عذرا ً يا دولة الرئيس, لم أتعود الكتابة لا لمدح ولا لذم أصحاب المعالي أمثالك، ولكنني اليوم سأعاتبك عتاب البنت لأبيها إذا جاز التعبير .
أنا شابة فلسطينية أتلمس طريقي الإعلامي, أحمل هم شعبي, وأتأثر بمعاناتهم, أبكي لمرضهم, يقشعر بدني لفقرهم وقلة حيلتهم, فهناك أناسٌ تنتظرنا لنأخذ بيدهم, ونسلط الضوء عليهم, ونبحث عن وجعهم وننقلها إليكم لعلنا نجد من يساعدهم منكم .
في كثير من الأحيان أبحر في كتاباتي لكي أوصل معاناتهم لأصحاب العلاقة , لترسي هذه السفينة التي تحمل فقرهم وجوعهم وأملهم على شاطئك, أيعقل يا سيدي أنك لم تتأثر بهم, لم تكون أول المستقبلين لسفينتهم وترحب بهم وتساعدهم, أم أنك تساعد من هم أعزاء عليك فقط!
ناشدناكم كثيرا ً, لماذا لم تلبوا ولم تستجيبوا لتلك المناشدات ؟
نقلت لك حياة أسرة ابتلعها الألم والجوع والحاجة, ولم يترك لهم الفقر برهة من الزمن ليعلن الهدنة معها.
كنت أتمنى عندما أكتب أن تكون أنت َ يا سيدي أول المسعفين للقضايا الإنسانية , كنت أنتظرك أنت َ, لأنك أنت َ الذي تعيش وسطنا ومعنا, أنت َ الذي تحكمنا, إذا ً أنت المسئول عن شعبك, فأهل غزة يتوقون لمساعدتك أنت .
أستغرب منك يا سيدي, قبل فترة وجيزة من الآن, قمت بإعداد تقرير عن حالة يرثى لها من شدة الفقر تسكن في مخيم الشاطئ, وكنت على يقين أنك أنت من سينقذها من فقرها لسبب يبدو بسيطا ًجدا ً وهو أنك تعيش في معسكر الشاطئ وليس بعيدا ً عنهم, وتعرفهم جيدا ً.
عندما أخبرتني إحدى الوكالات أن مكتب دولة الرئيس " إسماعيل هنية " سيساعد تلك الحالة , قلت في نفسي ونحن ننتظره ما زال فيكم أمل لشعبكم, لكن لا أعرف ما الذي حدث, سرعان ما تراجعتم عن قرار المساعدة , واختفيتم , ولم نستطع الوصول إليكم, كأنكم "فص ملح وذاب",لم أترك أي وسيلة أو اتصال بكم السبل تقطعت, والاتصالات نأسف لا يمكن الوصول.
في وقتها تراجعت أنا أيضا ً عن قراري وصرخت بأعلى صوتي وقلت لا يوجد فيكم أمل لشعبكم, بعد أن خذلتم هذه العائلة التي كانت تنتظر طرف خيط ليأتي ولو من بعيد لينتشلهم من شدة فقرهم.
وإذا قلتم لي أنكم ساعدتم أناس ٌ كثيرة, أقول لكم نعم وأنا أعلم ذلك جيدا ً, لكن أود البوح هنا أن هؤلاء الناس هم من حاشيتكم ومعارفكم, وليس من عامة الشعب أكيد.
أتعرف عن من أتحدث يا أبو العبد, بالطبع أتحدث عن عائلة المواطن ياسر أبو عودة, العائلة المستورة بفضل الله , التي يُصر الفقر أن يلاحقها أينما ذهبت.
هذه الأسرة لم تيأس وتعلم بأن أي حال ٍ من الأحوال, ستجد من يساعدها, دبرت وضعها واستلفت بضعا ً من المال , وقامت الآن بتجريف بيتها الذي يشبه غرفة فئران مظلمة كما وصفته سابقا ً, لكي تعيش في بيت يليق بالإنسانية لا أكثر, ولا تشعر أفراد تلك العائلة بغصة تدق في قلوبهم عندما يشاهدون بيوتا أفضل, وعائلات تعيش بحالات أيسر منهم , في البداية كانت بحاجة إلى من يقوم بتجريف البيت وإعادة إعماره , أما الآن فهي بحاجة إلى من يساعدها لإكمال المنزل , " فهل أنت مستعد يا سيدي ".
في الخامس من يوليو الماضي, أعدت ُ تقريرا بعنوان " تضحية أم... امرأة غزيه تعرض كليتها للبيع لإنقاذ ابنها " بعد ساعات من نشره في جميع المواقع الإلكترونية الخاصة والمستقلة والسياسية وحتى الحمساوية , لاقى هذا التقرير ترحيبا كبيرا من جميع الناس هنا في غزة والضفة وحتى دول الخليج العربي , والتبرع بمبالغ كبيرة جدا لهذا المواطن الذي كان يعاني بعيب خُلقي ولا يستطيع أن يتابع طريقه ويستقر في حياته إلا بعد إتمام عملية خارج غزة وتحتاج إلى مبلغ كبير جدا ً, وبعد يوم واحد فقط رد علينا الدكتور بسام البدري مدير العلاج بالخارج شخصيا ً بناء ً على تعليمات الرئيس أبو مازن , أن يتم التعامل مع هذه الحالة , وتبني العملية التي تحتاج إلى 60 ألف دولار , وخروج الشاب ووالده إلى مصر لإتمام العملية .
لماذا الرئيس وليس أنت يا رئيس الوزراء ؟!
كلمة أخيرة لك سيدي/ أنا لست ضدك, ولا ضد حكومتك ولا تنظيمك, ولا ضد أي تنظيم فلسطيني, ولا أي شخص فلسطيني, لكن ما أحتاجه فقط أن تتعامل مع الحالات الإنسانية بجدية ومسئولية , سيدي أنت مسئول " كلكم رع ٍ وكلكم مسئول عن رعيته "
في النهاية/ أتمنى أن يصل مقالي إليك , وأن ترجع بذاكرتك إلى الوراء قليلا وتتذكر هذه العائلة وتقف عندها بكل تمحص وتعيد حساباتك ثانية ً, وأتمنى هذه المرة أن تساعد تلك الحالة , وأقابلك أيضا ً ...... ننتظرك .....
إسراء حسن أبو عودة
لمن يهمه الأمر يرجى التواصل على رقم / 0592116167
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت