إضراب الأسرى.. توصيف حالة

بقلم: عبدالله قنديل


في غرف العزل وزنازينه حكايات وحكايات عنوانها آهات وأنات ولكنها مع ذلك تصل إلينا بعنوان الصمود وتحدي هذا الجلاد وليس بلغة الانكسار والهزيمة.

الأمر لايمكن السكوت عنه، وهو لايطاق مطلقا وبالأخص بعد ثلاثة عشر عاما مضت على عزل أقدم الأسرى وهم أحمد المغربي، حسن سلامة، محمود عيسى، وبقية يزيد عددهم على العشرين، ولعل إنهاء هذه المعاناة هو العنوان الأبرز الذي وضعه الأسرى الأبطال في سجون الاحتلال لإنهاء إضرابهم وأعتقد أن الاحتلال الصهيوني لن يجد حلا في النهاية إلا إنهاء هذه القضية بشكل أو بآخر لاسيما ونحن نتحدث أن المسألة كانت مطروحة ضمن اتفاق صفقة وفاء الأحرار وهذا يملي على قيادة جهاز المخابرات العامة المصرية بضرورة التحرك لتذكير "إسرائيل" بعدم التنصل من الالتزام بتطبيق ماجاء في الاتفاق الذي رعاه المصريون.

تحرك مشعل للقاهرة جاء -وفق المعلومات- لهذا الشأن والحديث مع المصريين كان واضحا بضرورة أن يتم وقف العمل بقانون شاليط وكذلك العزل الانفرادي، والاجتماع الذي عقد في القاهرة أيضا بين رئيس السلطة محمود عباس وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس جاء بهدف دعم وتعزيز مطالب الأخيرة ويكفي أن نذكر بأنه لم يسبق وأن جاء تحرك على هذا النحو من أعلى الهرم السياسي الفلسطيني دعما لمطالب الحركة الوطنية الأسيرة مما يؤكد أن الأسرى في سجون الاحتلال نجحوا إلى حد كبير في فرض أجندتهم وهذا بالتأكيد لم يأت من فراغ بل يعّمد بالدم وبمعركة كسر العظم وسلاح الأمعاء الخاوية، وأنا على يقين بأن هناك أهداف غير معلنة من الإضراب، لاتتمثل فقط في فضح انتهاكات الاحتلال بحق الأسرى ومحاولة العمل على إنهائها بل إن الأمر يصل إلى إصرار الأسرى على أن تبقى قضيتهم حاضرة في كل محفل وعلى رأس أجندة كل فصيل فلسطيني وكذلك أن تنال اهتمام كل مواطن فلسطيني، والأمر ذاته ينطبق على الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة التي بالتأكيد هي في موضع لاتحسد عليه فقياداتها يعتدى عليهم بالضرب المبرح ويهانون من جنود صغار داخل غرف العزل والاعتقال، وصمتها لايمكن له أن يفسر، فالأسرى من خلال هذا الإضراب أيضا يؤكدون أنهم بحاجة لعملية أسر جديدة تعيد لهم بارقة الأمل بصفقة تبادل أخرى فحلم الحرية يراودهم والأمر ليس مستحيلا، وكذلك فإن الإنعكاسات الحاصلة إثر ثورات الربيع العربي لها موطأ اهتمام لدى من اتخذ قرار الإضراب، بحيث يأمل الأسرى بأن تصبح قضيتهم ليست فلسطينية فحسب ولكن قضية عربية إسلامية أيضا.

الأيام القليلة القادمة حاسمة وستكون لها تبعاتها، نجاح الإضراب سيكون له تبعاته الإيجابية جدا، وفشله سيكون له تبعات خطيرة جدا أيضا، والكل بات مطالب بأن يستخدم أقصى ما في وسعه لدعم مطالب الأسرى وتعزيز صمودهم.

ختاما.. المحصلة هي صمود أسطوري يبديه هؤلاء الأبطال في ظل مواجهة أعتى قوى الشر في المنطقة صلفا وغطرسة وعنجهية، ورغم كل ذلك فإن الأسرى نجحوا حتى اللحظة وإلى حد كبير في جعل قضيتهم حية من خلال التفاعل الشعبي والجماهيري الذي بدأ يزداد ويختلف تدريجيا عن أي أعوام سابقة وهذا بحد ذاته إنجاز آخر يضاف ويحسب لهم.

عبدالله قنديل

الناطق الإعلامي باسم جمعية واعد للأسرى

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت