لندن- وكالة قدس نت للأنباء
نشرت صحيفة "ذي اندبندنت" تقريرا أعدته كاترينا ستيورات عن الاسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام في السجون الاسرائيلية احتجاجاً على سجنهم ادارياً من دون اي تهم او محاكمات وعلى الظروف القاسية التي يعيشونها بما في ذلك السجن الانفرادي. وهنا نص التقرير: "يطلب ثائر حلاحلة في رسالة إلى عائلته الصفح من زوجته. قد تكون تلك كلماته الأخيرة إليها، فهو قريب من الموت بعد 74 يوماً من الإضراب عن الطعام في سجن إسرائيلي.
في بيت عائلته قرب الخليل، تحمل والدته فاطمة صورة لابنها في أيامه الأكثر سعادة. لم يعد الرجل الرشيق كما في الصورة، يخبرهم أنه يهزل في سرير بمستشفى السجن. وزنه انخفض بنحو 30 كيلوغراما، وهو ينزف داخلياً، أسنانه تتساقط، ويجد صعوبة في السمع.
هو معتقل إدارياً، وقد سجن حلاحلة، 34 عاماً، قبل عامين من دون تهمة، ولا محاكمة أو إذن برؤية الأدلة التي جمعت ضده. واعتادت إسرائيل احتجاز أولئك الذين تشك في أن لهم علاقة بتهم أمنية أو بالانتماء لعضوية إحدى المنظمات المسلحة. وحلاحلة وزميله المعتقل إدارياً بلال ذياب،27 عاماً، الذي اعتقل في آب (اغسطس) الماضي، وهو أيضا مضرب عن الطعام، يواجهان الأن ما يصفه منتقدون "حكماً بالموت" بعد أن رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية التماساً بالإفراج عنهم الأسبوع الماضي.
وبينما تتدهور أوضاعهما، فإن إسرائيل تتعرض لضغط دولي متزايد لاتخاذ خطوات لإنهاء إضرابهم عن الطعام. يعتقد البعض أن الدعم المتنامي للمضربين يمكن أن يحفز الربيع العربي الخاص بالفلسطينيين.
ورداً على الانتقاد بأن الأمم المتحدة بقيت صامتةً بهذا الشأن، دان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عدم اتخاذ إسرائيل أي خطوات، ودعا إلى توجيه اتهامات إلى المعتقلين إدارياً أو الإفراج عنهم "دون تأخير".
وقد دافعت إسرائيل عن سياستها باعتقال الفلسطينيين من دون تهمة بالقول إنها لا يمكن أن تكشف دائماً عن الأدلة ضد "المشتبهين الإرهابيين" دون تعريض مخبريها للخطر.
إلا أن عائلة حلاحلة كانت متفائلة بهدوء يوم أمس بشأن تقارير إعلامية غير مؤكدة تشير إلى أن قراراً بالإفراج عن الرجلين خلال أسابيع قد يكون وشيكاً.
وهناك ما بين 1500 و2000 أسير من بين 4700 أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية مضربون عن الطعام منذ السابع عشر من نيسان (ابريل). وهم يطالبون بظروف أفضل، بما فيها إنهاء العزل الانفرادي، وتحسين حقوق زيارات العائلات والحق في التعليم.
وأشارت مصادر فلسطينية أمس إلى أن إسرائيل قد تستجيب لتلك المطالب، لكن لم يكن ثمة تأكيد على صفقة لحلاحلة وذياب، اللذين تدعي إسرائيل إنهما عضوان في جماعة الجهاد الإسلامي ويشكلان تهديداً.
وقال هاداس زيف، من منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان الإسرائيلية التي تراقب حالتي الأسيرين: "اذا كانت هذه لعبة لمن يستسلم أولا، فإن إسرائيل ستستمر فيها إلى آخرها". ويشبه وضع الأسرى بشكل كئيب اضراب الجمهوريين الإيرلنديين علم 1981. وقد مات عشرة خلال المواجهة مع حكومة (مارغريت) ثاتشر، وآخرهم بعد 73 يوماً. وكان الاهتمام الدولي كبيراً إلى حد أن أكثر من 100 ألف مشيع حضروا جنازة بوبي ساندز، أكثر المضربين عن الطعام شهرة.
إسرائيل تواجه معضلة. إذا أفرجت عن الرجلين، فإن كفاحهما سيوفر إلهاماً للأخرين، مثل الإفراج القريب عن خضر عدنان وهناء شلبي بعد إضرابهما 66 و43 يوماً على التوالي. لكن إذا مات أي منهما، فإن ثمة خوفاً من أن يشعل موتهما لهب المقاومة الفلسطينية ويحفز اضطرابا واسع النطاق في الضفة الغربية المحتلة. وقال مارك ريغيف، الناطق بلسان الحكومة الإسرائيلية: "نحن لا نريد أن نرى أي أحد يموت، لكن لا يمكن أن يكون لديك وضع يحصل فيه كل أسير مضرب عن الطعام على بطاقة مجانية للخروج من السجن. فنظام العدالة الجنائي سوف يتداعى".
ويبدو أن حلاحلة تقبل أنه قد لا ينتصر في معركته. ففي رسالته إلى زوجته شيرين، بتاريخ الثامن من أيار (مايو)، يكتب: "لا يمكنني أن أصف بالكلمات مدى حبي لكِ. أنا أفعل هذا في سبيل الله ومن أجل وطني، من أجلك ومن أجل ابنتي لمار. اعتني بها وبصحتك..وسامحيني".
وكان حلاحلة قد اعتقل قبل أسبوعين من مولد لمار، وقد حمل طفلته الرضيعة لخمس دقائق فقط، فالزيارات العائلية تتم عبر الهاتف في غرف منفصلة. وحاولت إسرائيل دفع عائلته لإقناعه بالاستسلام، لكنها لم تنجح في ذلك. وقالت والدته: "لن أضغط على ابني لجعله يستسلم. كرامته أهم من كل شيء".