غزي سبعيني يحن للقاء محبوبته قبل وفاته

بيت حانون – وكالة قدس نت للأنباء
" أول ما في نفسي أروح أشوف إللي بتبكي، في هناك لدي حبيبة تبكي منذ زمن بعيد، نفسي أزورها- القدس في القيد تبكي من فوارسها ... دمع المنابر يشكي المصلين، حكامنا ضيعونا حينما اختلفوا... باعوا المآذن والقرآن والدين، أي الحكاية ستروي عارنا... جلل والأرض تُسبى وأقصانا يناديني- نفسي أصلي وأركع ركعتين في القدس قبل ما أموت".

ويصف ابن فلسطين عامة وبيت حانون خاصة المسن دياب أحمد طه الكفارنة (أبو بسيم) (71عاماً) جمال وروعة محبوبته( القدس) بكلمات من الشعر العربي الأصيل ألفها من خيوط ذاكرته التي تأبى التخلي عن حلمه الذي يأمل من الله عز وجل أن يحققه له ويرزقه بالصلاة في باحات المسجد الأقصى .

الكفارنة صاحب الأصل العربي الفلسطيني واحد من الشهود الذين قالوا عنهم قادة إسرائيل (الكبار يموتون...والصغار ينسون) لا زال يذكر كل تفاصيل النكبة الفلسطينية بشكل دقيق ويصفها بشعره الذي يغنيه لنفسه يومياً مع بزوغ كل صباح عندما يتجول بين أشجار الليمون بأرضه الزراعية في بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة.

ألم في قلبه...
وأكثر ما يؤلم الكفارنة ويعتبره كغصة في قلبه قبل أن يبدأ حديثه لمراسل وكالة قدس نت للأنباء، سلطان ناصر، عن الحياة الفلسطينية هو "الانقسام الفلسطيني"، ويقول بعد أن تأمل السماء للحظات " لن يتحقق حلمي بصلاة في القدس(..)الآن الأعلام الفلسطينية كثرت، وجرح الانقسام وصل إلى الأعماق وآلامه توجع الجسد كله"، متسائلاً بحزن لماذا فعلوا ذلك بأنفسهم...؟.

ويتمني الكفارنة أن تعود الوحدة الفلسطينية كما كانت في تلك الأيام الصعبة التي عاشها الفلسطينيين خلال النكبة، حيث كان الفلسطينيون وقتها جسداً واحد ويقف الكل بجوار بعضهم البعض ويتقاسمون الألم والحزن والفرح بدون تمييز بينهم، مبيناً أن أصله الفلسطيني يدفعه ليقدم روحه للقدس، مؤكداً أن الكل يجب أن يكون انتمائه للوطن قائلاً" انتمائي للوطن وأفديه بروحي لأن الذي يموت فداء له ويكون صدق أمام الله يكون شهيد وأنا والله نفسي أموت شهيد".

لا فائدة فيه ...
ويقول شعراً " وأعلامنا فوق الروابي مرفوعةً.... وأعلامهم ندوسها تحت القدم فوق الترابي ... والناس تذكر ربها في قدسنا... والشيخ ينادي ربه في صخرة المحراب... لنا الله يا أمة الإسلام فاصبروا"، هذه الأبيات إعتبرها رسالة للفلسطينيين يؤكد فيها على ضرورة التمسك بالقدس والتأكد بأن النصر لا يأتي إلا من عند الله، وأن انتظار الفلسطينيون ليس بتحرك الدول العربية لأن لا فائدة فيه.

ويوضح أن الحياة الفلسطينية في أعوام النكبة والنكسة كانت تتميز رغم المجازر الإسرائيلية التي أحلت بها بنوع من التآلف والمحبة، فالأفراح والأحزان كانت تجمع الكل الفلسطيني ضارباً مثال بالقول " عندما يأتي خبر وفاة أحد من القرية خلال موسم الحصاد يتوقف الكل عن العمل ويتوجه لمساندة أهل الفقيد، وتبقى القرية في حداد لمدة أربعين يوما بدون أفراح"، مبيناً أما اليوم فيكون في الشارع الواحد فرح وحزن دون مراعاة مشاعر أحد .

وصادف يوم 15 مايو/أيار الجاري مرور 64 عاماً على ذكرى النكبة الفلسطينية وهي المأساة الإنسانية التي تشرد خلالها الشعب الفلسطيني خارج دياره، والتي طردت العاصبات الصهيونية سكانها قسرا واستولت على ممتلكاتهم بعد ارتكاب مجازر مروعة راح ضحيتها عشرات الآلاف، في أول موجة تهجير وإبعاد أصبحت أكثر من فقدان للأرض، في محاولات محو شعب بأكمله، وتدمير مستقبله.

ويبين الكفارنة أن الحياة في تلك الفترة كانت بعز قائلاً" لو قلنا أنك تمتلك بيت حانون كلها، ولو جبنا لكم بيت شعر وفيه عشرين نعجة، في البيت الأول تكون الحياة بدون عز والثاني بعز وكرامة أيهما تفضلوا، ولو إحنا قلوبنا على بعض مثل زمان لا يوجد على وجه الكون من يعيش بغز وكرامة مثل الفلسطيني".

ويرى الكفارنة في نهاية حديثه أنه من الضروري أن يجتمع الفلسطينيون تحت علم وأحد ليتمكن من تحقيق حلمه بالصلاة في المسجد الأقصى، وليكونوا يد واحدة في مواجهة إسرائيل واستعادة الأراضي الفلسطينية المحتل إبان النكبة عام 1948.