المصالحة متعطلة

بقلم: مصطفى إبراهيم


في غياب الشفافية ومصارحة الناس بالحقيقة ومن يتحمل مسؤولية تعطيل المصالحة الغائبة تستمر معاناة الناس من حصار واحتلال وكبت للحريات والاعتداء على حرية الرأي والتعبير واستمرار الاعتقالات من منطلق عقلية الثأر التي تعمق وتكرس الانقسام، وتتواصل معها حال التدهور في المجتمع الفلسطيني.

في حين أصاب اليأس والإحباط والخيبة وغياب الامل لدى الفلسطينيين من تحقيق إي إختراق تستمر جهات مصرية ببذل جهود كبيرة ونشاط محموم على أمل أن تحقق المحرم فلسطينيا حتى الان، وبالرغم من حال اليأس والإحباط الذي أصاب تلك الجهات، لكنها مستمرة بالمثابرة يحذوها الامل بإقناع اطراف الصراع لإنهاء العبث المستمر بمصير ومستقبل القضية الفلسطينية.

الغريب ما نسمعه من بعض القيادات السياسية في الكواليس بصراحة عن أسباب تعطيل المصالحة وكيفية تنفيذها، وكذلك تغليب الرؤى والمشاريع والمصالح الخاصة والفئوية على المصلحة الوطنية، والتجاذابات الخارجية التي تؤثر بشكل سلبي على اطراف الصراع وحسابات وأولويات كل منهما وربط ما يجري من تطورات في النظام العربي خاصة مصر وانتظار الرئيس القادم، وما يتحدثون به بشفافية ومصارحة الناس بحقيقة الامر.

والأغرب لهجة اليأس والإحباط وعدم التفاؤل لدى القيادات السياسية التي تحدثت بصراحة عن واقع الامر والحال الذي وصلنا إليه، وفي نفس الوقت يدعون الى التلاحم والضغط مباشرة على الاطراف المتصارعة لإنهاء التدهور الخطير في المجتمع الفلسطيني والتخفيف عن كاهل الناس وتغليب المصلحة الوطنية.

بعد خمس سنوات من الانقسام حال الناس كما هو بل يتدهور اكثر على جميع الصعد، وتلك القيادات السياسية تطالب الناس بالصمود والصبر والثبات، والاحتلال ماض في مشاريعه ونحن لا نملك الحد الادنى من أي مقومات لذلك، نسب البطالة في تزايد ومعدلات الفقر والإفقار مستمرة وفرض ضرائب جديدة لتعزيز موازنات سلطات اصبحت عبئ على الناس.

ومع ذلك لم يعد خافيا على أي فلسطيني ان استمرار الانقسام مصلحة اسرائيلية ويقدم خدمة كبيرة للاحتلال الذي دفع ولا يزال يدفع للحفاظ على استمراره وتكريسه وتعميقه، وسعيد بالخلافات والصراعات الفلسطينية التي تضع فيتو لكل الوساطات الامينة التي تحاول وضع حد له.

المثير للدهشة عندما نستمع عن اساب التعطيل المعلن عنها وهي بالأساس خلافات شكلية قائمة على اولويات وحسابات كل طرف، طرف من الاطراف يرى بأهمية الاعلان عن تشكيل الحكومة وضرورة تنفيذ ذلك قبل البدء بعمل وتفعيل لجنة الانتخابات خاصة في قطاع غزة للتحضير للانتخابات التشريعية والرئاسية وتحديد موعد في فترة زمنية قريبة وهي لا تتوافق مع الطرف الاخر، مقدما ذلك على انهاء ملف الحريات العامة التي تتدهور يوميا ويدفع ابرياء كثر ثمنا غالياً نتيجة تعنت الطرفين.

الطرف الثاني يصر على البدء بعمل لجنة الانتخابات ويعتبرها اولوية على ملفي تشكيل وإعلان الحكومة والحريات العامة ويضغط على الطرف الاخر للقبول بذلك.

المصالحة متعطلة الى ما لا نهاية، والأطراف المتصارعة التي تتحكم بمقاليد الأمور وبمصير الناس غير معنية بمصارحتهم بشفافية ومستمرة بإلقاء التهم على بعضها البعض، وتواصل تعميق الانقسام وإهدار واستنزاف قدرات الفلسطينيين ضاربة بعرض الحائط كل نضالات وتضحيات وعذابات الاسرى ودماء الشهداء والجرحى والمعاناة اليومية للشعب الفلسطيني.

ومع ذلك ينتظر الناس من القيادات السياسية الفلسطينية المتصارعة التلاحم وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الفئوية ووضع حد لأصحاب المشاريع والمصالح الخاصة، والوقوف امام حقيقة ان من يدفع الثمن هم الفلسطينيين والقضية الوطنية.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت