أرى بعض الأصدقاء الصحفيين والإعلاميين والكُتاب يبالغون في كتاباتهم عن التغيير الذي حصل في الهيئة القيادية العليا لحركة فتح في قطاع غزة ، وكأن الهيئة الجديدة وبرغم احترامنا الشخصي لها ستحمل عصا موسى ، أو بيدها القرار الأول والأخير للتغيير واستنهاض حركة فتح ، وكأن التغيير هو بتغيير الأشخاص أو بقرار من أعلى مستوى ، أو بإستبدال بعض المواقع والمسميات هنا أو هناك .
القضية ليست قضية شخص يتعين في الموقع ، القضية هي وجود خلل متجذر في الوضع التنظيمي بشكل كامل من القاعدة إلى أعلى رأس الهرم ، هذا الخلل لن يتم إصلاحه بيوم وليلة أو من خلال تغيير الهيئة والمسميات ، بل هو بحاجة لثورة من جديد يتم خلالها وضع أسس جديدة لبناء تنظيم فتح من جديد انطلاقاً من مفاهيم وخطط تكاملية ومبنية على الواقع وليس على إرضاء الشخصيات .
حركة فتح ليست هيئة قيادية جديدة ، أو أن يكون الأخ يزيد الحويحي أبو غيره على رأسها ، حركة فتح تاريخ ونضال وجماهير وتضحيات ، وهي حركة أنجبت الكوادر الذين يجب أن يتم مشاركتهم في قرار البناء وأن يكون هذا القرار يُعبر عن طموحات الجميع بدون أن يتم تقسيم غزة بين منطقة وأخرى وبين عشيرة أو مسمى هنا أو هناك ، فحتى لو تغير رأس الهرم في الهيئة القيادية فقط ظلت بعض الأسماء القديمة موجودة ، وهناك أسماء غير مرغوب بها جماهيرياً ولا تمثل نفسها في فتح أصبحت تُطرح في عملية إعادة ترتيب الأقاليم وكأن فتح لم تُنجب غير هؤلاء .
لن تتوفر مسببات للنجاح ما لم ننفي ونقضي على مسببات الفشل ، فمسببات النجاح يجب أن يتم الإعداد لها بعيداً عن البهرجة الإعلامية والكذب والإجتماعات الوهمية والزيارات البروتوكولية ، ولكي ننجح يجب أن يكون قرار قيادة فتح بأن غزة جزء أصيل من الواقع التنظيمي ، ولها كُل المميزات المالية والقيادية ولها الحق في اختيار من يعمل بأقاليمها ومناطقها .
وبدون أي تشاؤم فإن مسببات الفشل لازالت حليفة الحركة والهيئة القيادية ، فكيف يُريدون أن يبنوا حركة تعرضت للكثير من الأزمات منذ عام 1994م من خلال الإبقاء على نفس طريقة ومنهج العمل المبني على إرضاء أشخاص ومناطق وتكتلات وحسابات ضيقة على حساب القاعدة التنظيمية ، وكيف نريد بناء حركة بدون مشاركة واسعة من قبل المؤسسات والكوادر .
أضف إلى ذلك فإن حالة الإنقسام الداخلي وانعكاسها على الوضع التنظيمي للحركة ، من خلال حرية الحركة لكوادر الحركة ، ونشاطاتها الميدانية ، واجتماعاتها العلنية ، ونحن لازلنا نتحدث عن ازدواجية في معايير العلاقة مع الحركة بين شكل مع رأس الهرم وشكل آخر مع القاعدة وقيادات المناطق والأقاليم .
نحن لسنا ضد التفاؤل ، لكننا لا نريد أن نبقى رهائن لحالة عصيبة تُسيطر على الوضع التنظيمي للحركة مالياً ووجودياً خاصة في قطاع غزة ، ولا يمكن لنا النهوض في الحركة من خلال لقاء سطحي في فندق على شاطئ البحر ، وهناك عشرات المشكلات التي تحتاج إلى حلول جذرية أهمها كيفية إعادة الثقة بين رأس الهرم التنظيمي والقاعدة الفتحاوية ، وكيف نستطيع بناء حركة تخدم كُل الشرائح بعيداً عن نظام الكوتة والشللية بما يضمن عدم استبعاد أي كادر على أساس الخلافات القيادية العليا .
&&&&&&&&
إعلامي وكاتب صحفي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت