هناك حرب إسرائيلية خطرة تدور الآن في العالم العربي و على عدة جبهات وهي حرب غير معلنة تجند لها إسرائيل الآلاف من أعضاء المخابرات الإسرائيلية بهويات مزورة لا يستطيع احد ان يكشف هويتهم الحقيقية , وهذه الحرب تختلف عن الحرب التقليدية بمدافعها و صواريخها و قاذفاتها و بوارجها إلا أنها تعتبر الأخطر من وجهة نظري لأنها حرب غير مكشوفة و غير معروف جنودها حتى يمكن مقابلتهم بالسلاح و بالتالى التقاتل معهم وهذه الحرب تستهدف سلامة الصف العربي بالمجموع و سلامة كل دولة من الدول العربية على حده و بالأخص دول الربيع العربي ليبقي الربيع العربي بلا إزهار وبلا ربيع حقيقي يعجز أن يثمر في بلده أولا و يعجز بالتالي عن اتخاذ موقف حسم من الصراع ,ومن هنا فان طريق تخريب الربيع العربي و ضياع الثورات العربية هي المقصد الصهيوني من كل تحرك مخابراتي خفي يدير معركة خفية .
إن الحرب الخفية هي صهيو أمريكية الآن تدور ببرمجة على اعلي المستويات الاستخباراتية تهدف لجمع المعلومات اللازمة لتلك الأجهزة لتنفذ برامج تدجين وترويض وتحيد لأي قوة تتولى الحكم لاتخاذ موقف محايد من الصراع وألا تشرع في معاداة الصهيونية و كيانها إسرائيل والمواجهة معها , وهنا يأتي دور المخابرات الأمريكية والإسرائيلية الخفي لإعاقة وصول أي تيار أو قوي معادية لإسرائيل إلى الحكم في مصر او سوريا او ليبيا او تونس او حتى اليمن و إن وصل لابد وان يكون قد تم تدجينه مسبقا ليتعامل من مدخل الإبقاء على ما ابرم من اتفاقيات علنية و سرية تفضي لحماية مصالح إسرائيل و أمريكا و الإبقاء عليها دون مساس ليعيش الجميع في سلام وامن واستقرار ,و بالتالى يكون السعي لعدم مواجهة إسرائيل و برنامجها التوسعي الاحتلالى لان تثبيت الحكم و تقوية الإطار الحاكم هو الأولى ليتاح الاستمرار لتلك القوي الحاكمة في التمكن و الثبات ,وساعتها يكون الحكم قد طاب و التمرغ في الملذات وصل خط الاقتراب من الذروة و الاستوزار أصبح استحقاق لا يمكن التخلي عنه ,هذا بخلاف الاغتناء والتعالي على الناس و ليرضي من يرضي و الموت و السجن و التخوين لمن يعترض على هذه المغانم لان من يعترض يكون قد حكم على نفسه بالموت لأنه يقف في وجه من يجهزوا للجهاد و المعركة الكبرى لتحرير المقدسات المسلوبة , ويكون قد أعاق النصر الذي هو قاب قوسين أو ادني من الأمة العربية.
و التدجين و ترويض الحركات التي كانت تعادي إسرائيل و أمريكا هي المعركة الخفية التي تديرها أمريكا وإسرائيل الآن ولا يكتمل التدجين و الترويض إلا بوصول هذه الحركات الى الحكم و اعتلاء الممالك والإمارات ,وعلى خلفية هذا يبقي الدور الأخطر الذي تسارع فيه الصهيونية العالمية إلى إكماله و الانتهاء منه بصمت متدحرج هو الاستيلاء على فلسطين و الاستيلاء على القدس ,مسري محمد ابن عبد الله ,النبي الأمين صلى الله عليه وسلم ,والاستيلاء هذا لا يأتي إلا بتهجير ما يقارب المائة ألف عربي فلسطيني من أرضهم وهدم بيوتهم وطردهم خارج المدينة المقدسة لتحول الأكثرية الديموغرافية الى وجود صهيوني يهودي فقط بالإضافة إلى إقامة الهيكل المزعوم داخل أسوار المسجد الأقصى واعتبار بواباته مدخل لهذا الهيكل ,و بهذا تحول إسرائيل بين القدس و بين عودتها للحكم العربي الإسلامي و إمكانية أن تصبح عاصمة الدولة الفلسطينية الحديثة ,من هنا فان اليهود يكونوا قد أكملوا دولتهم و عرفوا حدودها و الآمة العربية غارقة في ديمقراطيتها و وصول هذه الفئة أو تلك الجماعة غالى الحكم و إدارة البلاد و فتح الطريق أمام مناكفات سياسية خطرة بين جميع القوي السياسية دون استثناء وهذا ظهرت بوادره في ليبيا و تونس و الآن و قبل الانتخابات في مصر .
لننتبه نحن العرب إلى هذه الحرب الخطرة التي تديرها الصهيونية العالمية ,وننتبه إلى ما ينتج عن اختلافنا و انقسامنا و ابتعادنا عن الهدف الأسمى و هو فلسطين وقضايا الأمة العربية و نتنبه جيدا ألا يكون الهدف مجرد هدف دون آليات و خطوات حقيقية توصلنا غالى تحقيقه كاملا غير منتقص , وننتبه لان السياسة غروره و دنياها شيطان و غرورها هو الجاه و السلطان و سلطانها بالطبع يسلب الرأس من الجسد و الجسد من الصف و الصف من ألامه , و الانتباه هذا لا يؤتى عبر المواجهة مع المقابل و المكمل للجسد و اعتباره العدو الحقيقي و تجاهل العدو المركزي على خلفية الفوز بهذا المجلس أو ذاك أو بمنصب هذا الرئيس او ذاك و إنما بالاتفاق وبرمجة الانتخابات الرئاسية و البرلمانية مع الجميع وهو النصر الحقيقي للجميع بغض النظر عن أي مسميات سياسية خلقتها محاور الصراع المختلفة داخليا و خارجيا بالعالم العربي ,والنصر والفوز هنا هو إخراج البلاد من حالة الفوضى التي تسعي إليها تلك البرامج الاستعمارية اللعينة ,والبعد بالبلاد بعيدا عن الانقسام و التفرد بالحكم و الضعف والهوان ,و أخراج البلاد لا يتأتى إلا من بوابة التشارك الحقيقي لإدارة البلاد و انتخاب حاكم قوي يصطف خلفه الجميع على آنس تدفع كل القوي السياسية بقوتها نحو حماية البلاد و العباد معا .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت