للشهداء الذين رسموا لنا طريق الحرية القادمة لا محالة ، وكُل الإحترام والتقدير للجهود الوطنية والرسمية والشعبية التي تعمل من أجل قضية الأسرى ، والتحية لكُل مناصري وأصدقاء شعبنا الفلسطيني الذين يقفون إلى جانب حقوقنا الوطنية المشروعة من أجل انتزاع الإستقلال والحرية وإقامة الدولة الفلسطينية بإذنه تعالى .

&&&&&&&&&&
إعلامي وكاتب صحفي - فلسطين

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت