رفح – وكالة قدس نت للأنباء
تّعيش والدة الأسير سليمان فتحي أبو شلوف "31 عامًا" من سكان حي مصبح بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، يوم الأسير الفلسطيني بحزنٍ وألم وحصره تنغص قلوبهم، كباقي أمهات الأسرى في القطاع، المحرومات من رؤية أبنائهم مُنذ أكثر من خمسة سنوات.
في الذاكرة
ولم تنسى والدة الأسير أبو شلوف كما تحدثت لـ "وكالة قدس نت للأنباء"، الأيام الجميلة التي قضتها هي وفلذة كبدها بجوار بعضهما البعض قبل أن يُعتقل، كما لم تنسى تصرفاته وتعامله معها ومع أشقائه الستة كونه يكبُرهم، وحديثه الطيب وتعامله الحسن مع الجميع، على الرُغم قضائه نصف محكومتيه داخل سجون الاحتلال.
ويعمل أبو شلوف بالأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية، واعتقل بتاريخ 13/12/2004، في مدينة أريحا بالضفة الغربية، حُكم 13سنة، بتهمة مقاومة الاحتلال ومشاركته في اشتباك مع قوة إسرائيلية اقتحمت المدينة في التاريخ المذكور.
ولا يكاد يمر يوم حتى تتذكر فيها أم سليمان ولدها، فتنظر لصورته التي ملئت أجراء منزلها، بلهفة وشوق والدموع تفرغ من عيناها، وهي تُعيد الذاكرة لما قبل حوالي ثمانية سنوات، قبل أن يختطف الاحتلال ابنها منها، ويُلقي به بعيدًا عن عيناها، ويحرمها فوق كل ذلك من زيارته.
وتصف أم سليمان السنوات التي مّضت عليها وابنها داخل الأسر بــ الصعبة، قائلة : "شعرت بالغربة والوحدة والحزن والألم، خصوصًا بعد رحيل والده عن الدنيا قبل عام ونيف، والذي كان يتمنى رؤيته، لكن قدر الله عز وجل اختاره قبل أنّ يُفرج عن أبني، الذي لطالما تمنيا لقاء بعضهم البعض.
وفاة الوالد!
وما يزيد حزن وألم أبو شلوف ويّجعل الدموع لا تجف من عيناها سواء بالأيام العادية، أو التي تذهب بها للتضامن مع الأسرى بخيام الاعتصام، هو رحيل زوجها بالوقت الذي تُكابد به بشتى السُبل لرؤية أبنها ومحاولة القيام بأي إجراء قانوني ليُفرج عنه.
وليس من السهل على الأسير سليمان الذي حُرم من رؤية والده أنّ يستقبل خبر وفاته ويودعه "كما تُخبرنا والدته التي انهمرت الدموع من عيناها وهي تتحدث"، فلّم تتسرع العائلة بإخباره بالوفاة، إلا بعد أيام وعبر أحد الإذاعات المحلية خلال برنامج اسبوعي يُبث للتضامن مع الأسرى.
وما هي إلا أيام _كما تقول والدته_ حتى رآني ألبس الثياب السوداء داخل خيمة الاعتصام أمام الصليب الأحمر في مدينة غزة عبر أحد شاشات التلفاز، فهاتفني بعدها وطلب مني عدم ارتدائه، وقال لي "حزنت كثيرًا على رحيل والدي لكن ما بيدي شيء، وسألني لماذا ترتدين الأسود، فأبي رحمه الله وأنا بالأسر، فهل بلباسك الأسود سترجعينني أنا ووالدي!!!".
مواصلة التضامن ومطالب
وتُبدي استعدادها للذهاب مع ولدها حتى لو أبعدوه وراء الشمس، في الوقت الذي تُصر فيه على مواصلة التضامن مع أبنها وغيره من الأسرى بأي اعتصام كان، وهذا ما بدى واضح من حضورها لكافة إعتصامات الأسرى والفعاليات الخاصة بهم بمختلف المحافظات.
وحول الإضراب الذي يخوضه الأسرى عن الطعام بيوم الأسير، تؤكد أبو شلوف بأنّ إضراب الأسرى بما فيهم ابنها شرف عظيم لنا جميعًا، موجهة التحية لكافة الأسرى القابعين خلف قضبان الأسر، وشدّة على أياديهم، مطالبتهم بمواصلة إضرابهم حتى نيل حقوقهم.
وطالبت كل ضمير بهذا العالم بأنّ يقف مع قضية الأسرى ويساندها ويعمل على الإفراج عنهم، ويسمح لو على الأقل لذويهم بزيارتهم، مناشدًة كافة الدول العربية بالتوحد في خندق واحد لدعم قضيتهم، والتحرك بشكل فعلي وجاد للإفراج عنهم بأي ثمن كان، لأنهم شرف الأمة بأسرها.
الفراق صعب
أما شقيقة الأسير سلوى فتقول لـ "قدس نت": "الفراق صعب جدًا خصوصًا عندما يكون للأقرب على أي إنسان، فكيف وأنّ أخي فارقنا ويعيش بعيدًا عنا ولا نعلم ما يحدث معه، رغم أنه يتصل علينا بين الفينة والأخرى ويطمئننا على صحته، لكن هذا غير كافي فنحن بحاجة لرؤيته على الأقل وزيارته كـ "حق طبيعي لنا".
وتضيف أبو شلوف _الذي بدى على وجهها الحسرة والحزن_"مرّت السبع سنوات الماضية بألم وحزن، فلم تدخل الفرحة الحقيقة بيتنا قط، وبعد وفاة والدي ازداد الوضع سوءًا، فالأب توفى وأخي الأكبر ما زال بالأسر"، متمنية بأنّ يمنّ الله عليه بالإفراج هو وجميع الأسرى، ويعودوا لذويهم.
وتشير إلى أنّ أي تأخر بالاتصال من قبله عليهم، يُقلقهم عليه، خشية حدوث شيء له، لا سيما و" أننا نسمع بشكلٍ شبه يومي الاعتداءات عليهم من قبل إدارة السجون الإسرائيلية، وهذا ما يجعلنا نعيش في قلق دائم عليه هو وغيره من الأسرى".
ولا يّختلف شعور سلوى عن والدتها كثيرًا، فهي الأخرى تُجمع على أنّ أسر أخيها ترك فراغًا كبيرًا بالمنزل، وازدادت مساحة هذا الفراغ بعد رحيل الوالد، قائلاً : "دائمًا نتذكره بالخير، ونستذكر سيرته الطيبة وتعامله الحسن والمواقف الجميلة التي عشناها سويا، كلما تجلس العائلة وصوره تلف جدران المنزل من حولنا".