من لا يشكر الناس لا يشكر الله

بقلم: رمزي صادق شاهين


ليس من العيب أن نحمل شيئاً من الجرأة حتى نضع النقاط على الحروف ، وحتى لا نكون مثل الذين يجلدون أنفسهم ، والذين يهدمون قلاعهم بأيديهم من خلال الإنصياع لخرافات ومقولات لا تمت للواقع بأي صلة ، وكأن كُل شيئ يأتي من فراغ ، دون أن يُسبب الله الأسباب لحدوث هذا الموقف أو ذاك .

الدم على الدم جسور كما يقول المثل ، فنحن الفلسطينيين الذين تقاتلنا وسالت دماء الأشراف فينا من أجل السياسة وكرسي الحُكم ، لازلنا نناقض أنفسنا وكأن ما نحن فيه ليس امتداد طبيعي لحالة عشناها ونعيشها منذ عام 1994م وهي مرحلة الانطلاق من الانتفاضة إلى أول طريق الدولة من خلال المرحلة الانتقالية وتوقيع اتفاقيه أوسلو ، هذا الاتفاق الذي ضربته إسرائيل بعرض الحائط .

تعودنا على قادة فصائلنا الفلسطينية أن يقدموا الشكر لكُل العالم ، حتى لو كان هذا الشكر لمن تسبب يوماً في نكبتنا ، أو من يقتلنا بسلاح يُعطيه لإسرائيل ، أو لدولة تقف معنا في العلن وتتآمر علينا في الخفاء ، لكننا بين أنفسنا جاحدين ، لا يمكن لأحدنا أن يقول شكراً لفلسطيني على قضية قام بإنجازها ، برغم أهمية هذه القضية ، وكأن الوفاء شيمة تركناها وراء ظهورنا ، وأصبحت كُلمة الحق عيب لأننا مختلفين سياسياً أو فصائلياً .

مع إتمام صفقة شاليط وقف كُل الشعب الفلسطيني أمام الحقيقة ، ليقول الحمد لله ، والشكر لأبطال القسام الذين تمكنوا من تركيع هذا المُحتل ، وأطلقوا سراح قادتنا وأبطالنا من سجون القهر والموت ، وبالتأكيد وقف كُل الشعب الفلسطيني بفصائله وعائلاته خلف هذا الموقف المُشرف والذي مكن مجموعة محدودة الإمكانيات ، من الحفاظ على كنز كبير بالنسبة لدولة الأمن والمعلومات ومبادلته بأسرانا الأبطال .

اليوم تمكنت السلطة الوطنية الفلسطينية ، وخلفها شعبنا الفلسطيني المُخلص ، من إتمام قضية الشهداء الأبرار في مقابر الأرقام ، هذه القضية التي جاءت نتيجة جهد رسمي فلسطيني قامت به الدوائر الرسمية في السلطة الوطنية ، ومهما كان عدد المُفرج عنهم من الشهداء ، إلا أنه إنجاز يجب أن يُضاف إلى سجل الإنجازات التي تتحقق ، خاصة ونحن نتعامل مع إسرائيل التي لا تعترف لا بمعاهدات ولا باتفاقيات ولا تحترم حقوق البشر الأحياء ولا الشهداء .

رأينا البعض يحاول من تقليل أهمية الجهد من خلال تصريحات باهتة الطعم والرائحة ، والبعض لم يُعطي الموضوع أي اهتمام وكأنه تم بدون أي جهد ، وآخر اعتبره إنجاز لحركته ومقاومتها ، وآخر قام بإنساب هذا الجهد لنفسه ، وهو في الحقيقة لا يحمل أي معلومات عن أسماء الشهداء المفقودين منذ عشرات السنوات ، كما حصل مع أبطال عملية ( سيفوي ) .

السلطة الفلسطينية والرئيس أبو مازن لا يحتاجون إلى كُلمة شكر من أحد ، لكن الوفاء مهم في حياتنا نحن الشعب الفلسطيني ، فلا يجوز أن نكون بهذه الحالة من الكراهية والحقد على أنفسنا ، فنحن شعب أحوج إلى التراحم بيننا ، أن نكون موحدين في خطابنا وتوجهاتنا حتى لو اختلفنا سياسياً أو فصائلياً ، فلننظر إلى الشعب الإسرائيلي كيف يتوحد عندما يتعلق القرار بإنجاز وطني ، أو بمصلحة دولتهم أو مستقبلهم ، أما نحن فنتسابق لكي نقلل من أهمية بعضنا ونسعى جاهدين لتعطيل مشاريعنا المتعلقة بتحقيق حقوقنا الوطنية .

&&&&&&&&
إعلامي وكاتب صحفي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت