الإعلام الفلسطيني بين المهنية واللامهنية

بقلم: رمزي صادق شاهين


تأثر الإعلام الفلسطيني في السنوات الأخيرة بالعديد من العوامل التي جعلت منه إعلاماً غير مكتمل القوام ، بحيث أصبح يحيد عن القواعد والمفاهيم والآداب الإعلامية المهنية ، وأصبحت اللامهنية تطغى على المهنية في الكثير من المواقف ، بل كان الإعلام أحد أهم أسباب تفاقم الأزمات ، وكان مادة تحريضية هدامة بدلاً من أن يكون إعلاماً إيجابياً يساهم في عملية البناء والتطور .

كانت السنوات الخمس الماضية من أقسى السنوات على الإعلام الفلسطيني ، حيث تحول بشكل كامل إلى إعلام حزبي وخاص ، أعطى صورة مشوهة عن معني الإعلام الحقيقي ، بل وكان عاملاً مهماً في تطور الأحداث وتسارعها ، وشكل حالة ضغط سلبية أثرت على يوميات حالة الإنقسام الداخلي الفلسطيني ، وقد كان سبباً في هدوء أو اشتعال الساحة الفلسطينية .

وبرغم محاولات القائمين على الإعلام ، سواءاً الإعلام الذي ينطوي تحت راية السلطة الوطنية في رام الله ، أو الموجود في غزة ، على عدم إعطاء هذا الدور السلبي للإعلام ، إلا أن المراقب العام شاهد ويشاهد يومياً كيف يتحول الإعلام إلى سيف يخرج من الطرفين أمام أي أزمة صغيرة أم كبيرة ، بل وكان هذا الخروج على حساب بعض القضايا الوطنية أحياناً ، حين كنا نناقش قضايانا الداخلية عبر الإعلام ونعطيها لقمة رخيصة لوسائل الإعلام الصفراء ، كانت إسرائيل تمارس دورها القاتل للأرض والمواطن والمقدسات .

لقد أثرت الأزمة الفلسطينية الداخلية إلى جانب تراجع الحالة الوطنية بشكل عام ، إلى وجود حالات تعميق للإنقسام الفلسطيني على مستوى المؤسسات الوطنية ، كما شاهدنا انفصال نقابة الصحفيين وغيرها من المؤسسات التي تطلع لها المواطن دائماً إلى أنها مؤسسات يجب أن لا تكون طرفاً في هذا الإنقسام ، الذي يجب أن ينتهي وبشكل سريع ، لأن فلسطين تحتاج منا كُل جهد جماعي من شأنه الوقوف أمام التحديات السياسية الدولية والعربية ، خاصة أن الأوضاع الآن غاية في السخونة ، وأخشى أن ندفع كشعب فلسطيني ثمن الحالة العربية المتردية والحالة الدولية المتخاذلة .

لا أعلم لماذا تراجعت الجهود الوطنية لإعادة وحدة المؤسسات الإعلامية الوطنية ، كمقدمة حقيقية لتغيير الواقع نحو فتح المؤسسات المغلقة في الضفة والقطاع ، وعودة المشهد الفلسطيني ليتصدر شاشات الفضائيات ووسائل الإعلام العالمية والعربية ، ولكي نفوت الفرصة على كُل المتربصين بمشروعنا الوطني ووحدتنا الوطنية الفلسطينية ، في ظل التأكيدات القيادية من السيد الرئيس أبو مازن وقيادة حركة حماس ، واللذان أكدا مراراً أن المصالحة واجب ديني ووطني لا يمكن أن نتجاوزه ، وأن عودة الوحدة والوفاق الداخلي هو السبيل الوحيد لمواجهة ما يتربص بمستقبلنا ومقدساتنا من أخطار ، كيف لا ونحن نرى أن إسرائيل وكُل من يدور في فلكها تعتبر القضية عبارة عن تسلية ، وكل يوم تزيد من عمليات التهويد ونهب الأراضي وتوسيع المستوطنات وتغيير الواقع الديموغرافي والجغرافي لاستحالة أي حل سياسي من شأنه إعادة الحقوق الوطنية لشعبنا ويقوض أي محاولة لإقامة دولتنا الفلسطينية بعاصمتها القدس الشريف .

نتطلع لإعلام وطني فلسطيني يكون أكثر مهنية ... إعلام يبتعد عن منهج التشكيك والتخوين .. إعلام نحترم فيه شهدائنا وتاريخنا الطويل في التضحية ... إعلام نعطي من خلاله صورة مشرفة لكُل العالم ، كيف لا وشعبنا كان ولازال نموذج الشعب الصابر المرابط والمقاوم ، والذي لا يمكن له التنازل عن حقوقه المشروعة في وطنيه وأرضه .
&&&&&&&&&&
إعلامي وكاتب صحفي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت