غزة – وكالة قدس نت للأنباء
في زرقة عينيها وصفاء وجهها الطفولي تكمن حكاية آلم خلفها حقداً إسرائيلي، فهي لم تكن وقتها تركض خلف أخ لها أو طفلة من عمرها يلعبان "الأستغماية"، لكنها كانت تهرب من سمفونية الموت، التي شاركت في عزفها كافة الآلات الحربية الإسرائيلية على مدار 21 يوماً عاش وقتها الغزيون أيام في غاية الصعوبة.
فالطفلة الفلسطينية فاطمة مصطفى عياش ثمان سنوات من سكان حي الشيخ رضوان بغزة، لم تكن تعرف أن هروبها من الصواريخ التي تساقطت كالمطر على منزل بجوار بيتها الذي تضرر بالكامل، أن شظية ستصيبها في قدمها وستجعلها محرومة من ممارسة حياتها كطفلة.
وتتمني فاطمة خلال حديثها لمراسل وكالة قدس نت للأنباء سلطان ناصر، أن تمارس حياتها كطفلة عادية وأن لا تنظر لها زميلاتها في المدرسة على أنها جسماً غريباً عنهم، قائلة " أنا دائماً ما أكون وحيدة داخل المدرسة وبمجرد انتهاء اليوم الدراسي أعود إلى المنزل لوحدي بدون صديقات أسير معهم".
وتبين فاطمة أنها تعاني بشكل مستمر وقدمها تؤلمها ولا تقدر على السير لمسافات طويلة، وخاصة عندما يكون جهاز " الجزروف" موضوع في قدمها، سائلة الله عز وجل أن يشفيها لتتمكن من العودة لحياتها العادية بعيداً الآلام والمستشفيات والعمليات".
خلال هروبهم....
ويقول والد الطفلة مصطفي عياش" خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة في عام 2008 تعرض منزل جارنا للقصف المباشر من قبل الطائرات الإسرائيلية، وطال القصف منزلنا، وخرجنا منه بسلام"، مبيناً أنه خلال هروبهم تعرضت فاطمة للإصابة بشظية صاروخ في قدمها ونقلت إلى المستشفي.
ويضيف أن جملة من العمليات أجريت لإبنته لكن حالتها زادت سوءًا نتيجة حدوث نزيف في قدمها اليسرى، وسرعان ما تحول هذا النزيف إلى عظم، وتحول قدمها إلى ما يشبه الكرة، وتوقفت فاطمة عن الحركة بشكل كامل، وبدأت عائلته بالسعي للحصول على تحويله علاجية.
ويشير عياش إلى أنه تمكن من الحصول على تحويلة علاجية لـ فاطمة من قبل السلطة الفلسطينية لتلقي العلاج في جمهورية مصر العربية، موضحاً أنه فور الوصول لمستشفى معهد ناصر الطبي أجريت لها عدد من الفحوصات والعمليات حاول خلالها الأطباء إيجاد حل لمشكلتها الصحية، دون جدوى نتيجة عدم توافر الإمكانيات الصحية اللازمة لعلاجها.
ويوضح أنه في المرحلة الأولي من العلاج في القاهرة، مكثت فاطمة مئة يوم، وبعدها عاد إلى غزة وسافر مرتين، وأخبره الأطباء المصريون أن فاطمة بحاجة إلى مركز متخصص في عظام الأطفال لوجود أكثر من مشكلة في المفصل.
نقطة الصفر...
ويقول والد الطفلة عياش "عندما تحول النزيف إلى عظم استأصل الأطباء في مصر هذا العظم وأجروا عمليات تعديل على الاعوجاج المتبقي في قدمها من خلال استخدام جهاز "الجزروف"، مبيناً أنه بعد تلك العمليات كانت تعود فاطمة إلى النقطة الأولى التي بدأ منها الأطباء العمليات، دون تحقيق نتائج جذرية في حالتها الصحية.
وحسب ما أخبره الأطباء المصريون فإنه يمكن أن تجرى فاطمة عدد من العمليات الجراحية في أحد المراكز المتخصصة في مجال العظام بألمانيا ، تساهم مستقبلاً في عودة الطفلة إلى حياتها الطبيعة بدون وجود مشاكل صحية في قدمها .
معاناة مستمرة ...
ويوضح والد فاطمة أن إبنته تحتاج في العام الواحد إلى عمليتان في قدمها، ويبقي جهاز " الجزروف" في قدمها لمدة ستة شهور، وأخرى بدون الجهاز، وهو ما يشكل صعوبة في الحركة لدى الطفلة بسبب ثقل وزن الجهاز، ناهيك عن المظهر الذي يلحقه بقدمها، منوهاً بأن هذه العمليات والجهاز سيبقيان مصاحبان إبنته حتى عمر 18 عاماً .
يقول والد فاطمة "ما أصابني بالصدمة الحقيقة حديث أحد الوفود التركية التي زارت غزة مؤخراً ، بأنه لا يوجد حلاً إلا ببتر ساق الطفلة وتركيب طرفاً صناعي بدلاً من إجراء جملة من العمليات بشكل سنوي لها"، مؤكداً أن هذه الصدمة كانت الأقوى عليه طوال فترة معاناته وأسرته في مراحل علاج فاطمة .
ويعانى والد الطفلة كغيره من الغزيون أوضاع اقتصادية سيئة جراء قلة وجود فرص عمل وتدهور الأوضاع الاقتصادية بسبب استمرار الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، موجهاً رسالة عاجلة للرئيس الفلسطيني محمود عباس بضرورة التدخل الفوري لمساعدة فاطمة في علاجها.
وطالب رئيسي الوزراء في غزة والضفة الغربية بضرورة التدخل لإنقاذ طفولة فاطمة، قائلاً " تحتاج فاطمة علاج مكلفاً لا أستطيع أن أوفره لها، ولا سيما أن علاجها موجود فقط في ألمانيا ومستشفيات أوروبا ولا يوجد في الدول العربية، لذلك أتمنى من الله أن يسخر لها من يتبنى علاجها في الخارج".