السفير الفلسطيني بالجزائر:أجواء المصالحة إيجابية لكن نريد تنفيذا

الجزائر- وكالة قدس نت للأنباء
أكد السفير الفلسطيني في الجزائر حسين عبد الخالق، أن الأجواء التي تحيط بلقاءات المصالحة الفلسطينية في القاهرة وقطاع غزة إيجابية، موضحاً في حوار خاص مع صحيفة" الجزائر" أن المطلوب الأن تنفيذ ما تم توقيعه من اتفاقات بين حركتي "فتح وحماس" على الأرض.

وفيما يلي نص الحوار..
": تزامن لقاؤنا بسعادة السفير الفلسطيني بالجزائر السيد حسين عبد الخالق مع بداية المشاورات الفلسطينية الجادة من أجل تنفيذ اتفاق الدوحة حول المصالحة الوطنية الفلسطينية ووضع الآليات للذهاب نحو انتخابات رئاسية وتشريعية في أقرب الآجال. كان السفير حريصا جدا على ضرورة أن ينتهي الانقسام الذي اعتبره صفحة سوداء في تاريخ النضال الفلسطيني لينشغل الفلسطينيون بالتحديات التاريخية المرتبطة بضرورة تحقيق الاستقلال وإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس وتحرير الأسرى وعودة اللاجئين وغيرها من القضايا الشائكة. وبالمقابل اعترف السفير بصعوبة تحقيق الأهداف أمام التعنت الإسرائيلي المدعم أمريكيا لكنه أثنى على جهد المجموعة العربية بالرغم من الظروف الخاصة التي تمر بها بعض البلدان العربية.

في البداية ما هو الوصف الذي يمكن أن تقدموه للوضع الفلسطيني بشكل عام في الآونة الراهنة؟
"أقل ما يمكن أن يوصف به الوضع هو أنه خطير لأن إسرائيل لا تزال تنتهج سياسة الاحتلال وعملت بكل والوسائل لإجهاض كافة المحاولات للتوصل إلى حل يقضي باسترجاع الفلسطينيين حقهم في العودة والاستقلال وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس وبالتالي شعبنا لا يزال يرزح تحت الاحتلال وجزء كبير منه لا يزال يعيش في مخيمات اللاجئين وفي الشتات ونجد أن الطريق مسدود للتوصل إلى حل مع الإسرائيليين وبالتالي نستطيع القول إن الوضع مفتوح على خيارات عديدة وكثيرة والقيادة الفلسطينية ستدرس في حينه التوجه الذي ينبغي أخذه ليستطيع الشعب لفلسطيني التوصل إلى استرداد حقوقه.

من بين هذه التوجهات العودة مرة أخرى للأمم المتحدة؟
"نحن بالأمم المتحدة لا بغيرها نواصل مسيرة المطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني. بعد تقديم طلب العضوية في الأمم المتحدة وبعد أن أحيل الملف إلى اللجنة الفرعية المشكلة من نفس الدول التي هي عضوة في مجلس الأمن الطلب موجود ولا يزال قائما ولو أننا لم نطلب بعد التصويت عليه. بعد جهود ديبلوماسية قادها الرئيس أبو مازن للتواصل مع الدول العضوة في مجلس الأمن وجدنا أننا لم نتحصل على العدد الكافي وبالتالي سوف ننتظر اللحظة المناسبة لطلب التصويت لكن الملف موجود في أروقة مجلس الأمن".

ولعل بروز رئيس جديد في فرنسا معروف بمواقفه المعتدلة يمكنه أن يساعد على تجاوز بعض العقبات على مستوى مجل الأمن على الأقل؟
"القضية أوسع من هذا. وأعتقد، وبدون مبالغة أن القضية الفلسطينية تحظى بتأييد دولي واسع وعليك أن تراقب حصيلة التصويتات التي تتم في إطار الجمعية العامة على مشاريع القرارات ذات الصلة بالقضية الفلسطينية نجد أنها تحصد ما بين 160 و180 صوت داعمة ونجد أن الذين يعارضون التصويت ضد هذه القرارات هم إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية وباقي الدول تمتنع عن التصويت. في إطار الجمعية العامة نستطيع وبكل سهولة الحصول على قرارات داعمة ومساندة لقضية الشعب الفلسطيني. المشكلة تكمن في مجلس الأمن، نرى أن الولايات المتحدة الأمريكية بالتحديد، استخدمت حقها في النقض ضد كل مشاريع القرارات الداعمة للقضية افلسطينية واسترداد حقوق الشعب الفلسطيني. أمريكا تستخدم هذا الحق كما تستخدم نفوذها تجاه دول أخرى للضغط عليها والعمل على تغيير مواقفها السياسية تجاه القضية.لو نعرج على الوضع الداخلي الفلسطيني نجد أن هناك مؤشرات مبشرة بالخير. هناك عودة للمباحثات حول المصالحة الوطنية الفلسطينية خاصة مع الحوار الجاري بين حركتي فتح وحماس بعد الاتفاق المبرم في فبراير الماضي بالدوحة والمشاورات التي تجري بالقاهرة (الحوار أجري يوم الإثنين) حول تشكيل الحكومة الانتقالية وإنشاء اللجنة المركزية للانتخابات وشروعها في تجديد السجلات الانتخابية في غزة... هل ترون أن الفرصة ".

قد حلت للشعب الفلسطيني ليتجاوز الخلافات الداخلية وينظر إلى المستقبل بنظرة موحدة؟
"أريد أن أؤكد أن الشعب الفلسطيني بكل تياراته وتوجهاته السياسية يعرف جيدا أن الانقسام يشكل صفحة سوداء في تاريخ الشعب الفلسطيني كما عبر عنه الرئيس محمود عباس. الجميع متفق على ضرورة إنهاء هذا الانقسام الذي لا يخدم سوى إسرائيل ونحن نعرف جيدا أن تحقيق طموحات وتطلعات وأهداف الشعب الفلسطيني تمر عبر دعم وتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية. من هنا كانت القيادة الفلسطينية حريصة على بذل كل الجهود الممكنة للتوصل إلى اتفاق وإنهاء هذه الحالة وتوصلنا إلى اتفاقات عديدة وأخيرا كما تعلم تم إبرام اتفاق الدوحة بنصوصه المتعددة. المطلوب الآن تنفيذ ما نص عليه اتفاق الدوحة وعلى رأس ذلك السماح للجنة المركزية للانتخابات بالقيام بعملها في قطاع غزة وأن تحضر للانتخابات وتستكمل السجل الانتخابي وفي نفس الوقت تتشكل حكومة الوحدة الوطنية من كفاءات ومستقلين تحظى بدعم كافة التيارات السياسية الفلسطينية. قبل أيام قام الأخ محمود عباس بتكليف الأخ الدكتور سليم فياض وتم تشكيل حكومة فلسطينية يوم 14 ماي. وطبعا نحن نأمل أن نتوصل إلى تنفيذ اتفاق الدوحة في أقرب فرصة لكي تشكل الحكومة التي ستعمل بداية على تنظيم الانتخابات التشريعية والرئاسية".

لكن الاتفاق نص على أن يتولى رئاسة الحكومة السيد محمود عباس... ؟
"انتظرنا طويلا تنفيذ هذا الاتفاق منذ فبراير لكن عندما تعثر التنفيذ لا نستطيع أن نترك أمور السلطة عائمة لهذا تم تشكيل هذه الحكومة وسوف تنتهي مهامها مباشرة بعد تشكيل الحكومة الجديدة المرتقبة وهي حكومة الوحدة الوطنية. المشاورات جارية الآن بين الفصائل الفلسطينية وخاصة بين حركتي فتح وحماس للتوصل إلى خطوات عملية لتنفيذ الاتفاق. ونأمل أن يتم التوصل إلى تنفيذ الاتفاق في أقرب فرصة. على هذه الحكومة أن تعمل في فترة قصيرة ومحددة كما نص عليه الاتفاق أن تقوم بتنظيم الانتخابات التشريعية والرئاسية. أعتقد أن هناك أجواء إيجابية ولكن نريد أن نرى تنفيذا على الأرض لأن الموضوع تأجل عدة مرات وضيع الكثير من الوقت وقضية فلسطين لا تحتمل مزيدا من لانتظار خاصة وأن إسرائيل تستغل هذه الظروف للتوسع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية وخاصة في مدينة القدس. علينا أن نخطو هذه الخطوة بأسرع ما يمكن لنتفرغ لتوجيه الجهد الفلسطيني الكامل تجاه التحرير والاستقلال ووقف الاستيطان ووقف الجدار وتحرير الأسرى وعودة اللاجئين وهي ملفات شائكة وكبيرة تهم كل الشعب الفلسطيني".

" علينا أن نرفع هذا التحدي الكبير.على ذكر التحدي. ألا ترى أنه يقابله تقاعس كبير من قبل المجتمع الدولي تجاه القضية الفلسطينية وتراجع بالمقارنة مع الزخم الذي عرفته العام الماضي فقط ، فاللجنة الرباعية ولجنة مبادرة السلام العربية لم تعودا نشطتين كما كانتا والولايات المتحدة الأمريكي منشغلة بالانتخابات الرئاسية".

أليس الوضع أصعب مما كان علية بالنسبة للدبلوماسية الفلسطينية؟
"الوضع صعب حقا ولكن ليس أصعب بالنظر إلى الإنجازات الكبيرة التي حققتها الديبلوماسية الفلسطينية وجهودها الدولية سواء عن طريق الرباعية وجهود الأمة العربية من خلال الجامعة العربية وجهود الاتحاد الأوروبي بالتحديد كلها تحطمت أمام التعنت الاسرائيلي وعدم قبول وإفشال كافة المبادرات العربية والدولية كل هذا لأن إسرائيل تتمتع بحماية أمريكية بحيث تمنع إصدار أي قرار في مجلس الأمن يقضي بإلزام إسرائيل بهذه الاتفاقيات وتنفيذها على الأرض. من دون شك أن هناك إنجازات تراكمية حققتها القيادة الفلسطينية ونضالات الشعب الفلسطيني منها طرح قضية فلسطين وعضويتها في الأمم المتحدة، حصول فلسطين على العضوية الكاملة في اليونيسكو ومنظمات دولية أخرى أضف إلى ذلك اعتراف واسع من دول العالم بدولة فلسطين وتبادل العلاقات الديبلوماسية مع هذه الدول إلى هنالك من إنجازات حقيقية وملموسة وليست وهمية. هناك أيضا إنجازات على الأراضي الفلسطينية بحيث استطعنا أن نبني المؤسسات الوطنية الفلسطينية ولدينا الجاهزية ليس لإعلان الدولة بشكل صوري أو معنوي وإنما دولة قادرة على تسيير شؤون الشعب الفلسطيني من خلال بناء المؤسسات الوطنية على الأرض من منشآت تعليمية، صحية واجتماعية أو بناء الاقتصاد الوطني الفلسطيني فنحن نسير في عدة مسارات. نقوم بجهد على الساحة الفلسطينية وكذا على الساحة الدولية وأعتقد أن هناك إنجازات ملموسة ومهمة وتاريخ الشعوب يقتضي في بعض الأحيان أن تكون مرحلة النضال والتحرر طويلة. نأمل أن نحقق أهدافنا في أقصر فترة ممكنة".

لماذا تصر الولايات المتحدة الأمريكي في نظركم على أن لا يمر الحل عبر المؤسسات الدولية؟
"الولايات المتحدة منحازة لإسرائيل وتدرك أن أي قرار سيصدر عن الأمم المتحدة سيكون في فائدة الشعب الفلسطيني وبالتالي تبذل جهودا لأن يتفاوض الفلسطينيون والإسرائيليون بشكل ثاني أو برعايتها للتوصل إلى اتفاق لكن التجربة أثبتت، ونحن خضنا في هذا المسار، أن إسرائيل أغلقت كل أبواب التفاوض وهذا يعطيها مزيدا من الوقت للاستيلاء على الأرض وبناء المستوطنات وتدمير الشعب الفلسطيني والبنى الاقتصادية التحتية وخلق واقع استيطاني يمنع في المستقبل إمكانية قيام دولة فلسطينية نأمل إذن أن تتخذ الولايات المتحدة الامريكية موقفا يتناسب ويتناغم مع ما تدعيه من حرية الشعوب وحقها في تقرير مصيرها لكنها منحازة لإسرائيل وستبقى كذلك".

غير بعيد عن الأراضي الفلسطينية تجري في مصر انتخابات رئاسية. في رأيكم هل ستؤثر نتائجها على الوضع الفلسطيني؟
"لا شك أن عملية الانتخابات ممارسة ديمقراطية تسمح للشعب بأن يختار ممثليه ونحن كفلسطينيين مع إرادة الشعوب العربية ونعتقد أن هذه الممارسة ستكون في صالح مستقبل المنطقة العربية. نحن نمارس الانتخابات حتى في وضع الاحتلال. نعتقد أن اختيار الشعوب العربية لما تريد يشكل دعما للقضية الفلسطينية لأن فلسطين لها عمق عربي طبيعي فأي تقدم وأية قوة تصل إليها البلدان العربية هي دعم إضافي لفلسطين".

لكن الثورات العربية أحدثت انقساما داخل الصف العربي ألا يؤثر ذلك على المطالب الفلسطينية؟
"هناك أحداث بالمنطقة العربية تشد انتباه القوى السياسية والنقابية والمجتمعات العربية ككل. لكن نحن على قناعة بأن القضية الفلسطينية قضية عربية وفي وجدان كل عربي والمنطقة العربية تمر بمرحلة مخاض ونأمل أن تكون في النهاية لصالح مستقبل الشعوب العربية ونأمل أن يكون بأقل الخسائر الممكنة وأن تصل الدول إلى وضع مستقر وآمن قادر على أن يكون فعلا مساندا حقيقيا للقضية الفلسطينية وكل القضايا العربية وفي نهاية المطاف علينا أن نقبل جميعا بما تريده الشعوب. وبالمقابل نجد أن إسرائيل هي المستفيدة من أي انقسام عربي أو فلسطيني لأن الدول العربية كلما كانت قوية ومزدهرة وموحدة المواقف كلما قصر الطريق نحن تجسيد المطالب الفلسطينية وتحقيق الأهداف. أعتقد أن العمل العربي المشترك حقق إنجازات ملموسة والبلدان العربية الآن تبحث عن آليات مناسبة".

ألا ترى أن مواقف بلد مثل تركيا أو إيران أكثر وضوحا من مواقف البلدان العربية؟
" كافة الإنجازات التي تم التوصل إليها كانت نتيجة جهود وتنسيق المجموعة العربية حتى طرح قضية فلسطين في الأمم المتحدة والاعتراف بعضويتها لم يكن جهدا فلسطينيا منفردا. مما لا شك فيه أن الدول العربية تحتضن فلسطين وأن المعارك الديبلوماسية على الساحة الدولية يشاركنا فيه كافة أشقائنا العرب. هو أكثر من تنسيق، في كل مرة تعقد اجتماعات داخل الجامعة العربية لوضع خطة عمل للتوجه للساحة الدولية. هناك أكثر من دعم هناك تبني للقضية الفلسطينية". مشاركة المجموعات الإقليمية الأخرى كمنظمة المؤتمر الإسلامي ومجموعة أمريكا اللاتينية والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي وحركة عدم الانحياز لا تتم إلا بالتنسيق مع جهود المجموعة العربية. من الظلم أن نجلد الموقف العربي. هناك طبعا ظروف تمر بها بعض الدول وشيء طبيعي.

وبالنسبة لموقف الجزائر؟
"في بعض الأحيان أخجل عندما أسأل عن مواقف الجزائر. الجزائر لها تاريخ ولها مواقف ولها ممارسات لا تحتاج الجزائر إلى شهادة أحد. منذ نشأة الثورة الفلسطينية هناك موقف جزائري ثابت ومبدئي يلخص أن قضية فلسطين هي قضية جزائرية وحظيت فلسطين باحتضان ودعم جزائري سياسي ومعنوي وإعلامي ومادي. مواقف الجزائر علم ناصع ليس فقط تجاه قضية فلسطين وإنما تجاه جميع القضايا التحررية العادلة فهنيئا للجزائر ونحن لها شاكرون".

هل من كلمة أخيرة؟
"أهنئ الجزائر وشعبها وقواها السياسية على هذا الاستحقاق الديمقراطي الذي جرى في 10 ماي وهو الانتخابات التشريعية. ونعتقد أنها عنوان للممارسة الديمقراطية الحقيقية والتي أفرزت طبعا نتائج مكنت من تشكيل مجلس شعبي. نتمنى للجزائر مزيدا من التقدم لأننا نعتبر الجزائر كذخر حقيقي للقضية الفلسطينية ونتمنى كل خير للجزائر وشعبها. العرس الديمقراطي الذي تم في 10 ماي نفتخر به ونعتقد أنه يعزز المسار الديمقراطي. الجزائر دفعت ثمنا باهظا لنيل استقلالها. وعلى هذا الجيل أن يكون حريصا على الحفاظ على هذا الرصيد لأن ثمنه غالي".
حاوره احسن خلاص