خمس دعوات/حواديت ...

بقلم: أسامه الفرا

خمس دعوات في مظروف واحد، هكذا فعلت اللجنة الشعبية للاجئين بمخيم خان يونس في دعواتها لإحياء الذكرى 64 للنكبة، وتنوعت الفعاليات التي نظمتها على مدار أيام متتابعة بين الندوة التي تتحدث عن "واقع اللاجئ في الماضي والحاضر والنظرة إلى المستقبل"، والأمسية الشعرية والبطولة الكروية ومعرض الصور، بالإضافة إلى مهرجان التراث الفلسطيني المميز الذي نظمته اللجنة في نادي شباب خان يونس، حيث استحضرت اللجنة لوحات من عمق التراث الفلسطيني، بدأتها بزفة العريس من خلال مجموعة من النساء والفتيات بالملابس التراثية التي تحمل علامات تشير إلى المدينة أو القرية التي امتازت بهذا النوع من الثياب، ولعل إبداع المرأة في تجسيد هذه اللوحة دفع الحضور للانخراط فيها، وفي ركن مجاور نصبت خيمة جلس فيها رجلان بملابس الماضي وأمامهما بعض الجمرات التي يتكئ عليها "صباب" القهوة السادة، وعلى بعد أمتار من الخيمة جلست بعض النسوة لتحضير الأكلة الشعبية الفلسطينية التي اشتهرت بها بلدة بيت دراس "المفتول"، وبجوارهم عكفت نساء أخريات على إعداد خبز "الصاج"، الجميل أن اللوحة تم إعدادها بشكل متقن بعيداً عن التكلف.
على جانب هذا الجهد المميز للجنة الشعبية للاجئين بمخيم خان يونس في إطار فعالياتها لإحياء ذكرى النكبة، قال لي الصديق فخري النبريص بأن اللجنة بالتعاون مع مبادرة المثقفين العرب لنصرة فلسطين بصدد إصدار بطاقة لاجئ للأطفال من سن السادسة وحتى الخامسة عشر من كلا الجنسين، كما أنهم شرعوا بإعداد عريضة تحوي قسم التمسك بحق العودة والثوابت الفلسطينية، وأنه جرى توزيع العريضة بهدف التوقيع عليها على المؤسسات الرسمية والأهلية إضافة إلى السفارات الفلسطينية في الدول المختلفة، وبموازاة ذلك جرى إعداد عريضة خاصة للتوقيع عليها من قبل مناصري القضية الفلسطينية.
أعتقد أن إحياء ذكرى النكبة هذا العام جاء مختلفاً عنه في السنوات السابقة، حيث اعتمدنا في السابق المهرجانات الخطابية كمحور لفعالياتنا، فيما إحياء ذكرى النكبة بحاجة إلى أكثر من ذلك بكثير، وأعتقد أننا بحاجة لأن نجعل من ذكرى النكبة مناسبة لتكثيف الجهود من قبل الفلسطينيين في شتى أرجاء المعمورة للتأكيد على الحقوق الفلسطينية الغير قابلة للتصرف، وأيضاً هي مناسبة لإبراز حجم الجرائم التي ارتكبتها دولة الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، فالنكبة لا تتعلق بحقبة زمنية محددة، بل كان لها ارتداداتها على مدار العقود السابقة، وجرائم الاحتلال تعددت وتنوعت، وهي لم تلحق الأذى بالشعب الفلسطيني فقط بل أصابت القيم والمبادئ الإنسانية في مقتل.
قيل دوماً أن القضية الفلسطينية قضية عادلة بمحام فاشل، والحقيقة هي التي قالها الرفيق هوشيه منه للزعيم الخالد ياسر عرفات "أنتم تحاربون من أجل الاستقلال في خضم بحر من الأعداء"، نعم تكالبت القوى العظمى وسخر الإعلام الصهيوني قدراته في تزوير الحقائق، وكثيرا ما نجح في تقمص دور الضحية، لكن المؤكد أن الشعب الفلسطيني يمتلك الطاقات والقدرات التي إذا ما قدر تسخيرها بشكل جيد لقادرة على التمييز بين الحق الفلسطيني والباطل الإسرائيلي، وباستطاعة شعبنا أيضاً أن يبدع ويتميز في خلق الوسائل القادرة على خدمة قضيتنا، كل ما نحتاجه هو أن نعطي الطاقات الفلسطينية الفرصة للعمل والإبداع ضمن خطة إستراتيجية يشارك الجميع في صياغتها وتنفيذ بنودها.
من لا يشكر الناس لا يشكر الله، فمن الواجب علينا تقديم الشكر للقائمين على هذا الجهد المميز في إحياء ذكرى النكبة، وشكر خاص للجنة الشعبية للاجئين بمخيم خان يونس على هذا العمل المميز.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت