تحرير منصور " سعاد بدارن "مناضلة عربية آمنت بخط الثورة في معترك الكفاح

بقلم: عباس الجمعة


تحرير منصور مناضلة عربية هويتها فلسطين انتمت منذ سن مبكر لجبهة التحرير الفلسطينية ، وشاركت في كافة المعارك دفاعا عن الثورة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية في اكثر من موقع بمواجهة العدو الصهيوني ، اختارت طريق الكفاح والنضال ، وكانت بطلة من ابطال الجبهة ، حيث كانت مدربة على الطيران الشراعي ، واختارت عملية بطولية بملئ ارادتها .

احبت سعاد او تحرير منصور فلسطين بشوق ، وخاصة في ظل المد الثوري العربي ودفاعه عن الثورة الفلسطينية ، حيث كانت دائما مع المقاوميين في كل المواقع ، وكان الشهيد القائد الامين العام ابو العباس يؤكد على اهمية دور المرأة في النضال ، واثناء وضعه خطة لعملية الطيران الشراعي كانت تحرير منصور تطلب بألحاح ان تكون هي قائدة العملية فأوكل اليها الامر لانه كان يرى فيها الحس الوطني والكفاءة التي تضاهي الرجل ، من خلال القدرات الهائلة التي تمتلكها ، يضاف الى ذلك القدرات العسكرية التي اهلتها لتحمل المسؤولية في عملية صعبة ، فكان استشهادها اثناء انطلاق العملية التي فشلت لسوء الأحوال الجوية في العام 1981عنوانا بارزا لتضحيات المرأة وقدرتها على خلق المعجزات .

ومن هنا لا بد من القول ان التضحيات المضيئة لقوافل الشهيدات الفلسطينيات، اللاتي صنعن التاريخ الوطني بدمائهن التي امتزجت بتراب أرض فلسطين.. لتنمو شجرة الحرية شامخة من اجل الحرية والاستقلال والعودة ، ولتؤكد على ما كانت تحلم به المناضلة الشهيدة تحرير منصور .
في ذات السياق ستظل الذاكرة الإنسانية حية دوما، بترديدها عبارة الشهيدة العربية المناضلة ابنة جبهة التحرير الفلسطينية التي دونتها قبل استشهادها والتي قالت فيها"قد اخترت الاستشهاد من أجل الوفاء بواجبي وأتمنى لحياتي وحياة الشهداء الذين يتبعونني ألا تذهب هدراً ولتفجر الأرض لتصبح زلزالاً فوق رؤوس العدو".

إن ما يبعث على فخر الشعوب العربية قاطبة، أن ينحني المناضلون بإكبار وإجلال أمام الشهيدات الفلسطينيات المناضلات اللاتي رخصن بأرواحهن في سبيل فلسطين ..
ومن هذا الموقع ارى ان دور المرأة في العمل الثوري، ومشاركتها في النضال وخاصة في الثورة الفلسطينية تعتبر استثنائية، فالفعل الثوري كان بالنسبة لتحرير منصور ولرفيقاتها من اجل اثبات ان المرأة قادرة على المقاومة المسلحة مثل الرجل، وما حققته المرأة المناضلة رغم المعوقات والتدخلات يؤكد على دورها العظيم في اثبات شخصيتها والتمسك بالامل لا بل الصعود الى فجر جديد.

ان المناضلة تحرير منصور تربت على النضال والكفاح،كما رفيقاتها في كل مراحل الفداء والتضحيات والنضال،وسقط العديد منهن شهيدات على مذبح الحرية ، وكذلك منذ بداية الاحتلال وحتى اللحظة الراهنة أسر الألآف منهن، وها هي عميدة الأسيرات لينا جربوني ورفيقاتها ،يشاركن أسرى شعبنا في ملحمة البطولة،ملحمة التصدي المتواصلة والمستمرة للسجان الصهيوني ، يتحملن المعاناة ، ويسجلن أروع أيات البطولة والفداء والتضحية،وهذا الدور يجب أن يكن مثار تقدير واحترام كل أبناء شعبنا وامتنا ،فهؤلاء هن صانعات الرجال.

ونحن اليوم نرى ان ما ترسمه المرأة العربية من اجل حريتها وتبوأ مكانتها في كل المجالات والميادين،ولا تلتفت الى الخلف مما يريدون إثارة النعرات والصراعات المذهبية والطائفية،من أجل خدمة أعداء الأمة ودعاة تفتيتها وتقسيمها،هم لا يفتون لا بالجهاد ولا بالنضال ولا بتحرير الأوطان،ولا بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ،ولأن المرأة حملت راية النضال ورفعتها خفاقة، ستبقى منارة لشعوب العرب وشعوب الأرض قاطبة.

وغني عن القول لقد كانت المناضلة سعاد بدران " تحرير منصور " تتطلع في المرحلة النضالية من مسيرة شعبنا المقاوِم وما تلاها من مراحل، خصوصاً إِبّان الاجتياح عام 1978 لمعادلة المقاومة المظفرة التي كتبت فيها القوات المشتركة الفلسطينية اللبنانية بالدم فصولَ الانتصار بعدما عزت عليها فصول الهزيمة، ولتؤكد تحرير باستشهادها على الإرادة والتضحية والفداء، وان المقاومة حقاً مشروعاً تقرّ به المواثيق الدولية وحقوق الإنسان.

لقد انتصر خيار المقاومة الاستراتيجي على الشعارات الوهمية من خلال بطولات متلاحقة وعمليات نوعية على مدى سنين طويلة من الصبر والصمود والعزيمة وتراكم الانتصارات الفاصلة منذ اجتياح 1978 مرورا بصمود بيروت عام 1982بمواجهة العدو الصهيوني انتصارات ادت إلى تسجيل صفحات جديدة من الصراع بيننا وبين العدو في انتفاضات شعبنا في 1987 و 2000حيث سقطتْ لغة "التفوق الإسرائيلي" واربِكتِ الاستراتيجية "الإسرائيلية" القائمة على تأمين التفوّق الدائم للعدو في معادلة الصراع، لكن هذا العدو الغادر الذي لا ينفك يعد الخطط لتهجير شعبنا وجعله في مرمى التهديد الدائم في حياته وأرزاقه ومياهه وارضه وهو مستمر في تهديداته الجِدية وفي مشروعه العدواني، الأمر الذي يتطلب منا عدم المراهنة على مفاوضات عقيمة، بل يستدعي الإبقاء الدائم على الجهوزية العالية في مناخ من الوحدة الوطنية وتعزيز المقاومة بكافة اشكالها وضرورة استمراريتها وتعزيزها باعتبارها عاملَ قوةٍ ، إضافة إلى كونها تجلياً شعبياً في الدفاع عن الحق والأرض والسيادة الحقيقية.

وغني عن القول لقد تميزت جبهة التحرير الفلسطينية بعملياتها النوعية والاستشهادية على ارض فلسطين ، فقد كان دائما لعملياتها العسكرية الاثر المدوي التي هزت الكيان الصهيوني ، باشراف الرفيق الشهيد القائد الامين العام ابو العباس ورفاق دربه القائد سعيد اليوسف وابو العز ،فقد كانت دائما جبهة التحرير الفلسطينية بعملياتها العسكرية تماما كالهدوء الذي يسبق العاصفة ، حيث شكلت عمليات جبهة التحرير من الجو بالمنطاد والطيران الشراعي ، ومن البحر بالزوارق التي اخترقت امنهم وهزت شواطئ يافا وتل ابيب بمعارك ضارية ومن البر بعدة عمليات نوعية واستشهادية ، صفحات مضيئة في تاريخ النضال الفلسطيني ، واستمرت الجبهة رغم الصعاب بعملياتها النوعية ضد العدو الصهيوني من خلال كتائب التحرير الفلسطينية وكتائب الشهيد ابو العباس ، واستطاعت ان تتجاوز كل الصعاب من خلال بناء جيلا مؤمنا بمسيرة الجبهة جيلا عاهد ان يكون وفيا للثوابت الوطنية وللمسيرة الكفاحية للجبهة ، وها هي جبهة تحرير وغادة وعندليب تحمل امانتهم وامانة ابطال عمليات الجبهة والشهداء القادة طلعت وابو العباس وابو احمد وسعيد اليوسف وابو العز وابو الامين وابو بكر وابو العمرين وابو عيسى ومروان باكير وحسين دبوق ، وتشارك بقية فصائل بخيار النضال من اجل اعلاء راية فلسطين خفاقة عالية ، راية تحرير الارض والانسان ، راية النصر والعودة وبناء دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس
تحية الى الشهيدة تحرير منصور، إلى فلسطين ومقاومتها البطلة وإلى أطفال حجارتها، ومناضليها ونسائها الصامدات وأسراها المكحلة عيونهم بفجر الحرية الآتي.
كاتب سياسي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت