غزة – وكالة قدس نت للأنباء
عمت أجواء من الفرحة الممزوجة بالألم والحزن قلوب أهالي شهداء فلسطينيون كانوا محتجزين لدى إسرائيل، على مدار سنوات فيما يعرف بـ" بمقابر الأرقام"، كعقاب تفرضه على أهاليهم، الذين لم يفقدوا الأمل للحظة واحدة بأن أبنائهم سيعودون ويدفنون بينهم على تراب أرضهم التي ضحوا من أجلها.
وأستقبل أهالي الشهداء أبنائهم بالزغاريد والورود فور وصولهم معبر بيت حانون" إيرز" شمال قطاع غزة، في موكب جنائزي رسمي وشعبي لفوا خلاله بالأعلام الفلسطينية،مما دفع والد الشهيد معاويـة أحمـد سعيد روقـة، أن يعلن عن نيته إقامة عرساً لابنه الشهيد.
ويصف روقة فرحته لمراسل وكالة قدس نت للأنباء سلطان ناصر بأنه سعيداً للغاية بعودة جثمان ابنه الذي احتجزته إسرائيل ما يقارب 17 عاماً داخل مقابر الأرقام، مؤكداً أنه سيقيم له عرساً فلسطيني يستقبل من خلال تهاني ومباركات المواطنين، معبراً عن فخره الشديد بأنه تمكن من النيل من الإسرائيليين خلال العملية الفدائية التي نفذها ضدهم.
انتصر مجدداً..
ونفذ الشهيد معاويـة أحمـد سعيد روقـة من سكان مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة،عملية فدائية، فجر خلالها سيارته التي كان يستقلها في صباح 25 يونيو من عام 1995م ، بالقرب مجمع المستوطنات الذي كان يقام على أرض خانيونس، معلناً وقتها تحقيق حلمه بالشهادة، في تلك العملية التي تبنتها حركة حماس.
ويعتبر روقة أن خروج جثمان ابنه انتصار جديد حققته المقاومة الفلسطينية، موضحاً أن ابنه تمكن من الانتصار على الاحتلال وهو على قيد الحياة من خلال تنفيذ عمليته الفدائية ، وانتصر مجدداً وهو شهيداً عندما خرج من مقابر الأرقام، ليدفن وسط أهله وأحبابه.
قلب" تل أبيب". ..
في الرابع من شهر مارس آذار لعام 1996، نفذ الشهيد رامز عبد القادر عبيد، عميلة فدائية تبنتها حركة الجهاد الإسلامي، عندما فجر نفسه داخل مدينة تل أبيب، ليقتل ثلاثة وعشرين إسرائيلي، واحتجزت إسرائيل حينها جثمانه في مقابر الأرقام، ليمضى 16 عاماً ونصف، ويعود اليوم موشحاً بالعلم الفلسطيني إلى أهله.
ويوضح شقيق الشهيد رامز - أسامة عبيد - من سكان مدنية خانيونس أن "فرحتهم لا يمكن وصفها على الرغم من الحزن الشديد، مؤكداً أنهم كمسلمين على يقين بأن الجثمان بالدرجة الأولى مهمة، لأن الروح تصعد إلى خالقها، وأنه من الطبيعي والمتعارف عليه أن يدفن الجثمان بالقرب من الأهل ليتمكنوا من زيارته ويخفف عليهم حزنهم".
ويصف عبيد أجواء الانتظار في بيتهم قائلاً" الأهل والأقارب والأحباب والجيران الكل من حولنا ينتظر بفارغ الصبر لحظة وصول جثمان الشهيد رامز لأنه رمز المحبة والعطاء، مؤكدا أن أمهم تنتظر بفارغ الصبر لحظة وصوله للبيت، وأنها لم تتمكن من الحضور إلى المعبر بسبب معاناتها الصحية.
سيدفن بجوار والده...
ويشير إلى أن أمه كانت تتمني أن يكون جثمان رامز مدفون بقربها، لتتمكن في كل وقت من زيارته وقراءة الفاتحة على روحه، ووضع الزهور على ضريحه، مبيناً أن هذه الأمنية كانت لوالده الذي توفي قبل عاما ونصف، منوهاً أنه سيدفن بجوار والده.
ويتمنى عبيد أن تفرج إسرائيل عن باقي رفات الشهداء الفلسطينيون الذين تحتجزهم داخل مقابر الأرقام ويتمكن أهاليهم من دفنهم في أرضهم، داعيا في الوقت نفسه الكل الفلسطيني بضرورة السعي في كل وقت من أجل تحرير هؤلاء الأبطال الذين ضحوا بأنفسهم من أجل الوطن.
معبر "كيسوفيم" ...
ويعبر شقيق الشهيد نائل محمد عمر عن سعادته وعائلته اليوم بخروج جثمان أخيه من داخل مقابر الأرقم بعد احتجازه لمدة 18 عاماً، مؤكداً أنهم لم يفقدوا الأمل بعودة جثمان أخيهم، موضحاً أن كافة الأهالي والأقارب سعيدين وينتظرون وصوله إلى البيت.
يقول شقيق الشهيد ماهر عمر إن "ولدته توفيت بعد فترة من استشهاد أخيه جراء حزنها الشديد عليه، ومبيناً أنها كانت تتمني رؤيته، وإلقاء نظرت الودع عليه قبل وفاتها ولكن مشيئة الله قدرت لها الوفاة"، مشيراً إلى أنه أخير سوف يدفنون أخيه في أرضه ويعرفوا مكانه ويزورنه.
لن يصبح رقم...
نفذ الشهيد عمر الذي خرج من مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة عملية فدائية على معبر "كيسوفيم" العسكري جنوب قطاع غزة بتاريخ 18/4/2004 ووقع فيها عددًا من القتلى والجرحى في صفوف جنود الاحتلال الاسرائيلي، وتبنت كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح تلك العملية.
ويوضح أن خروج جثمان أخيه اليوم من المقابر الأرقام يعتبر انتصار جديد، قائلاً" اليوم لم يصبح أخي رقم داخل مقبرة، وسيدفن في أرضه التي أستشهد عليها من أجل أن نعيش نحن بكرامة وحرية، وسيصح له قبر واسم شهيد مكتوب عليه".
وسلمت إسرائيل هذا اليوم السلطة الفلسطينية جثامين 91 شهيداً كانوا محتجزين في مقابر الأرقام، وذلك وسط استقبال رسمي وشعبي حاشد ، حيث جرت مراسم رسمية وعسكرية مهيبة لتشييع رفات الشهداء.
واستقبلت مدينة غزة جثامين 11 شهيداً من معبر بيت حانون "إيرز", فيما استقبلت مدينة رام الله 79 شهيداً بمهرجان وطني بمقر الرئاسة بحضور رسمي وشعبي.