"عمال الصيانة "بشركة كهرباء غزة يدفعون فاتورة الحصار

غزة – وكالة قدس نت للأنباء
العمل ليس بالأمر الهين وخاصة لعمال قسم الصيانة بشركة توزيع كهرباء قطاع غزه, كثيرة هي المخاطر التي تواجه الفرق الفنية أثناء عملها على شبكات الكهرباء, حيث تتعدد مخاطر هذه المهنة وتتنوع, تلك الفئة من العاملين يتطلب عملهم جهدا ًعالياً وتركيزا ًمضاعفاً, حتى لا يحدث الخطأ وإلا قد "تفقد حياتك"...

إن الصيانة المستمرة لخطوط الكهرباء المعطوبة بقطاع غزة، من تشغيل المحولات تارة لتزويد المناطق بالكهرباء وفصلها في أحيانا ًأخرى, قد تسبب بوفاة الكثير من العاملين في شركة توزيع كهرباء غزة, وهذا نتيجة الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع، والذي يمنع دخول الوقود اللازم لتشغيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة بشكلها الطبيعي, الأمر الذي يقلل من انقطاع التيار الكهربائي، وبالتالي يقلل من وقوع هذه الحوادث أثناء العمل.

ويقول عيسى أبو صوصين (21 عاما ً) , وهو نجل "منصور أبو صوصين" أحد الذين توفوا أثناء عملهم بشبكة الكهرباء في منطقة الشابورة بمدينة رفح الحدودية, إن "أبيه توفى في الساعة الثالثة عصرا ًبتاريخ 17/11/2010م, عندما كان صاعداً على عامود الكهرباء ليقوم بإصلاح خط التيار الكهربائي, وبعد أن إنتهى من عمله, طلب من زميله رفع محول الكهرباء, ونتيجة قربه من الخط (السلك)أصيب بصاعق كهربائي تسبب له بحروق من الدرجة الثالثة بكل أنحاء جسمه, نقل بعدها إلى المستشفى, لكن قدرة لله فوق كل شيء".

عيسى والذي يعمل الآن مراسل بعد أن قامت بتوظيفه شركة الكهرباء داخل إحدى دوائرها بدلاً من والده الراحل, ليستطيع أن يعيل أسرته التي تتكون من 7 أفراد, يستذكر والده بشوق وأسى قائلاً لمراسل وكالة قدس نت للأنباء طارق الزعنون " تلقينا خبر وفاة أبى بصدمة كبيرة, وقد ما أوصف شعوري ما راح أقدر أعبر.. الأب غالى".

ويضيف عيسى شاكرا ًشركة توزيع كهرباء غزة على توفيرها فرصة عمل له قائلا ً "أشكر شركة الكهرباء لأنهم قاموا بتوظيفي وإعطائنا كامل مستحقات أبى, وفي ظل الوضع الصعب الذي نعيشه".

ولم يكن منصور أبو صوصين وحده من فقد حياته أثناء العمل, فكثير من العاملين بقسم الصيانة بشركة توزيع كهرباء قطاع غزة دفعوا حياتهم ثمنا ًللقمة العيش, وفى سبيل تخفيف المعاناة عن المواطنين.

ويؤكد المدير العام لشركة توزيع الكهرباء بمحافظات قطاع غزة ماهر عايش, أن الشركة تتخذ الإجراءات اللازمة لمنع وقوع الحوادث أثناء العمل, ولكن للأسف العنصر البشرى موجود دائماً, ولذلك قد تكون هناك أخطاء تتسبب في حالات وفاة.

ويقول إن "هناك عدد كبير من المواطنين يجهل الدور الكبير الذي تقوم به شركة الكهرباء بقطاع غزة, حيث تبذل جهداً كبيرا ًفي سبيل إيصال التيار الكهربائي للمواطنين, فقد دفع كثير من العاملين بالفرق الفنية حياتهم ثمنا ًلذلك"..

ويشير عايش إلى أن الشركة تعمل ليل نهار من أجل توفير الوقود اللازم حتى تقوم بالعمل بشكل الطبيعي, وتتحدى ظروف الحصار الذي يعيشها قطاع غزة, وكل العقبات في طريقها من أجل راحة المواطنين.

كما ويقول مدير دائرة الوقاية والسلامة بشركة توزيع كهرباء غزة, المهندس مجدى ياغي إن" شركة الكهرباء قدمت من أبناءها الكثير ومنهم, أشرف لبد, وأنور ابو مصطفي, عبد الرحمن حلس, وحسن أبو وطفة, محمد الغول, إبراهيم شامية".

ويوضح أن شركة الكهرباء تقوم بدفع كافة المستحقات لذوي الذين فقدوا حياتهم أثناء العمل، وتقوم بتوظيف أحد أبناءهم البالغين حسب القوانين المعمول بها داخل الشركة, وتقدم التكاليف المالية المطلوبة للعزاء.

إجراءات لابد منها ..
ويؤكد ياغي بأنه يتم اتخاذ إجراءات الوقاية والسلامة عن طريق تزويد العاملين بمعدات وأدوات خاصة تشمل "ملابس خاصة ومميزة, طاقية حماية, كفات يد ومنها نوعان نوع يستخدم أثناء تصليح الضغط الكهربائي العالي وأخرى للضغط المنخفض, وأحزمة آمان, وحذاء خاص" بالإضافة إلى مجموعة من الدورات التي تنظم بشكل مستمر لأفراد الطاقم الفني "الصيانة" لرفع كفاءتهم أثناء العمل وإكسابهم الخبرات اللازمة.

وينبه العاملين قائلاً "كل من لا يلتزم من العاملين بالإرشادات وأدوات الوقاية والسلامة يعرض نفسه للمحاسبة حسب القوانين المعمول بها داخل الشركة"، وأهاب بكل العاملين بالعمل بإرشادات الوقاية والسلامة.

ويشير ياغي إلى جدول الكهرباء المعمول به في قطاع غزة قائلا ً" يتم قطع التيار الكهربائي عن بعض المناطق 8 ساعات ثم يتم تزويدها بالتيار الكهربائي 8 ساعات، وهكذا بالنسبة لكل مناطق القطاع, ونتيجة لهذا العمل المتواصل من القطع والتزويد يتطلب العمل نظام طوارئ وجهد كبير من الطاقم الفني ليل نهار, الأمر الذي يعرض حياة العاملين للخطر الدائم.

وأرجع سبب هذه الأزمة المتفاقمة بشركة توزيع الكهرباء إلى عدم تزويد محطة الكهرباء الوحيدة بغزة بالوقود الكافي لتشغيلها بمعدلها الطبيعي، والذي كان معمول به سابقاً قبل أزمة الوقود التي تمر في شهرها الرابع على التوالي بقطاع غزة.