تاكسي غزة

بقلم: مصطفى إبراهيم


بعض النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي في غزة يقيمون موقف الناس من الانقسام من سائقي التاكسي الذين يركبون معهم حيث يقوم سائقي التاكسي بتوجيه النقد للسلطة الفلسطينية وحكومة حماس وتأثير الانقسام على حياة الناس، وينسون ان سائقي التاكسي يمتلكون موهبة تفصيل ارائهم حسب رغبة الزبون.

أختلف مع من يقرأ رأي الشارع من سائقي التاكسي، ورأيي في ذلك ليس نابع من موقف مسبق منهم، بل لأن سائقي التاكسي يتعاملون مع الركاب على انهم شواقل تتحرك على الأرض، ويقيمون ما يجري من خلال مصلحتهم وأهوائهم ومواقفهم السياسية، هذا إن كان لديهم مواقف سياسية.

وفي ظل الانقسام أصبحت شريحة ليست قليلة من موظفي السلطة يعملون كسائقي تاكسي، بعض منهم وجد في ذلك فرصة للتغلب على مصاعب الحياة لزيادة دخله وتحسين مستواه المعيشي، والبعض الاخر يعمل لقتل وقت الفراغ الذي يعانيه وجمع مزيد من الأموال، ومستفيد من استمرار الانقسام وإطالة عمره.

ظاهرة انشغال سائقي التاكسي بالهم السياسي والشأن العام ليست ظاهرة حصريه في مجتمعنا الفلسطيني، بل هي ظاهرة عالمية تشغل كل ركاب التاكسي في ارجاء الدنيا، ومع ذلك تجد عدد من السائقين لديهم اراء معينة ويتحدثون بحكمة تستحق الاحترام والتأمل.

وفي حالتنا الغزيه هناك عدد لا بأس به من سائقي التاكسي من حملة الشهادات والمتعلمين وبعض منهم يمتلكون ثقافة معرفية تمكنهم من تسويق انفسهم للركاب بشكل يزيد من احترامه، والبطالة وعدم وجود وظائف مناسبة والفاقة هي من دفعتهم للعمل كسائقي تاكسي.

وعادة ما تجد سائقي التاكسي ان إنشغالهم بالهم الشخصي ولقمة العيش أكثر من الهم بالشأن السياسي، وتسويق أنفسهم على انهم ضحية السياسات الخاطئة التي تنفذها حكومة غزة، ويوجهون الاتهام لها بأنها لا تقدر الأوضاع المعيشية والغلاء وارتفاع اسعار الوقود وشحه، ولا تراعي الاوضاع الاقتصادية المتردية وعدم تساهلها في جمع اموال الضرائب والجمارك والترخيص في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
منذ الانقسام والناس في غزة يعتمدون على الوقود المهرب عبر الانفاق من مصر، ووجد سائقي التاكسي في ذلك فرصة لهم لزيادة دخلهم حيث ان اسعاره تعتبر مناسبة لهم مقارنة بأسعار الوقود المستورد من اسرائيل، وفي ظل ازمة الوقود المتفاقمة في قطاع غزة وجد سائقي التاكسي ضالتهم في رفع التسعيرة بحجة ارتفاع اسعار الوقود.

المفارقة هنا نجد سائقي التاكسي يعبرون عن غضبهم من حكومة غزة لفرضها ضرائب على الوقود، إلا انهم في الوقت ذاته راضين عن اسعار الوقود ويعتبرونها مناسبة بل يدافعون عن استمرار ضخ الوقود عبر الانفاق.

عدد كبير من السائقين غير مؤهلين للعمل كسائقي تاكسي ولا يمتلكون رخص لقيادة سيارة تاكسي، ومظهرهم غير لائق، ولا يتوفر لديهم الحد الأدنى من المهارة واللياقة في التعامل مع الركاب، و سياراتهم قديمة ومتهالكة، ويجب تكهينها، فهي غير صالحة للاستخدام، وكثير من هذه سيارات التاكسي لا يتوفر فيها الحد الأدنى من تلك الشروط كي نطلق عليها سيارة تاكسي تقل الناس ويتوفر فيها سبل الأمان والحماية والراحة.

أدرك ان الأوضاع القاسية التي يمر بها الناس جراء الحصار وتفاقم البطالة وتزايد نسب الفقر، وشح الوقود وارتفاع اسعره في فترة زمنية معينة من قبل المحتكرين لكن ذلك لا يعفي سائقي التاكسي من المسؤولية الاخلاقية وإصرارهم على رفع التسعيرة حسب مزاجهم واستغلال الناس، وعدم مراعاتهم ظروف الناس خاصة طلاب المدارس والجامعات.

كذلك لا اعفي حكومة غزة من مسؤوليتها وضرورة القيام باتخاذ الإجراءات اللازمة لوضع حد لجشع وطمع عدد كبير من سائقي التاكسي وبعض المحتكرين ومحاسبتهم، ومراعاة الأوضاع الاقتصادية الصعبة للناس.
26/5/2012

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت