خطوة غير تقليدية في ذكرى النكبة

بقلم: عماد عبد الحميد الفالوجي


كل عام يستذكر الفلسطينيون ذكرى نكبتهم ويحاولون من خلال هذه الذكرى تأكيد حضورهم والإصرار على التمسك بحقوقهم والتأكيد على عدم التفريط بحقهم في العودة الى ديارهم التي أخرجوا منها رغما عن إرادتهم ، ويريدون تأكيد فشل المقولة التي عملت على تحقيقها المؤسسة الصهيونية " الكبار يموتون والصغار ينسون " ، والتأكيد على أنهم نجحوا عبر العقود الماضية في تكريس الوجود الفلسطيني في وجدان كل فلسطيني مهما بعدت السنين أو بعدت بهم الجغرافيا وأصبح الكل الفلسطيني مسكون بالهم الواحد وأصبحت قضية اللاجئين هي القضية الأساس للشعب الفلسطيني وعليها يقع الإجماع ولا تكاد تجد من ينكر هذا الحق أو يستطيع أي فلسطيني أن يجهر بغير هذا الموقف ، أصبحت قضية اللاجئين هي جوهر وعماد القضية الفلسطينية ، و الاحتلال الإسرائيلي يدرك هذه القضية ويضعها على أعلى جدول مخططاته للتقليل من شأنها وكأنها قضية محسومة من غير المسموح التفاوض حولها أو وضع الإغراءات السياسية والمادية لتجاوزها مقابل تقديم تنازلات في قضايا أخرى .

ولاشك أن الشعب الفلسطيني بفضل التضحيات التي قدمها والوعي الذي تميز به تجاه كل المؤامرات التي حيكت وتحاك ضد قضيته وضد وجوده استطاع أن يفرض كل قضاياه على طاولة المفاوضات ولم ينجح العدو في تجاوز أي ملف من ملفات الصراع ، وأصبح ملف اللاجئين مفروضا على الأجندة الدولية ولا يمكن تجاوزه بل لابد من وضع الحلول التي يقبل بها الشعب الفلسطيني وليس فقط ما يريده الاحتلال ، واستند الشعب الفلسطيني في نضاله لتحقيق حقه في العودة الى كل الوسائل المتاحة ولعل على رأسها التوجه للمحافل الدولية ومنظمات حقوق الإنسان والاستناد الى قرارات الشرعية الدولية ولم يتمكن الكيان من اختراق الموقف الدولي الإنساني فيما يتعلق بحقوق اللاجئين القانونية ، ولا يمكن للقوة العسكرية مهما تجبرت أن تغير الحقائق على الأرض لأن اللاجيء سيبقى محتفظا بهذه الصفة وتتوارثها الأجيال جيلا بعد جيل .

وطالما أن هذه القضية مرتبطة بفكر وثقافة الجيل الفلسطيني السابق والجيل الحاضر وجيل المستقبل فيجب أن لا نركن على ما حققناه من انجازات ، لأن الجيل الحالي هو الجيل الثاني بعد النكبة وقام باستلام الراية وحفر ذكريات الوطن ورسم خارطة كل البلدات والمدن صغيرها وكبيرها في عقل ووجدان كل منا ولكن ماذا عن الجيل القادم ، هل سينجو من المخططات الصهيونية ؟ في ظل العولمة والفضائيات وكثرة الثقافات وغزو الأفكار ؟ خاصة وأن هناك الكثير من التساؤلات بدأت تظهر تدلل وتؤشر على بداية خطر فكري بدأ في الأفق ، ومنها هل اللاجيء يبقى بحمل هذه الصفة وهو موجود على أرض الوطن ؟ أليست غزة ونابلس ورام الله وجنين والخليل جزءا أساسيا من الوطن فكيف يمكن أن نكون لاجئين في أوطاننا ؟ وسؤال آخر لماذا التعصب لذكر اسم القرية أو المدينة التي هاجر منها أجدادنا أليس الانتماء لفلسطين يكفي ؟ وسؤال آخر عندما نطالب بحق العودة الى أين يجب أن نعود أليس مدننا وقرانا اليوم تحت الحكم الإسرائيلي ؟ هل نطالب بالجنسية الإسرائيلية مثل أهلنا داخل الخط الأخضر ؟ أم أن تحقيق حق العودة مرتبط بزوال الكيان الإسرائيلي ؟ وهكذا اسئلة لم نعهدها في سابق الزمان وتحتاج الى إجابات ولكن بدون أن نختلف حولها .

الصراع الحقيقي على ثقافة الجيل الجديد وترسيخ مفهوم الوطن بداخله والاطمئنان بأن هذا الجيل سيتسلم الراية سليمة وواضحة بدون لبس أو غموض ولذلك يجب الخروج عن الاحتفالات التقليدية ووضع خطة لترسيخ هذا المفهوم ، ومن هذه الأفكار التي سعدت كثيرا بسماعها من بعض الأصدقاء أن يتم إصدار بطاقة تعريف لكل طفل فلسطيني بلغ من العمر خمس سنوات وحتى الثانية عشر فيها ذكر بلدته التي هاجر منها أجداده وقسم أن لا يفرط فيها ولا يتهاون في حقوقه ، حتى لا يأتي يوم نسأل فيه طفلا فلسطينيا عن قريته فلا يعلم اسمها ومكانها ، فكرة رائعة وعملية ولدينا المؤسسات المنتشرة بين صفوف كل اللاجئين وكذلك أنصار قضيتنا المتواجدين في كل مكان ، لنبدأ هذه الفكرة اليوم وليكن الذكرى القادمة للنكبة نكون قد أوصلنا هذه البطاقة التعريفية لكل طفل فلسطيني ، ولنجعلها رسالة سلمية عالمية تجاه نشر ثقافة العودة الى أرضنا ووطننا فلسطين ، ولنحيي خلال العام الاحتفالات العامة لهؤلاء الأطفال في كل مكان وبدون استثناء وليكن فعلا وطنيا جامعا لا يتخلف عنه أحد .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت