تداعيات خبر استشهاد الأسير ثائر حلاحلة ..؟؟؟


خبر مفجع ، مفزع ، مؤلم ، وربما الأكثر إيلاماً من بين جملة الأخبار التي تلقيناها من السجون والمعتقلات في الأيام الأخيرة ، خبر وقع علينا كالصاعقة ليفجِّر كل طاقاتنا ويدفعنا لإجراء العديد من الإتصالات ، والتحرك كخلية نحل بحثاً عن الخبر اليقين ، ونحن في حيرة من أمرنا عما يمكن أن نفعله فيما لو تأكد خبر استشهاد الأسير " ثائر " .
ففي مساء يوم أمس الإثنين وداخل خيمة الاعتصام والتضامن المقامة في ساحة الجندي المجهول وسط مدينة غزة ، والتي تعج دائما بالزوار والمتضامنين ، انتشر خبر استشهاد الأسير " ثائر حلاحلة " فيما بين مجموعة ضيقة من المهتمين بقضايا الأسرى وبعض الأسرى المحررين المضربين عن الطعام .. وبعد دقائق معدودة اتسعت دائرة الانتشار ، لتتناوله بعض وسائل الإعلام والمواقع الألكترونية ...

ومرت الدقائق التالية بطيئة كالسلحفاة ، ثقيلة كالجبار ، مريرة كمرارة العلقم ، ونحن نتابع باهتمام بالغ نتائج الاتصالات وما تنشره وسائل الإعلام المختلفة بما فيها الإسرائيلية ، وننتظر بشغف كبير ما يدحض ذاك الخبر .
وبعد سويعات قليلة يطل علينا محامي الأسير وينفي خبر استشهاده ، لكنه أكد على أن تدهوراً خطيراً قد طرأ على صحته ، فيما وسائل الإعلام الإسرائيلية وصفت حالته بالحرجة وانه على أثر ذلك تم نقله إلى مستشفى " أساف هروفيه " .

وهذا يعني بأن أوضاعه الصحية مقلقة وغير مطمئنة ، وأن خطر الموت ( لا ) يزال يهدد حياة الأسير ، وربما يخطفه منا في أي لحظة ، مما يستدعي التحرك الجاد لإنقاذ حياته وحياة كافة الأسرى المضربين عن الطعام ، ( لا ) أن ننتظر حتى ينال الشهادة هو أو غيره من المضربين ومن ثم نتحرك ، فيما أن خبر الأمس بتقديري دق ناقوس الخطر .

هذا بالإضافة إلى مجموعة من الأسرى كانوا قد أضربوا بشكل فردي منذ أسابيع عديدة ، بل أن بعضهم تجاوز السبعين يوماً ، وأن غالبية هؤلاء يخوضون إضرابهم عن الطعام احتجاجاً على اعتقالهم إداريا دون تهمة أو محاكمة .
الخطر يحدق بهم في ظل استمرار الانتهاكات الفظة بحقهم ، واتساع حجم الإجراءات العقابية ضدهم بما فيها سحب " ملح الطعام " لإجبارهم على فك اضرابهم ، وفي ظل تجاهل إدارة السجون لمطالبهم وتدهور أوضاعهم الصحية وعدم تقديم الرعاية الصحية الكافية لهم .
كل ذلك يشكل خطراً على حياتهم ، ويدفعنا للقلق الدائم عليهم ، ولربما نتلقى في أي لحظة خبر مؤكد باستشهاد أي أسير منهم ، فهم يموتون ببطء شديد ومنهم الأسير " ثائر حلاحلة "..

" ثائر " اسم على مسمى ..
" ثائر عزيز محمود حلاحلة " ( 33 عاماً ) .. ذاك الأسير الفلسطيني الثائر ضد الاحتلال في ساحات النضال الأرحب ، قبل أن يثور في وجه السجان خلف قضبان سجونه سيئة الصيت والسمعة ، وذلك منذ أن اعتقلته سلطات الاحتلال الإسرائيلي وزجت به في سجونها .

" ثائر " قرر المضي قدماً على خطى الشيخ " خضر عدنان " مفجر ثورة الكرامة خلف القضبان وضد سياسة " الاعتقال الإداري " ، ليعلن في الثامن والعشرين من شباط / فبراير الماضي إضرابه عن الطعام احتجاجاً على استمرار اعتقاله إداريا دون تهمة ، وقد مضى على إضرابه ( 71 ) يوماً ليتخطى بذلك الرقم المسجل باسم رفيق دربه الشيخ خضر عدنان الذي استمر بإضرابه عن الطعام لمدة ( 66 ) يوماً قبل أن يتحرر قبل ثلاثة أسابيع .
" ثائر " .. ذاك الحر الثائر خلف القضبان ضد سياسة الإعتقال الإداري يسطِّر بجوعه وصموده ، بأمعائه الخاوية وارادته الفولاذية ، نموذجا رائعا ، وملحمة بطولية قلما شهدتها السجون في " اسرائيل " والعالم قاطبة.

" ثائر " .. يذهلنا ، يدهشنا ، يبهرنا بصموده وإصراره ، وينوب عنا ليدافع عن كرامتنا جميعاً ، بأمعائه الخاوية ، بجوعه وعطشه ، وليُبقي ملف " الإعتقال الإداري " مفتوحاً أمام كافة المؤسسات الحقوقية .

" ثائر " وبغض النظر لأي فصيل ينتمي ، وان كان من حق " حركة الجهاد الإسلامي " أن تفخر بأنه أحد أبنائها ، فهو فلسطيني الهوية ومفخرة للأمة جمعاء .. فهنيئاً لنا بثائر .
" ثائر " .. غزة تحبك وتفخر بك ، وستبقى بجانبك ولن تبقيك وحدك تقارع السجان ، وستبقى تساندك وتدعم قضيتك العادلة حتى تحقق الانتصار وتعود لبيتك ولأسرتك وطفلتك بالخليل سيراً على الأقدام بإذن الله ، ( لا ) محمولا على الأكتاف لا قدَّر الله ...

عبد الناصر فروانة
أسير سابق ، وباحث مختص في شؤون الأسرى
مدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين في السلطة الوطنية الفلسطينية
عضو اللجنة المكلفة بمتابعة شؤون الوزارة بقطاع غزة
8-5-2012

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت