بالعربي

بقلم: أسامه الفرا

حواديت ...
بالعربي

الاستثمار في المجال الإعلامي بات يجذب أصحاب رؤوس الأموال، ومع التصاعد الكبير في عدد القنوات الفضائية، ما زالت القنوات الإخبارية هي الأكثر جذباً للمشاهد والمستثمر، والاستثمار فيه يتعلق بالمردود السياسي أكثر منه المالي، وبغض النظر عن السياسة التي تحكم وتتحكم في المادة الإخبارية المقدمة للمواطن، إلا انه لا يمكن لنا تجاهل النفوذ الذي استطاعت أن تحققه بعض القنوات الفضائية العربية، وفي مقدمتها قناتي الجزيرة والعربية، ولا شك أن أنظمة الحكم في المنطقة باتت تبحث عما يجنبها استهداف الجزيرة أو العربية لها، والمؤكد أيضاً أن الأموال التي تصرف عليهما حققت لمالكيها إيرادات ومكاسب سياسية طبقاً للأهداف التي وضعت لها فاقت التوقع، وإن حاولت الأنظمة المالكة والراعية لهذا الإعلام أن تبتعد عن واجهتها، إلا أن الواضح أن كل كلمة وفاصلة تنقلها للمواطن العربي تأتي لخدمة خطة العمل التي أعدت لها، والملاحظ أن هذه القنوات أحدثت ثورة في المنظومة الإعلامية في المنطقة، واستطاعت رغم حداثتها أن تطيح بمؤسسات إعلامية لها باع طويل في هذا المجال وتمتلك من العقول البشرية ما لا تمتلكه هذه القنوات، ولكن يبقى المثير في الموضوع أنها جاءت من رحم أنظمة وصفت على مدار العقود السابقة بأنها معقل الرجعية العربية.
الواضح أن الإعلام ببريقه ونفوذه وسطوته، التي اتضحت بشكل جلي خلال الربيع العربي، استحوذ على اهتمام البعض لخوض غماره بقوة، فإلى جانب الأمير السعودي الوليد بن طلال والذي يعكف منذ شهور على إطلاق قناة فضائية إخبارية "العرب" ووفر لها كل الإمكانات المادية القادرة على بعثها بقوة، تجري التحضيرات على قدم وساق لإطلاق قناة "سكاي نيوز عربية" مطلع الشهر القادم، وهي حصيلة شراكة بين شركة أبو ظبي للاستثمار الإعلامي وشركة سكاي الإعلامية البريطانية صاحبة الحضور المميز في المجال الإعلامي بشكل عام والإخباري على وجه الخصوص، ويقول المشرفون على القناة بأنها ستقدم الأخبار السريعة على مدار الساعة، وأن أخبارها ستتسم بالسرعة والرشاقة، من خلال طاقم عمل يفوق تعداده الأربعمائة ما بين صحفي متمرس وإداري، ويؤكد المشرفون أن عملها لن يقتصر على المادة المتلفزة بل ستنقل الأخبار للمواطن عبر التقنية الحديثة للآي باد والآي فون والهواتف الذكية، هذا بجانب الانترنت حيث تتوسع مساحة المتصفحين له يومياً.
نظراً للبيئة الجدباء في عالمنا العربي فيما يتعلق بالمعلومة التي تصل للمواطن، وطريقة إيصالها له التي تغيب عنها التقنية الحديثة، وفي ظل عدم الاهتمام بالإعلام وتطوير أدواته من قبل الجهات الرسمية، فقد دفع ذلك العديد من القنوات الإخبارية الأجنبية لأن تطلق قنواتها الإخبارية الناطقة باللغة العربية، حيث طرقت هذا المجال كل من سي ان ان وفرانس 24 وروسيا اليوم، وبالتالي يمكن لنا القول أن المنطقة العربية تشهد اليوم منافسة قوية في مجال إيصال الخبر للمواطن العربي، لكن يبقى السؤال هل هذه القنوات الإخبارية تتسم بالموضوعية والحيادية والنزاهة؟.
قد نكون لسنا بحاجة للولوج في نظرية المؤامرة لتفسير هذا الغزو الإعلامي لنا، ولكن المؤكد أن الطبيعة ترفض الفراغ، وأن عالمنا العربي على مدار العقود السابقة عمل على تسخير أدواته الإعلامية القديمة للتصفيق للأنظمة الحاكمة، حتى تحولت مؤسساتنا الإعلامية لراقصات تهز وسطها على إيقاع إنجازات النظام الغير مرئية.
إن كنا نؤمن بأن الإعلام اليوم لم يعد يتسم بالحرية والموضوعية والنزاهة، وأن غالبيته يقوم على خدمة أهداف محددة يتم وضعها بعناية فائقة، ونتجرعها كمن يتجرع السم في العسل، فمن الأولى أن نقدم نحن لمواطنينا المعلومة بكل نزاهة وموضوعية، ونوسع كثيراً من حجم استثمارنا في المجال الإعلامي، بدل أن نصب جام غضبنا على من تسلل من خارج حدودنا لحديقة منزلنا، ومنها لداخل غرفه وردهاته، ناطقاً بالعربي.
[email protected]

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت