فصائل م.ت.ف بين الانتماء والتغريد خارج السرب


منظمة التحرير الفلسطينية التي ظلت طيلة عقود ماضية ممثل شرعي وحيد لشعبنا في الأرض المحتلة والمنافي والشتات ، تحتضن عدد 14 فصيل تقريباً ، من هذه الفصائل من هو صاحب تاريخ طويل في العطاء والنضال والمشاركة الفعالة في عملية إبقاء هذا الكيان حاضراً لكونه يمثل حضور القضية الفلسطينية التي حاول البعض إنهائها من خلال خلق البدائل أو اختصار التمثيل الفلسطيني في إطار حزبي أو جماعاتي ، كما أن المنظمة تحتضن فصائل أخرى منها من هو حديث الإنشاء ، ومنها من هو موجود على الورق فقط ، والمقصود هنا أنه لا يتمتع بأي تمثيل على الأرض .

نستطيع أن نقول بأن أي مؤسسة أو نظام له رأس ، وله قيادة واحدة ، وأي قرار يتم اتخاذه يتم من خلال هذه القيادة ، وأي خروج عن هذا التمثيل يشكل حالة من الانفلات ، وبرغم وجود حالة الاجتهاد في فصائل منظمة التحرير ، إلا أن الاختلاف على الثوابت واحترام القيادة شيئ لا يمكن أن يتم تجاوزه مهما اختلفنا في وجهات النظر ، فإن الأصل في الموضوع هو النقاش البناء لإبقاء شعلة منظمة التحرير مشتعلة في ظل الظروف التي تمر بها قضيتنا ومشروعنا الوطني ن وفي ظل تطلعات البعض لإنهاء دور المنظمة من أجل إعادة قيادة الشعب الفلسطيني حسب الإرادات الإقليمية وعلى أساس الخريطة الشخصية والمصالح .

عودتنا القيادات الشجاعة على قول كلمة الحق دائماً ، فكم كانت شجاعة ياسر عرفات ، عندما كان يختلف مع الآخرين ، لكنه كان يُحرم التجريح والتشويه وقلب الحقائق ... كم كانت حكمة جورج حبش ، الذي اختلف مع أبو عمار كثيرا ، لكنه لم يكن يوماً يختار التغريد خارج الشرعية من أجل مصلحة هنا أو هناك ، أو دولار هنا أو هناك ، بل كان يعود ليُناقش مع أبو عمار وتنتهي أي قضية بلمح البصر .

اليوم نُلاحظ بعض قيادات الفصائل ، ولعنا نرى قادة الفصيل الثاني في منظمة التحرير ، كيف يحاولون استرضاء البعض من خلال التصريحات الغير متوازنة ، والتي لا يجوز أن تكون من فصيل داخل البيت الشرعي ، كيف لا وقيادة هذا الفصيل على تماس مباشر مع الرئيس أبو مازن ، بصفته رئيساً لمنظمة التحرير الفلسطينية ، وقيادتهم تُدرك منذ اليوم الأول للانقسام الفلسطيني أن الأصل في الموضوع هو إعادة اللحمة والوحدة ، دون أي انتظار ، من خلال الجهد الميداني ، هذا الجهد الذي لم نراه من فصائلنا الفلسطينية بالشكل الذي نتمناه ، فلو كانت هذه الفصائل على درجة من المسؤولية الوطنية لنزلت إلى الشارع ونامت في الميادين حتى أعادت الأمور إلى نصابها ، لتعود فلسطين هي هدفنا وبوصلتنا الأولى والأخيرة .

القضية ليست قضية شعارات وبيع مواقف ، ففلسطين أمانة في أعناقنا ، والانقسام عار علينا جميعاً ، هذا الانقسام الذي جعلنا نقف على أبواب أجهزة المخابرات العربية كالمتسولين ، حتى يكونوا وسطاء بين الإخوة والأشقاء ، وللأسف الشديد فصائلنا الفلسطينية سعيد بعضها لاستمرار حالة الانقسام ، لأنها مستفيدة من بقاءه حاضراً في المشهد الفلسطيني ، هذه الفصائل والشخصيات لا تُدرك كم هي الفاتورة الذي دفعها شبابنا خلال الخمس سنوات الماضية ، ولن تكون هذه الفصائل مشكورة يوماً ما عندما يتحول شعبنا لمجموعة من المدمنين وأصحاب السوابق ورواد مراكز الشرطة .

إعلامي وكاتب صحفي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت