بإرادة صلبة و بعزيمة الرجال التي لا تنال منها الجبال بدأت معركة التحدي من خلف القضبان, اثنان و عشرون يوما من الصمود و الكبرياء, نحيا بها كراما في سجون البغي و في خارج السجون, و المعركة مستمرة و هي في بدايات فصولها.
المعركة اليوم ليست في غزة, و ليست في مخيم جنين أو في البلدة القديمة بنابلس, و ليست في كنيسة المهد أو في جنوب لبنان, المعركة اليوم عنوانها الأسرى و مكانها السجون ووقودها الأمعاء الخاوية و العزيمة الجبارة و التحدي المزلزل لأركان العدو و جيشه المزعوم.
عقدت الحركة الأسيرة الفلسطينية العزم بكافة أطرها و مشاربها لتقهر إرادة السجان, و لتهزم جبروت الظالمين, و لتوصل رسالة إلينا جميعا مفادها بأننا نحن في الحرية الأسرى, و الأسرى هم الأحرار, لقد وصلت رسالتكم و أيقن القوم بأن القيود لا تحيط بمعاصمهم و إنما بمعاصمنا نحن.
إن أمعائهم الخاوية قد تكلمت و نطقت أخيرا بعدما عجزنا عن التقاط الكلمات و فهم عبرها و مغزاها, عبارات قد تحدث بها الأسرى جميعا و على رأسهم البطل حسن سلامة و المعزول حتى كتابة هذه السطور 4760 يوما في زنزانة انفرادية, و قيادات الحركة الأسيرة أمثال القائد سعدات و القادة عبد الله و مروان البرغوثى, و القائد عباس السيد, و القائد أبو الهيجا, و القائد إبراهيم حامد, و القائد الخندقجى, و رأس الشرعية الفلسطينية د/ عزيز دويك و إخوانه الوزراء و النواب. و جميع القادة العظام دون استثناء. كلمات خرجت من أفواه أخواتنا الفضليات في الأسر و غرف القهر أن أخرجونا و لا تدعوننا هناك! و استغاثات أطلقتها حناجر الأطفال البريئة عبر الماء و الهواء ألا تنسوننا فنحن زهرات الوطن و فصل الربيع!
إن كلماتنا تقف عاجزة غير معبرة أمام صمودكم و كبريائكم, و مهما صرخت حناجرنا و اهتزت الأرض من صراخها فلن تعكس آية من آيات تضحياتكم و صبركم! لأن القضبان التي تحول دون حريتكم لا تكسرها كلماتنا أو حناجرنا, و لأنه و بكل بساطة لا يكسرها إلا كتائبنا , و لا يذل العدو إلا قسامنا, و لا يهزم السجان إلا سرايانا, و لا يقهر جيش حربهم الجبان إلا ألويتنا, و لا يقض مضاجعهم إلا الأسود الرابضة من كتائب الأقصى, و لن ينصر مهاجرى الحرية في سجون العدو الغدار إلا رجال الأنصار, و أسود أبو على مصطفى, و أبطال المقاومة الوطنية, و إخوان جهاد جبريل, و فرسان الصاعقة.
إننا نتوق إلى وهم متبدد, و نشتاق إليك شاليط! نبتهل إلى الله العزيز المتكبر الجبار أن يمن علينا بنصره و تمكينه لنرى صورة أخرى لصفقة مشرفة أخرى, يخرج فيها شاليط آخر مرتعد منكس رأسه, و في المقابل تعود إلينا جحافل الرجال محملة بالأبطال رافعي أصابع السبابة بالتوحيد, رافعي شارات النصر, ناصبي رؤوسهم في السماء بكل فخر, فارشي جباههم سجودا شكرا لله على حريتهم.
إن الضفة و غزة تشتاق لأن تحتضنكم أيها الأسرى العظام, يا فلذات أكبادنا و نبض قلوبنا, يا زهرات الربيع و عنوان حريتنا و عزنا. تتوق بنادقنا لأن تعانقكم و تعانقونها أيا أيها القابضون على الصبر, أروع من قبضتنا على الجمر! أيا أيها الرجال المستمسكون بعرى النصر, قاهري الموت و مذلي الكفر.
أيها الأسرى العظام ... يا أكبر منا جميعا, و أكرم منا جميعا, خذوا بطوننا و أمعائنا و معداتنا التي امتلأت و ترهلت, و أعطوننا أمعائكم الخاوية! علمونا شيئا أو حرفا من الكرامة و من الصبر, علَ قلمي يستحى أو يجف حبري خجلا و مزيدا من القهر.
د / أحمد محمد الأشقر
عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الشعبية
و المضرب عن الطعام لليوم السابع على التوالي
في خيمة الاعتصام بساحة الجندي المجهول بغزة
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت