..... لم تعد تجدي أية إضرابات أو تحركات أو خطوات فردية أو حزبية في مواجهة قمع إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية وأجهزة مخابراتها،فهذه المؤسسة المغرقة بالعنصرية والتطرف وبقرار من أعلى المستويات السياسية في حكومة الاحتلال،تريد أن تقبر أسرانا في الأكياس الحجرية والصفيح الساخن وهم على قيد الحياة،تريد لهم أن يتمنوا الموت أو الشهادة ولا يحصلواعليها،تريد أن تجردهم من كل شيء ....وتريد أن تعيد أوضاعهم إلى ما كانت عليه في بداية سنوات الاحتلال....تريدهم أذلاء خانعين مفرغين من محتواهم الوطني،لا يجمعهم لا وحدة تنظيمية ولا وطنية ولا اعتقالية ولا انتماء ولا قضية...تريدهم أبناء مناطق وعشائر وعائلات وشللية وبلديات...حتى يسهل عليها قمعهم والسيطرة عليهم وإخضاعهم لرغباتها وقراراتها...تريدهم أن يلغوا من قاموسهم الثورة والنضال والتمرد والعصيان والرفض؟؟ .
الاحتلال نفس العقلية والمنهجية،عقلية البلطجة والاستعلاء والإقصاء،عقلية رفض قبول وجود الآخر،فالاحتلال المتنكر لكل شيء،والرافض والضارب بعرض الحائط لكل الأعراف والقوانين والاتفاقيات الدولية بفضل ما يتوفر لهمن مظلة وحماية أوروبية غربية وأمريكية يزداد تغولا وتوحشاً وعنصرية وتطرفاً،وبالتالي أعلن حربه الشاملة على شعبنا ووجوده،والحركة الأسيرة الفلسطينية تقع في رأس سلم أولويات الاستهداف الإسرائيلي لها،حيث نشهد في الآونة الأخيرة تصعيد غير مسبوق في إجراءات وممارسات الاحتلال الهمجية بحق الحركة الأسيرة الفلسطينية،فلا يكاد يمر يوم واحد دون ان تقوم وحدات قمع السجون بتسمياتها المختلفة من اقتحامات لغرف الأسرى والاعتداء عليهم بالضرب المبرح،واتخاذ إجراءات عقابية بحقهم على خلفية التصدي ومواجهة تلك الهجمات،حيث العزل في الزنازين واقسام العزل الخاصة ومصادرة وتدمير الممتلكات والأغراض الخاصة،والحرمان من الزيارات لفترات طويلة وفرض الغرامات الباهظة،ومنع مقابلة المحامين او الخروج لساحة النزهة"الفورة" والنقل الدوار من سجن الى آخر،ورفض تقديم العلاجات الطبية والأدوية،والحرمان من التقدم لامتحان الثانوية العامة والالتحاق بالجامعات،ناهيك عن التعذيب النفسي من خلال ظروف المعيشة الصعبة والاستفزازات والاهانات اليومية...وغيرها.
كل ذلك يضع الأسرى أمام خيارواحد وحيد،خيار المقاومة والمواجهة والدفاع عن الذات وعن الحقوق والمنجزات والمكتسبات،خيار التسلح بالإرادة وخيارخوض الإضراب الشامل والمفتوح عن الطعام،الأسلوب والشكل الأنجع في مواجهة الحرب التي تشنها عليهم إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية،هذا الخيار الاستراتيجي تخوضه الحركة الأسيرة منذ بدء الاحتلال وحتى اللحظة الراهنة،نريد ان نؤكد على صحته وصوابيته،ولكن في ضوء ما حصل من أحداث وتطورات على أوضاع الحركة الأسيرة فعلينا أن نشدد ونؤكد على ضرورة وحدة الأداة الوطنية التنظيمية للحركة الأسيرة،فهي صمام وعنوان انتصارها،ومهما بلغت عظمة الخطوات الفردية والحزبية من عظمة وبطولات وتضحيات،فإنها لن تحقق النتائج المرجوة والمأمولة منها،ولنا تجارب في هذا الجانب وعلى هذا الصعيد،ففي ظل غياب الرأس القيادي والقرار الموحد والقيادة الموحدة والإستراتيجية الموحدة،فشلت الحركة الأسيرة في تحقيق المطالب التي رفعتها في إضراب آب/2004،ذلك الإضراب الذي انهزمت فيه الحركة الأسيرة كان له الكثير من التداعيات السلبية على صعيد الحركة الأسيرة حقوقا ومنجزات ومكتسبات وهيبة ووحدة،وكذلك من بعد ذلك الإضراب لم تستطع الحركة الأسيرة الفلسطينية على الرغم من ارتفاع وتيرة استهداف إدارة مصلحة السجون وأجهزة مخابراتها لها،من أن تنظم أوضاعها وتوحد أداتها الوطنية التنظيمية،حيث صعدت إدارة مصلحة السجون من عمليات عزل الأسرى بشكل واسع،ورفعت من سلم العقوبات والممارسات الاذلالية بشكل هستيري،وللرد على ذلك لم تنجح الخطوات الجزئية والفردية،حيث كان إضراب 27 أيلول/2010،والذي خاضته الحركة الأسيرة دون توحد ومشاركة جماعية،وعلى الرغم من موافقة إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية على المطالب التي رفعها المضربين عن الطعام،الا انها مباشرة تنكرت لها،ومن بعد ذلك خاض الأسيرين خضر عدنان وهناء الشلبي إضرابا ملحميا عن الطعام،تجاوز كل أشكال الإضرابات السابقة عن الطعام من حيث طول المدة والمطلب المرفوع،(66 و43 يوما) والمطلب إغلاق ملف الاعتقال الإداري،وما زال حوالي 15 أسيرا يخوضون إضرابا مفتوحا عن الطعام تجاوز البعض منهم الخمسة وعشرين يوماً لنفس الغاية والهدف،ولكن حتى اللحظة الراهنة لا يلوح في الأفق ان إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية ستستجيب لمطالب هؤلاء الأسرى،فهي ترى انه بإمكانها احتواء مثل هذه الخطوات واجهاضها،ومع التقدير العالي لكل البطولات والتضحيات غير المسبوقة في تاريخ نضالالحركة الأسيرة،فهي لن تكون البديل ولا القادرة على حسم المعركة مع إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية بدون خطوة إستراتيجية جماعية موحدة يشارك فيها كل أبناء الحركة الأسيرة،وعلى الحركة الأسيرة ان تذلل كل العقبات أمام التوافق والتوحد في خوض معركة الأمعاء الخاوية،فهذا منعطف هام جداً في تاريخ الحركة الأسيرة،وعلى نتائجه تتوقف الكثير لجهة حقوق ومنجزات ومكتسبات وهيبة ووجود وصدقية الحركة الأسيرة الفلسطينية.
ومن هنا فإنني انظر بالكثير من التقدير العالي لوثيقة "العهد والاتفاق" التي أقرتها اللجنة الوطنية لاضراب الأسرى والتي تؤكد على خوض الحركة الأسيرة للاضراب بشكل جماعي وبرأس قيادي وبقرار موحد واستراتيجية موحدة،ولا أخفيكم مدى القلق الذي ساورني من المعلومات التي تتحدث عن عدم توحد وتوافق الحركة الأسيرة على خوض الإضراب المفتوح عن الطعام في ذكرى يوم الأسير،السابع عشرمن هذا الشهر بشكل جماعي وموحد،وبصفتي أسير محرر فإنني أناشد وأطالب أبناء حركتنا الأسيرة بمختلف ألوان طيفها السياسي ان تضع خلافاتها جانباً وان تغلب الوحدة على الخلاف،وان توحد أداتها الوطنية التنظيمية بعيدا عن الفئوية والحزبية،فالخسارة هي خسارة لجميع أبناء الحركة الأسيرة ليس لهذا الفصيل او ذاك،فانتم أمام معركة مصيرية،معركة قد يتقرر على ضوئها الكثير الكثير من الأمور فيما يتعلق بالحركة الأسيرة خوضها بشكل جماعي،وموحد أناشدكم بكل بدماء شهداء الحركة الأسيرة،بكل التضحيات والمعانيات التي قدمتموها وقدمها غيركم، دعو الانقسام جانبا فالعدو متربص بكم ويستهدفكم جميعاً.
المطلوب من شعبنا وقواه وفصائله وسلطته وممثله الشرعي والوحيد ان ترفع من وتيرة وسقف دعمها ومساندتها لأسرانا،فهي التي وقفت دائما الى جانبهم،ولكن في ظل الحرب المفتوحة والمتواصلة ضدهم فإن هذا يستدعي تحرك شعبي وجماهيري واسع،وكذلك على منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية التحرك على كل الأصعدة دوليا وعربيا وعبر كل المحافل والمؤسسات،من اجل استصدار قرارات بتدويل قضية أسرانا في سجون الاحتلال،وإلزام حكومة الاحتلال بوقف مسلسل جرائمه بحق هؤلاء الأسرى،وصيانة حقوقهم ومنجزاتهم التي كفلتها لهم الاتفاقيات والقوانين الدولية،واعتبار إطلاق سراح الأسرى وخصوصا القدماء منهم شرطا ملزما في إطار أي عودة للمفاوضات.
المعركة كبيرة...... والحركة الأسيرة تمر في منعطف استراتيجي..ومعركة الحسم تحتاج الى شحذ للهمم وتجنيد لكل الطاقات والجهود،ووحدة الأداة الوطنية للحركة الأسيرة شرط أساسي للانتصار في هذه المعركة.
القدس- فلسطين
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت