غزة – وكالة قدس نت للأنباء
تعلم النقش على النحاس داخل المعتقل الإسرائيلي في غزة، بعدما هاجرت عائلته من بدلته الأصلية قصراً تحت تهديد السلاح من قبل العصابات الصهيونية قبل 64 عاماً، وحمل فنه إلى مصر وليبيا منادي بحقه في أرضه بلوحاته الفنية، ليحط رحاله الأخيرة في قطاع غزة مع عودة السلطة الفلسطينية عام1994م.
في معرض "جفرا" الذي أقيم في جمعية الشبان المسحية بمدينة غزة بالتعاون مع جبهة العمل الطلابي التقدمية الإطار الطلابي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، عرض الفنان التشكيلي، عبد اللطيف أبو كرش، لوحاته الفنية المنقوشة على قطع من النحاس والمنحوتة على قطع من الحجارة التاريخية، مجسداً فيها مدينة القدس والثوب الفلسطيني، ليظهر معالم وطبيعة الحياة الفلسطينية قبل وقوع مأساة النكبة.
ويعتبر أبو كرش خلال حديث لمراسل وكالة قدس نت للأنباء، سلطان ناصر، أن "القدس والثوب الفلسطيني رمزاً للفلسطينيين مؤكداً أن مدينة القدس هي العاصمة الأبدية لنا، إلى جانب مكانتها الدينية بالنفس الفلسطينية والعربية، وأن القدس تاريخياً ملك لأجدادنا أصحاب الأرض الحقيقيين الذين هجروا منها تحت تهديد السلاح."
أبو كرش هو فنان فلسطيني من قرية "بيت جرجا" هاجرت عائلته كغيرها من الفلسطينيين في النكبة عام 1948م وتلقى تعليمه في المرحلة الأولى بمدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين(الأونروا)، وحصل على الثانوية العامة وهو معتقل من قبل الاحتلال الإسرائيلي في سجن غزة عام 1969 م على خلفية الانتماء للجبهة الشعبية، وبعد إطلاق سراحه حصل على قبول من جامعة عين شمس بجمهورية مصر العربية للدراسة بكلية الحقوق وتخرج عام1984م.
ويصادف 15 مايو/أيار الجاري مرور 64 عاماً على ذكرى النكبة الفلسطينية وهي المأساة الإنسانية التي تشريد خلالها الشعب الفلسطيني خارج دياره، جراء الهجمة الشرسة التي شنتها العصابات الصهيونية والتي شملت عشرات المجازر وأعمال النهب ضد الفلسطينيين، وهدم أكثر من 500 قرية وتدمير المدن الفلسطينية الرئيسية وتحويلها إلى مدن يهودية.
ويوضح الفنان الفلسطيني أبو كرش أن معرضه الذي افتتح يوم الاثنين(13/5) وسيستمر حتى السادس عشر من الشهر الجاري، يأتي بالتزامن مع ذكري النكبة الفلسطينية لذا أطلق عليه اسم " جفرا" لمدى ارتباطها بالفلسطينيين قائلاً " الفلسطينيون يعرفون جيد ماذا تعنى لهم جفرا، لأنها جزء من التراث الفلسطيني والشعبي ومتأصلة فينا"، مبيناً أن ذكرى النكبة هي لحظات تذكره بتشتت الفلسطينيين وعذاباتهم ومعاناتهم في ظل الصمت العربي والدولي على مدار سنوات النكبة، هذا الصمت الذي لم يحرك ساكناً اتجاه هذه الجريمة التي ارتكبتها إسرائيل وعصابتها الصهيونية بحق الفلسطينيين.
ويقول إن "المعرض جاء في ذكرى النكبة الفلسطينية التي ورثنا حملها الثقيل والتي نسعى بكل الطرق والوسائل إلى إنهائها وإنهاء الاحتلال على أرضنا."
ويضيف أن" المعرض ينقسم إلى قسمين هما قسم اللوحات النحاسية التي تعبر عن القضايا الفلسطينية المتعلقة بالانقسام الفلسطيني وحياة الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال وأسطورة صمودهم، والتراث الفلسطيني القديم والذي ينحدر إلى الاحتلال الروماني لفلسطين، إضافة إلى التراث الفلسطيني من الأثواب الفلسطينية والمناسبات الفلسطينية، وزاوية النحت الحجري والذي يعبر عن الغضب الفلسطيني الذي انطلق منذ النكبة الفلسطينية عام 48 وما تلاها من نكسات ومحطات مر بها الشعب الفلسطيني.
ويؤكد أبو كرش أن الحجر يعتبر شاهد على التاريخ، لذا تَعمد أن ينحت مجسماته الفنية على الأحجار لأنها جزء من الحضارة ولا يمكن إنكارها، كما أنه تَعمد استخدام أحجار فلسطينية تاريخية جمعها على فترات زمنية، منوهاً بأن أغلب شعوب العالم تعبر عن ثقافتها بالنحت على الحجارة وأن تاريخ الحضارات وصل إلينا عن طريق المنحوتات على الحجارة.
ويبين أنه حصل على المركز الثالث على مستوى جمهورية مصر العربية في الرسم على النحاس وشارك في ثلاث معارض دولية بالقاهرة، قبل سفره في عام 1988م إلى ليبيا قائلاً" عملت هناك مدرس للتربية الفنية بشهادات الامتياز التي حصلت عليها بالقاهرة، ومن ثم عُدت في عام1994م مع السلطة الفلسطينية إلى أرض الوطن وتوظفت مستشار قانوني في وزارة الزراعة".
ويقول الفنان أبو كرش" لدي العديد من الأعمال الفنية واللوحات معلقة داخل مقر الهلال الأحمر الفلسطيني بالقاهرة، منها جدارية على مساحة ست أمتار للآواني الفخارية الفلسطينية منقوشة على النحاس , واستغرقت في تشكيلها حوالي عاماً كاملاً"، مبيناً أن هناك لوحات أخرى منها لمدينة القدس كتأكيد على أحقيتنا كفلسطينيين فيها.
ويؤكد أنه متمسك في حقه بأرضه وأنه متأكد أن يوماً سيأتي ويعود إلى إليها رغم كل التحديات الإسرائيلية اليومية التي تنفي حق الفلسطينيين بأرضهم، مطالباً الدول والعربية والمجتمع الدولي بضرورة نصرة الفلسطينيين الذين تركوهم على مدار سنوات يعانون مرارة النكبة دون تحريك ساكن. مشدداً على ضرورة تذكر الأسرى الفلسطينيين في كافة المناسبات والعمل الجاد على إطلاق سراحهم من داخل السجون الإسرائيلية بكافة الطرق والوسائل، والعمل الجاد على تحرير فلسطين كل فلسطين من هذا الاحتلال.