في ذكرى يوم النكبة .. انتصرت الامعاء الخاوية

بقلم: محمد وحيد عوض


لا علاقة لها بالمسألة الحسابية لكنها ساعة الصفر، هي النقطة التي حددها أحرار الشعب الفلسطيني من داخل بقاع العزل الإنفرادي هناك، وبالجانب الآخر كان التنسيق مع إخوانهم في السجون الأخرى بالمقابل، فقد أرهقهم ظلم السجان وغرف التحقيق هنا وهناك لأن الفيض قد طال بهم جميعاً، سياسة السجان الإسرائيلي شكلت عليهم الظلم الأكبر في السجن، بدون أن يسمحوا لذويهم بزيارتهم أو العزل الإنفرادي لأشهر وسنين مما يصعب على المرء بطبيعته البشرية العزلة مخبراً إياها الله تعالى " وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا "، نعم صدق الله تعالى بقوله لأننا كبشر لا نستطيع العيش بدون الاختلاط ببني البشر .

قرروا أن ينتفضوا بأمعائهم مع تزامن انطلاق ساعة الصفر لينتفض أبناء شعبهم متوحداً ومتناسياً الانقسام الفلسطيني ليتجه نظره إلى من هم خلف القضبان، ليعلن العشرات في خيم الإضراب عن الطعام هنا وهناك في جميع الأراضي الفلسطينية مشاركتهم انتفاضة الأمعاء الخاوية، ولتبدأ المعركة على الملأ ما بين ظلم السجان والمعدة الخاوية التي كانت تحت اسم " سنحيا كراماً "، ليلتحق بعدها بالمعركة عدداً من الصحفيين والنشطاء الشبابيين والأسرى المحررين وأبناء عموم هذا الشعب، وكان الانتصار الأكبر أن عدداً كبيراً من مختلف أبناء العالم العربي والأوروبي التحقوا بهم .

بدأت أجراس الخطر تقرع في جميع أنحاء مصلحة السجون الإسرائيلية لتبشرهم أن ناقوص الخطر قد طال بهم، وأن بوابة جهنم قد افتتحت عليهم وعلى مصراعيها، ليبدأ السجان بممارسة كافة الأعمال الاستفزازية ضدهم في محاولة لكسر تلك الإرادة الحقيقة، لمر اليوم الأول يتلوه الثاني وبعده العاشر فالعشرون، وما زالت تلك الإرادة الحقيقة في ثبات كبير، وكأنهم منحوا قوة خارجية لا يتحملها أي بشري تمركزت في تلك الأجساد الفلسطينية، ليعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي حالة الطوارئ القصوى في إعادة حساباته وقوانينه الظالمة تجاه تلك الإرادة الحديدية التي تمتع بها أبناء الشعب الفلسطيني الذين اختاروا مطالبهم أو الشهادة في سبيل الله تعالى .

المسألة تعدت المساءل الحسابية والرياضية فقد دخل الأسير ثائر الحلاحلة موسوعة غينيس العالمية في أكثر شخص قدرة على التحمل بصبره 78 يوماً بمعدته الخاوية ليلتحقوا به بساعة الصفر بعد 55 يوم من صبر معدته الخاوية، ففي اليوم 23 خضعت إدارة السجون وأجهزة مخابراتها الإسرائيلية لمطالب هؤلاء الصابرين القانطين في زنازين العزل الإنفرادي وبالسجن المقابل هناك، ليخرج زميلي نصر فؤاد أبو فول الناطق باسم الأسرى مُصرحاً أن إدارة السجون توافق رسمياً على مطالب الأسرى تزامناً مع ذكرى يوم النكبة الفلسطينية .

هناك .. دمعات أمهات الأسرى في خيم الاعتصام انهمرت كالأمطار، حضن هنا لأم ذلك الأسير، وذلك المتضامن يحتضن أخيه الأسير، حقاً تحولت هذه المناسبة عرساً وطنياً فلسطينياً في جميع بقاع الأراضي الفلسطينية، وتخرج غزة بمسيرات لتحتفل بهذا الانتصار الجديد الذي شهده العالم أجمع بقوة وعزيمة وصبر الأسير الفلسطيني وقوة أمعاءه الخاوية، وما زالت غزة تنتظر الانتصار الأكبر ..!!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت