تجري المصالحة بين طرفين مستقلين. بين عشيرتين أوبين دولتين أو بين فريقين. , تبدأ بالوساطات وتنهي بالعناق وبحد أدنى من احترام كل طرف لمصالح لطرف الأخر . ومابين فتح حماس تكررت الوساطات وتكرر العناق بحضور الأشقاء الرعاة ووسائل الاعلام بأضوائها المغرية . حتى أصبح الموضوع برمته مملا ولم تعد أخبار ماعرف بالمصالحة الفلسطينية محل اهتمام . رغم مواصلة المبشرين بالمصالحة اعادة بث تصريحاتهم اعتقادا منهم بأن الشعب الفلسطيني المكلوم يصفق ابتهاجا بأخبار لم تعد مثيرة ولا أثيرة .
المصالحة تمت فعلا: تكررت مشاهد العناق..وحد أدنى من احترام لمصالح وزيارة الوفود وتطبيع متزايد بين القيادات . بغض النظر عن تجاوزات ميدانية يتم التجاوز عنها...وباتت حماس شبيهة بفتح و" بسلطة أوسلو"..أكثر من أي وقت مضى..ولكنها مع ذلك باقية في اطار المصالحة . لاتتجاوز حدودها . متمسكة بمكسبها في السيطرة على قطاع غزة والتمتع بالمال الايراني وبما تدره عليها خزائن بيت مال الاخوان المسلمين وبعض الجهات الخليجية . مع انها . وربما من قبيل التماثل التام مع " الطرف الأخر" ...تكرر ذات الاسطوانة الشهرية عن أزمة الرواتب التي سرعان ماتحل وياسبحان الله بطريقة غامضة أقرب الى السحر, وحماس وان لاتتحدث علنا مع العدو الصهيوني ولكنها رسمت ابتسامة اطمئنان على وجهه وهو يرقب هذا الهدوء على حدود غزة ...هدوء يشهد لحماس بالقدرة على الغاء المقاومة وتغطية ذلك بالفتاوي والشعارات..هدوء لم يسجل نظيره قبل الانقلاب.
أما الوحدة الوطنية والتي لاتعني في ابسط صورها سوى الاتفاق على الحد الأدنى من مطالب الشعب الفلسطيني . وهو الحد الذي أصبح منذ سنوات مطلبا عربيا وعالميا . والانتقال الى عمل نضالي جاد لتحقيق هذه المطالب والأهداف ومع أن حماس في طبعتها الأخيرة انضمت فعلا – كما هو معلن –لهذه المطالب . ولم تعد تزيد عليها وان كانت تزايد لفظيا بين الحين والأخر, ولكنها مصممة على التمسك بانقلابها غير المكلف بل انه جالب للغنائم ...حكومة ووزراء وشرطة ومؤسسات تجبي ولا تنفق, دون أية التزامات تجاه المواطنين في قطاع غزة . أما المسؤولية تجاه اسرائيل فقد افلحت فيها حقا , وتمثل نجاحها بصيانة "حدود اسرائيل " مع قطاع غزة من شغ الصواريخ وعبث المقاومة غير المنضطة ..
محاولات اقناع الشعب الفلسطيني بأن تحقيق المصالحة سيجعله قاب قوسين أو أدنى من نعيم تحقق مطالبه الوطنية ونيل حريته واقامة دولته, هي محاولات مضللة وضالة وخادعة, فلا يمكن للمصالحة سوى أن تكرس الانقسام وتمنح الشرعية للانقلاب وللانقلابيين وتقوض الأمل في تحقيق الحلم الفلسطيني الواحد , أما الوحدة الوطنية فهي أمر أخر ...ولن تنخرط فيها حماس الا بما يخدم استراتيجيتها القديمة الجديد وهي انها بديل منظمة التحرير وبديل لسلطة الفلسطينية وانها القادرة على لتفاوض وانهاء الصراع من اجل التفرغ مع التنظيم الأم...الآخوان المسلمين... لبناء الدولة الصالحة... التي بدأت طلائعها في مصر بنحت الفتاوى لمنح شرعية دينية لمعاهدة كامب ديفيد وللحفاظ على مصالح اسرائل وامتيازاتها في الوطن العربي...فقد أعلن مرشح الاخوان لرئاسة مصر بأنه اذا اصبح رئيسا فلن ينقض كمب ديفيد...فالمسلم لاينقض العهود والمعاهدات ...وهذه بداية سيل من الفقه الاخواني الذي سيجعل من اسرائيل دولة في حماية المسلمين باعتبار ان اولاد عمنا المساكين هم من اهل الذمة....وفي فتاوى لاحقة ربما يصبح الحفاظ على أمن اسرائيل وسلامتها فرض عين على كل مسلم ومسلمة...وكل شيء قابل لفتوى مناقضة اذا اعتمد قاعدة استجلاب المصالح ودرء المفاسد...
حماس , لن تدخل في وحدة وطنية مع فتح وباقي الفصائل في اطار منظمة التحرير الفلسطينية , الا اذا كان ذلك تكتيكا للاستيلاء على المنظمة وكامل السلطة ورهن القرار الفلسطيني لقوى خارجية , فحماس لم تعتبر نفسها يوما جزء من الحركة الوطنية الفسطينية , بل ان مصطلح القوى الوطنية والاسلامية استحدث كوصف لاطار يضم قوى الاسلام السياسي وفصائل منظمة التحرير.
المصالحة , هي أفضل ضمان لاستمرار انقسام الوطن , بل واعتراف بكيان سياسي واداري تهيمن عليه حركة حماس في قطاع غزة , والمصالحة هي تبرئة للأيدي التي لطخت بالدماء الفلسطينية منذ الانقلاب الحمساوي , والمصالحة اعتراف بحقيقة على أرض الواقع , وتسامح غبر مبرر معها ,فبدلا من السعي لانفاذ القانون وارساء أسس واضحة للوحدة الوطنية , ومحاسبة الأفراد والجماعات التي أدت ممارستها الى بروز كيانين فلسطينيين , يتم السير في مصالحة تكافىء الانقلاب.
خلاصة : لا للمصالحة ونعم للوحدة الوطنية.
اقتراح؛ لابد من برنامج سياسي فلسطيني جديد , يوحد أهداف وطموحات الشعب الفلسطيني في الوطن وخارج الوطن....لابد من الالتفات لفلسطينيي الشتات ...
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت