غزة-وكالة قدس نت للأنباء
أكدت وزارة الزراعة في حكومة غزة ، على أنها تابعت باهتمام تقرير المرصد الأورومتوسطي الذي صدر مؤخراً ويرصد بالتفصيل الانتهاكات الإسرائيلية الممنهجة بحق قطاع الصيد والصيادين.
واعتبرت الوزارة في بيان وصل قدس نت نسخة عنه، أن تقرير المرصد الأورومتوسطي "وثيقة رسمية يجب الاعتماد عليها في رفع قضايا ضد الاحتلال أمام المحاكم الأوروبية والدولية".
واقترحت الاستفادة من التطورات المتلاحقة في القوانين الأوروبية والدولية، حيث بات من الممكن الآن وفي ظل تعديل القانون الأوروبي لشهر سبتمبر من عام 2009 رفع قضية ضد الاحتلال من خلال نقابة الصيادين والتي تمثل قطاع الصيادين المتضررين.
وشددت الوزارة على التصدي للسياسة الإسرائيلية التي تتنافى مع كل القوانين والأعراف والمواثيق الدولية من خلال تجاوز استراتيجيات التكيف إلى استراتيجيات مواجهة تتضمن حشد كافة الموارد المتاحة وتحريك كل الفاعلين المحليين من مؤسسات حكومية ومنظمات مجتمع مدني ومنظمات حقوقية إضافة إلى المنظمات الدولية الموجودة في قطاع غزة وخارجها.
ودعت إلى زيادة الفعاليات الإعلامية والحملات الشعبية بمشاركة المؤسسات الدولية، منوهة إلى التركيز على توثيق الانتهاكات الإسرائيلية وعرضها عن طريق فيلم وثائقي أمام المحافل الدولية.
بدورها شكرت الوزارة القائمين على هذا الجهد المميز الشامل والموضوعي الذي يرتكز على حقائق وأرقام وشهادات حية ذكرها التقرير, مشيرة إلى بعض الحقائق التي أهمها انحصار عمق الصيد إلى 3 ميل بحري أدى إلى تقليص المساحة المسموح بها إلى 180 كيلو متر مربع، و هي منطقة صغيرة جداً بقياس الحجم السكاني في القطاع وعدد الصيادين البالغ أكثر من 3500 صياد.
ولفتت إلى هذه المنطقة تعتبر منطقة رملية طينية خالية تماماً من الصخور, وبالتالي لا يوجد بها كميات كافية من الأسماك، كما أن ضيق مساحة الصيد أدى إلى تزاحم الصيادين والتنافس الشديد بين قواربهم وبالتالي تدني الدخل العام للصيادين وارتفاع نسبة الفقر التي تجاوزت 88% من شرائح الصيادين.
وحذرت الوزارة من انعدام الأمن الغذائي لـ95% من الصيادين، وعدم قدرة الصيادين على تحمل تكاليف صيانة المراكب وتوقف أنواع من وسائل الصيد عن العمل.
إضافة إلى ما سبق, أوضحت الوزارة أن تراجع مساحة الصيد إلى الحد الأدنى أبعاداً بيئية خطيرة تتمثل في ارتفاع نسبة الأسماك الصغيرة في المصيد نتيجة قرب الصيد من الشواطئ وخصوصاً الأسماك المهاجرة مما يؤدي إلى الإضرار بالبيئة البحرية على المدى المتوسط وطويل الأجل.
وكان التقرير الحقوقي الأوروبي (صدر الأحد27-5-2012) كشف عن استهداف إسرائيلي متواصل لقطاع الصيد البحري في قطاع غزة بصورة ممنهجة أدّت إلى إنهاكه وتدميره.
وأوضح التقرير الصادر عن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أنّ السلطات الإسرائيلية سعت في السنوات القليلة الماضية إلى قتل هذه المهنة التي يعتاش منها ما يزيد عن 70 ألف مواطن غزّي، من خلال التقليص المتدرّج لمساحات الصيد التي تسمح للصيادين الفلسطينيين بالإبحار خلالها.
وأضاف أنّ هذا التقليص أحاديّ الجانب، والذي بلغ أوجه عام 2009، أثر بشكل واسع على كمية الصيد في القطاع الذي يعاني أصلاً من حصار إسرائيلي للسلع والمواد الغذائية، معتبراً أن هذا الإجراء ينطوي على مخالفة صارخة لما هو موقع مع السلطة الفلسطينية والذي ينصّ على تحديد مسافة الصيد بـ20 ميلاً بحرياً بعيداً عن الشاطئ.
ونوّه التقرير إلى أنّ التحكم الإسرائيلي بمسافة الصيد يأخذ شكل العقاب الجماعي، إذ تزايدت حدّته مع الانتفاضة الثانية حيث قلصت "إسرائيل" المسافة إلى 10 أميال بحرية من الشاطئ، ثم إلى 6 عقب أسر الجندي جلعاد شاليط، وأخيراً إلى 3 أميال بعد الحرب على غزة التي انتهت في يناير 2009 وحتى الآن.
وحذّر المرصد من أنّ السلطات الإسرائيلية تتعمد منع شريحة واسعة من الصيادين الغزيين، الذين يقدر عددهم بـ3600 صياد، من ممارسة عملهم بحرية وبشكل آمن عبر الأميال البحرية التي حصرت نطاق عملهم خلالها، وذلك عن طريق التدخل العسكري من قبل الزوارق البحرية التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
ولفت التقرير إلى أنّ المرصد الأورومتوسطي وثق خلال الفترة ما بين بداية يناير 2011 إلى نهاية أبريل 2012، قرابة 150 انتهاكاً بحق الصيادين، كان منها 60 حالة اعتقال في عرض البحر، 12 إصابة بنيران البحرية الإسرائيلية، و20 حالة لتخريب أو مصادرة معدات الصيد.
ونوه إلى ارتكاب السلطات الإسرائيلية ممارسات مهينة بحق الصيادين، تتمثل في إجبارهم على التعري الكامل، والنزول إلى مياه البحر في ظروف جوية قاسية، إلى جانب اعتقالهم وابتزازهم من أجل التعاون الاستخباري، والتهديد بالتنكيل بأقاربهم، وبينهم معتقلون قاصرون.
كما يوثق شهادات حية لصيادين اعتدت عليهم قوات البحرية الإسرائيلية وأجبرتهم على النزول إلى مياه البحر، ونكّلت بهم بعد اعتقالهم لفترات تتراوح ما بين أيام وبضعة شهور، على الرغم من عدم تجاوزهم لمسافة الثلاثة أميال البحرية المسموح لهم إسرائيلياً بالصيد فيها.
ويحذر التقرير من سياسة عربدة إسرائيلية في عرض البحر تعتمد سياسة الأمر الواقع، حيث تقوم السلطات الإسرائيلية بنصب إشارات حدودية مضيئة مزوّدة بأجهزة مراقبة على بعد 3 أميال بحرية من شواطئ القطاع، تحذر الصيادين الفلسطينيين من اجتيازها تحت طائلة تعرضهم لإطلاق النار أو الاعتقال، بصورة تسعى إلى شرعنة الانتهاكات ضد الصيادين، ووضعها في إطار قانوني.
ويظهر من كل ما سبق؛ أن تنفيذ "إسرائيل" لخطة الفصل أحادي الجانب عن قطاع غزة عام 2005، ليست سوى إعادة انتشار لقوات الاحتلال على حدود القطاع، ويدل على ذلك نموذج السيطرة المطلقة التي تمارسها على شواطئ غزة ومياهها الإقليمية، بصورة مخالفة للقانون الدولي واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
ويوضح التقرير الذي جاء في 30 صفحة، بصورة مفصًّلة أوجه المخالفات القانونية التي يرتكبها الاحتلال بتقييد حركة الصيادين، والاستهداف المباشر لزوارقهم، وحرمانهم من ممارسة عملهم، وتعريض سلامتهم للخطر، ووضعهم في دائرة الاعتقال التعسفي، كما يدعو الجهات الأممية والدولة ذات العلاقة إلى لجم هذه الممارسات ومساءلة المتسببين فيها.
ويتعهد المرصد الأورومتوسطي بالسعي حقوقياً ومع الجهات المانحة لتنفيذ حلول تنقد قطاع الصيد البحري في قطاع غزة وتطوره، ، للتخفيف من وطأة ظواهر الجوع والفقر والبطالة التي يرزخ الغزيون تحت وطأتها منذ الحصار المفروض على القطاع قبل أكثر من خمس سنوات.