ما يميز الشعب الفلسطيني قدرته على الصبر، وحتى الان لا حل لديهم سوى الصبر الذي اصبح سلاحهم الوحيد، ومطلوب منهم العيش في ظل الانقسام والاحتلال والعتمة، لم يعد لديهم مزيداً من الوقت والصبر، صبروا طويلاً وخسروا كثيراً وما زالوا من حياتهم وتاريخهم وحريتهم وكرامتهم، وما نطلبه من اسرانا ان يصبروا على الظلم والحرمان من الحرية.
وأصبح الفلسطينيون أسرى خلافاتهم وهمومهم الخاصة ولقمة العيش والكهرباء، وعدم وحدتهم من خلال محاصرتهم أنفسهم وبدلا من التوحد والاتفاق على قضية في حجم قضية الأسرى، الفلسطينيون أصبحوا خلاقين ومبدعين في البحث عن القضايا التي تعمق الانقسام وزيادة حدته، وفقدوا الثقة بالقيادة والقضية، وبدلا من البحث عن القضايا التي تكرس الوحدة والتالف وتعمق التضامن يذهبون كل يوم باتجاه الصراع على السلطة، وملفات كثيرة وكبيرة أهملت والاحتلال ماضٍ في إجراءاته التعسفية والقمعية بحقهم.
تركوا قضاياهم الكبرى ويبحثون في قضاياهم الصغيرة، اسراهم وحدهم، انقسموا على قضيتهم، يتعرضون لهجمة عنصرية انتقامية ومتصاعدة ومعاناتهم مستمرة منذ سنوات، ويخوض بعضهم الاضراب عن الطعام منفردين من دون اجماع وطني وتضامن شعبي ورسمي حقيقي.
كل ذلك يجري في ظل اعلان جزء كبير منهم البدء في الاضراب عن الطعام في يومهم، يوم الاسير اليوم الثلاثاء السابع عشر من نيسان/ ابريل تحت شعار “سنحيا بكرامة” وحددوا مطالبهم بإنهاء سياسة الاعتقال الإداري، وإنهاء سياسة العزل الانفرادي، وإعادة التعليم الجامعي والتوجيهي، ووقف الاعتداءات والاقتحامات لغرف وأقسام الأسرى، والسماح بالزيارات العائلية وخاصة لأسرى قطاع غزة، وتحسين العلاج الطبي للأسرى المرضى، ووقف سياسة التفتيش والإذلال لأهالي الأسرى خلال الزيارات على الحواجز، والسماح بإدخال الكتب والصحف والمجلات، ووقف العقوبات الفردية والجماعية بحقهم.
والمؤسف والمحزن أن نضال الفلسطينيين والأسرى أصبح من اجل تحسين شروط حياتهم في السجون وليس من اجل الضغط والمطالبة بالإفراج عنهم، وهم يخوضون اضرابهم غير موحدين ومن دون موقف وبرنامج نضالي موحد، وفي ظل ذلك يظل الخوف من الانقضاض عليهم والاستفراد بهم وإفشالهم من دون تحقيق أي نتائج.
الأسرى قلقون من خيبة الأمل المتلاحقة والمتكررة، من تراجع حجم الفعل المساند وضعف التضامن الشعبي لهم ولقضاياهم، وذلك واضحاً من الهجمة الانتقامية والشرسة التي يتعرض لها الأسرى يوميا في السجون الإسرائيلية، وشكوى العائلات من هذا الحال، قد بلغ ذروته وتفاقم لدرجة الغضب والحزن الشديد، و لم يرقَ التضامن والفعل المساند معها الى حجم قضية وطنية كان ولا يزال إجماع وطني على أنها أولوية.
الفلسطينيون خلال السنوات الماضية لم يتركوا مناسبة الا وكانوا يثيرون فيها قضية الأسرى، وكانت تقام فعاليات متنوعة وكثيرة من اجل دعم الأسرى والتضامن معهم على كافة الصعد محلياً وعربياً وعالمياً، وفي ظل الظروف الصعبة، التي يمرون بها، أصبحوا غير متحمسين للمشاركة في أي شيء وطني من أجل دعم قضاياهم المصيرية، وفقدوا العديد من المتضامنين الأجانب الذين كانوا يأتون من جميع دول العالم للتضامن مع القضية الفلسطينية بشكل عام.
الاسرى هم عنوان وحدتنا وهم المظلة التي نجتمع تحتها وهم من جمع الفلسطينيين عندما أعدوا وثيقة الاتفاق الوطني، وجعل قضيتهم اولوية من خلال تحشيد الجهود العربية والدولية للضغط على دولة الاحتلال لوقف الانتهاكات الخطيرة والمنظمة لقواعد القانون الدولي الانساني ومبادئ حقوق الانسان بحقهم والإفراج عنهم.
وإذا ما بقي الحال على ما هو عليه من الانقسام والمزايدات سيظل اسرانا وحدهم وسنطالبهم بالصبر، ولم يتمكنوا من العيش بكرامة وحرية، ودولة الاحتلال ستستمر بالانتقام منهم، وغياب قضيتهم عن أي نشاطات تضامنية داعمة ومساندة لإعادة قضيتهم الى مكانتها التي تستحقها في الرأي العام الفلسطيني والعربي والدولي.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت